عدد رقم 5 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
وحدث بعد هذه الأمور  

   وردت هذه العبارة كثيرًا في سفر التكوين، إلا أنه من المُلذ لنا أن نتأمل في مرتين هامتين وردت فيهما هذه العبارة في هذا السفر:
   «وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ» (تك22: 1).

   «وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ» (تك39: 7).

   نحن هنا بصدد الكلام عن شخصين فاضلين، وعن رجلين محبوبين لدى جميع المؤمنين، كلاهما ذُكِرَا ضمن سحابة الشهود في (عبرانيين 11). 

   في المرة الأولى (تك22: 1) جاءت بالارتباط برجل شيخ طاعن في السن، وفي المرة الثانية (تك39: 7) جاءت بالارتباط بشاب في عنفوان الشباب.  المرة الأولى جاءت بصدد الجد إبراهيم، والمرة الثانية جاءت بصدد الحفيد يوسف.  وفي المرتين جاءت بالارتباط بتجربة.  على أنه في المرة الأولى كان الله هو
مصدر التجربة وهو مُجرِي الامتحان، بينما التجربة الثانية كان مصدرها الشيطان.  والشيء الرائع أن الشيخ نجح نجاحًا باهرًا، والشاب انتصر انتصارًا رائعًا.

   والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف استطاع إبراهيم أن ينجح هكذا في امتحان هو الأصعب على شيخٍ مُسن، وهو أن يأخذ ابنه وحيده الذي يحبه إسحاق ويصعده محرقة على المذبح؟!  وكيف استطاع يوسف أن ينتصر على تجربة هي الأعنف والأقسى على شابٍ نظيره، وهي أن يقول: لا! لنفسه ولامرأة
فوطيفار التي كلمته يومًا فيومًا وأغوته بكثرة فنونها؟!

   الجواب الأكيد هو لأن كليهما تميزا بالشركة مع الله.  والشركة العميقة لا تتجلى في جودة الكلمات، بل في عظمة الأفعال.  لم يكن إبراهيم رجل الخيمة فقط لكنه كان رجل المذبح أيضًا، وقد تمتع بظهور الرب له والحديث المباشر معه عدة مرات.  كان الله حقيقة حية أمامه، وقد استحق لقب خليل الله، لا مرة بل ثلاث مرات.  ويوسف تميزت شركته مع الله بالعمق، وانعكس ذلك في استحضاره لله دائمًا وأينما وُجِدَ، حتى عندما لم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت.  لهذا قال لها: «كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله».  إن مؤمنًا بلا شركة هو مؤمن بلا قوة، وما الضعف في الحياة الروحية إلا نتيجة لشركة ضعيفة، وغياب الشعور بحضور الله.

   عزيزي لا بد أن يمتحن الله، ولا بد أن يُجَرِّب الشيطان، ولا نجاح في الأولى ولا نصرة في الثانية إلا لمن عرف قيمة وأهمية الشركة مع الله، ومعنى العيشة في نور حضرته، فهل أنت كذلك؟

                                                                                                                                                             

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com