عدد رقم 1 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الخطبة في المفهوم المسيحي  

عندما نتكلَّم عن الخطبة نحن نتكلَّم عن مرحلة هامة جدًا في رحلة الحياة الزوجية، بل مرحلة لها ذكرياتها الجميلة في حياة الخطيبين، ونظرًا لأهمية هذه المرحلة نجد إشارات كثيرة لها في كلمة الله.

فبالطبع لا يمكن أن ننسى أشهر خطيبين في التاريخ وهما مريم العذراء ويوسف الذي من الناصرة (مت 18:1؛ لو 27:1).  ومن الجهة الأخرى نرى أن الله يُشبِّه علاقته بشعبه القديم، بعد الفداء بواسطة خروف الفصح، بفترة الخطبة فنقرأ القول: «ذكرت لك غَيْرَةَ صِبَاكِ، محبة خِطْبَتِكِ» (إر 2:2).  وكذلك عن استرداد العلاقة مع البقية في المستقبل يقول: «أخطبك لنفسي إلى الأبد، وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم، أخطبك لنفسي بالأمانة» (هو 19:2،20).

وكذلك في العهد الجديد تُشبَّه علاقة المسيح بالكنيسة في الوقت الحاضر بمرحلة الخطبة فنقرأ القول: «خطبتكم لرجلٍ واحدٍ، لأُقدِّم عذراءَ عفيفةً للمسيح» (2كو 2:11).  وأيضًا «لنفرح ونتهلَّل ونُعطهِ المجد! لأن عُرس الخروف قد جاء، وامرأته هيأت نفسها» (رؤ 7:19).

من هذه الإشارات نستطيع أن نُلخِّص المبادئ الأساسية لفترة الخطبة في النقاط التالية:

1- الخطبة فترة انتقالية وليست اختبارية:
عندما نقرأ القول: «أخطبكِ لنفسي إلى الأبد»، وكذلك «خطبتكم ... لأُقدِّم» نفهم أن قرار الارتباط قد أُتخذ فعليًا، وفترة الخطبة ما هي إلا مرحلة انتقالية تقود إلى العُرس، وليست مرحلة اختبار لمعرفة هل يمكن إتمام الزواج أم لا. 

لهذا فهي خطوة هامة جدًا لا يجوز التسرع في اتخاذها بل علينا التأني والاختبار الفعلي لكافة الأمور حتى نتأكد من مشيئة الرب في هذا الأمر.
ومن الجهة الأخرى هي مرحلة هامة وضرورية حيث ينتقل فيها الخطيبان من مرحلة العزوبية والحياة المستقلة التي كانا يعيشانها كلٌ مع عائلته وأصدقائه ومجتمعه الخاص، إلى حياة جديدة يرتبطان فيها معًا في وحدة كاملة مدى حياتهما على الأرض.

2- الخطبة مرحلة تجهيز وتحضير للزواج:

ينشغل الخطيبان كثيرًا بالتمتع بعلاقتهما معًا خلال هذه الفترة، وليس في هذا أي خطأ، ولكن من الهام أن يعملا معًا للتجهيز والإعداد لمرحلة الزواج القادمة التي ستستمر مدى حياتهما ولم يسبق لهما العيش فيها.  وهذا ما نتعلَّمه من فترة وجود الكنيسة على الأرض حيث يُعدُّها الرب «لكي يُحضرها لنفسه كنيسةً مجيدةً» (أف 27:5)، وهكذا نراها عندما يأتي عُرس الخروف، وقد «هيأت نفسها، وأُعطيت أن تلبس بزًا نقيًا بهيًا» (رؤ 7:19، 8).

3- الخطبة مرحلة بدء بناء الوحدة الروحية والنفسية:

  نتعلَّم أن الخطبة هي فترة اقتراب وانفتاح الخطيبين على بعضهما ليكتشفا نقاط التوافق والاختلاف بينهما.   ويبدأ كلٌ منهما في تعلُّم كيف يقبل الآخر، وكيف يخرج عن التمركز حول نفسه لخدمة الطرف الآخر وإسعاده، وعندها يسيران معًا في الخط الصحيح لتحقيق الوحدة الروحية والنفسية.

4- الخطبة مرحلة التدريب العملي على حياة الأمانة الصحيحة:

وعلى الخطيبين أن يتعلَّما حياة الأمانة المتبادلة سواء من جهة المبادئ الحياتية أو حفظ واحترام الوعود المتبادلة لكي يصون كلٌ منهما نفسه للآخر.  ومن الجهة الأخرى الممارسة العملية للشفافية والمحبة الصادقة.

إن كانت هذه هي فترة الخطبة وأهميتها، فماذا يحدث إذا وجد أحد الخطيبين أو كلاهما أن علاقتهما تسير في منعطف خطر يومًا بعد يوم، وأن كل المحاولات باءت بالفشل في حفظ العلاقة واستمرارها نظرًا لوجود أحد الأسباب الآتية:
  1. عدم القدرة على التوافق الفعلي وقبول الآخر نظرًا لوجود اختلافات جوهرية أساسية بينهما.
  2. اكتشاف أمراض جسدية أو نفسية لم يُعلَن عنها سابقًا عن قصد أو غير قصد.
  3. اكتشاف مشاكل عائلية أو قانونية أو علاقات غير صحيحة لم تكن معروفة سابقًا ويمكن أن تؤثر سلبيًا على الحياة الزوجية مستقبلاً.
وهنا يأتي السؤال هل من الخطأ فسخ الخطبة وإنهائها؟!
إن الإجابة على هذا السؤال تأتي في العدد القادم.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com