عدد رقم 2 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أيها العطاش جميعًا هلموا إلى المياه  

"مَنْ يعطشْ فليأتِ. ومَنْ يُردْ فليأخذْ ماءَ حياةٍ مجانًا" (رؤ 17:22).

الإنسان مخلوق ثلاثي يتكون من روح ونفس وجسد (1تس5: 23).  وكل عنصر له احتياجاته الخاصة.  وقد بذل الإنسان كل جهده لإشباع احتياجاته الجسدية والنفسية، ونسي أن حاجة الروح إلى الله هي الأهم، وأنه لا يستطيع أن يستغني عنه.  وقد قال الرب يسوع: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله» (مت4: 4).  والمسيح هو خبز الحياة (يو6: 18) ونور الحياة (يو1: 4و5)، وهو مَنْ يُعطي ماءَ الحياة مجانًا (رؤ22: 17).

كانت المرأة السامرية تحتاج إلى الرب يسوع، لكنه في لقائه معها ( يو 4) أخذ مركز المُحتاج، فقال لها: «أعطيني لأشرب»، ويا له من مُخلِّص فريد! لم يتحدث معها عن خطاياها وفجورها، ولا عن الزرع والحصاد والدينونة العتيدة، لكنه استخدم أرقى وألطف العبارات ليجتذب قلبها.

لم تكن تعلم شيئًا عن عطية الله (الماء الحي)، ولا مَنْ هو الذي يتكلَّم معها، وكانت تفكر فيما هو حسِّي وجسدي فقط.  قال لها يسوع: «كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا».  بمعنى أن ما يُقدِّمه العالم من إغراءات وملذَّات لن تُحقق الاكتفاء والارتواء بل ستُعمق الفراغ في النفس أكثر.  وأما الذي يشرب من الماء الحي الذي يعطيه هو فلن يعطش إلى الأبد.  وكان الرب يتكلَّم عن الروح القدس، النبع الفائض الذي يروي الإنسان ويملأ فراغه ويستحضر السعادة الحقيقية إلى قلبه، وعندئذ فإن نفسه لن تحتار عطشى.

لم تفهم المرأة ما كان يقصده فقالت له: «يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي» (يو4: 15).  وهو من جانبه كان يريد أن يعطيها، لكنه قبل أن يعطي لا بد أن يُطهِّر الإناء أولاً، لذلك قال لها: «اذهبي وادعي زوجك وتعالي إلى ههنا»، فقد كان يعرف الداء الدفين في أعماقها، وهذا الطلب حرَّك ضميرها ومواجع الخطية بداخلها، والنعمة لا تتجاهل الخطية، ولا بركة بدون توبة.

«لا دلو لك والبئر عميقة»، بهذا وصفت المرأة ما يُقدِّمه العالم للإنسان.  فآبار العالم عميقة، والوصول إلى مياهها عسير ومُكلِّف ولا يُروي، أما الرب يسوع فهو على أتم الاستعداد أن يعطي ماء الحياة مجانًا لمَنْ يشعر بالاحتياج ويأتي بالاتضاع(رؤ22: 17).

ومياه العالم تختلف تمامًا عن الماء الحي الذي يعطيه الرب يسوع:

أولاً: مياه العالم وأوصافها:

  1. مياه لا تروي: إن البئر العميقة تُعبِّر عن فراغ النفس وعمق احتياجاتها، وهذا لا يملأه سوى الرب.  يقول داود «داخل الإنسان وقلبه عميق» (مز64: 6).  فالإنسان مثلاً يحتاج إلى الحُب، وأين المحبة الصحيحة المُخْلِصة؟ إن بئر الحب العميقة فينا لا يمكن أن يملأها إلا المُحب الحقيقي وحده، ربنا يسوع المسيح.  وكم من أناس ينتحرون لأنهم لم يجدوا مَنْ يُشبع جوعهم للحب.
  2. مياه العالم تُنعش وقتيًا ولا تدوم:  إن فرح الفاجر إلى لحظة، والأشرار «يحسبون تنعُّم يوم لذَّة» سرعان ما تزول(2بط2: 13)، ولهذا فإن الإنسان يعطش أيضًا.  ومهما سعى وامتلك من العالم، فإن كل هذا ينتهي بانتهاء الحياة، و«ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟».
  3. مياه العالم رديئة:  قال رجال أريحا لأليشع عن المدينة: «هوذا موقع المدينة حسن... وأما المياه فرديَّة، والأرض مُجدبة» (2مل2: 19).  وهكذا فإن مصادر العالم المُنعشة فاشلة في إشباع احتياجات النفوس.
  4. مياه العالم مُكلفة: إن إبليس يخدع النفوس ويغريها، ويدفع الإنسان للأوهام بأغلى الأثمان.  ولا توجد مياه بلا ثمن.  إنه يبيع كل شيء ولا يُعطي مجانًا أي شيء.  والثمن قد يكون هو: المرض أو السجن أو المعاناة النفسية أو الأسرية أو المادية أو ضياع الصحة والكرامة.  لقد شرب شمشون من مياه العالم لكنه دفع حياته في النهاية ثمنًا لشهواته.  وكذلك داود دفع ثمنًا باهظًا لهذه المياه، إذ كان «يُعَوِّم في كل يوم سريره بدموعه» (مز6: 6)، وكان عليه أن يحصد بمرارة.
  5. مياه العالم لا تصلح للأبدية:  فالغني الذي عاش يتنعَّم كل يوم مُترفِّهًا، بعد أن مات ودُفن ورفع عينيه وهو في الهاوية في العذاب، طلب قطرة ماء يُبرد بها لسانه لأنه مُعذَّبٌ في اللهيب، لكن هيهات، فمن ذا الذي يستطيع أن يصل بهذه القطرة إليه في الجحيم؟ (لو16: 24).

ثانيًا: الماء الحي الذي يروي:

   إن الماء الحي الذي يعطيه الرب يسوع هو الذي يروي النفس ويسعدها بصفة دائمة فلا تعطش إلى الأبد.  لقد قال المسيح على الصليب، بعد ساعات الظلمة حيث احتمل نيران الدينونة: «أنا عطشان»، ليُعطي كل عطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا.

عزيزي القارئ: ليتك تشعر بعطشك وتقتنع ببطلان ما يُقدِّمه العالم، وتستمع إلى نداء المسيح، وتُقبل إليه لترتوي قبل أن تضيع الفرصة فتمضي إلى العطش الأبدي في عذاب الجحيم بدون رجاء.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com