عدد رقم 2 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ماذا عن الثالوث في العهد القديم؟  

س -  نعلم أن العهد القديم قد أعلن إلهًا واحدًا، فالجميع يعرف أن اليهودية تؤمن بإله واحد، لكن هل من ذكرٍ في العهد القديم لنوع وحدانية الله، أو أي ذكر للأقانيم؟

جـ - نعم .. فالإعلان عن وحدانية الله في العهد القديم حقيقة واضحة تمامًا، فمثلاً يرد في

  • (تثنية 6: 4) «إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ».
  • وفي (اشعياء 44: 6) «هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ رَبُّ الْجُنُودِ: «أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي».
  • وفي (اشعياء 45: 5) «أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلَهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي».

من الواضح من هذه الشواهد أن العهد القديم لا يعلن فقط أن الله واحدٌ، وحيدٌ، لا غيره، ولا سواه.  لكن أيضًا يعلن نوع وحدانية الله الوحدانية الجامعة المانعة، ففي أولى صفحات العهد القديم في الأصحاح الأول من سفر التكوين يرد القول : وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا». (تكوين1: 26)

فهو يتكلَّم عن الله بصيغة المفرد «وَقَالَ اللهُ»، كما أيضا يتكلَّم بصيغة الجمع «نَعْمَلُ-  صُورَتِنَا-  كَشَبَهِنَا».

وأيضاً في (تكوين3: 22) يرد القول: وَقَالَ الرَّبُّ الإلَهُ: «هُوَذَا الإنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».  واحدٌ منا أي واحدٌ من جمع.

وفي (تكوين11: 7) يتكلَّم الله قائلاً: «هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لا يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ».  وهنا نجد أن الله ليس فقط يتكلَّم بصيغة الجمع لكنه أيضًا المُتكلِّم و المُخاطَب في نفس الوقت.

وفي سفر إشعياء يرد القول في (إشعياء6: 8): «ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قائلاً: «مَنْ أُرْسِلُ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟»، فالسيد الرب يتكلَّم قائلاً: «مَنْ أُرْسِلُ (أنا) وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا (نحن)؟»

والذي يجدر ملاحظته هنا أن الجمع ليس لغرض التعظيم وذلك على الأقل لسببين:

أولاً-  أن اللغة العبرية التي دون بها العهد القديم لا تعتمد استخدام أسلوب الجمع للتعظيم.

ثانيًا- لو كان الكلام عن الله بأسلوب الجمع للتعظيم، لكان الكتاب قد التزم في كل مرة يتكلَّم فيها عن الله  أن يتكلَّم بأسلوب الجمع، ولكن الحادث أن الكتاب يتكلَّم مرة عن الله بالجمع ومرة بالمفرد.  ويكون المدلول: أن الله واحدٌ في جمع، واحدٌ وحدانية جامعة، وجامعٌ في وحدانيته.

ووحدانية الله جامعة لكل مستلزمات الأُلوهية، جامعة لكل مايلزم قيام كائن إلهي مستغنٍ بذاته عن الكل سواه.

على أن العهد القديم لم يتكلَّم فقط عن وحدانية الله الجامعة، بل أعلن لنا الأقانيم الثلاثة:الآب والابن والروح القدس كأقانيم إلهية.

  • فعن الآب والابن، نستمع إلى الابن متكلِّمًا في المزمور الثاني معلنًا:

«إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ. قَالَ لِي: أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.  اِسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكاً لَكَ.  تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ».

 وبناءً على هذا الإعلان يُحذِّر الروح القدس الملوك والقضاة ، مرشدًا إلي التصرف السليم تجاه هذا الابن الإلهي بتقديم العبادة والإكرام له، مُطوِّبًا كل من يتَّكل عليه قائلاً:

«فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ.  اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ.
قَبِّلُوا الاِبْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ.  لأَنَّهُ عَنْ قَلِيلٍ يَتَّقِدُ غَضَبُهُ.  طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ». (مزمور 2: 7- 12)

  ونقرأ أيضًا في سفر الأمثال 30: 4 بعض الأسئلة التي إجابتها: الله فقط وليس سواه، ثم يفاجئنا بالسؤال عن اسم الله واسم ابن الله: 
«مَن صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَن جَمَعَ الرِّيحَ في حُفْنَتَيْهِ؟ مَن صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ مَن ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟» (أمثال 30: 4)

  • وعن الروح القدس يتكلَّم العهد القديم ناسبًا إليه عمل الله كالخالق

ففي أيوب 33: 4 نقرأ: «رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي».
وأيضاً في مزمور 104: 30  نقرأ: «تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ. وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ».

ومن الجدير بالذكر هنا أن العهد القديم يجمع أيضًا الثلاثة أقانيم معًا

ففي إشعياء 48: 16 نستمع إلي الابن قائلاً : «تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا هَذَا. لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ».
فالآب و الروح القدس ساعة التجسد أرسلا الابن الموجود منذ الأزل.

وأيضًا في إشعياء 61: 1 يتكلَّم الابن بروح النبوة قائلاً: «رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ».

ولا يخفى علينا أن المسيح قد قرأ هذا الجزء من سفر إشعياء وطبَّقه علي نفسه، في أول عظة له في مجمع الناصرة كما نقرأ في إنجيل لوقا 4: 16- 22
ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ.  فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ».

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com