هذا هو حديث كنتي نُعمي مع حماتهما، ورغبتهما في الرجوع معها، وهذا يُرينا قوة الشهادة وتأثير حديث نُعمي عليهما. فرغم أن نُعمي كانت في حالة روحية ضعيفة جدًا، وفي أرض موآب الملعونة، لكن النعمة التي أثَّرت فيها لترجع إلى بيت لحم حيث شعب الله، جعلت كنتيها تلحظان قوة رغبتها في العودة مما جعلتهما أيضًا يرغبان بشدة في العودة معها.
وهنا نرى تأثير الشهادة الفردية، ففي نُعمي نرى رمزًا للمؤمن، فمهما ضعفت حالته فإنه لا زال في يد الرب. فإذ عملت نعمة الله في قلب نُعمي فقد تفكَّرت في أيام البركة عندما كانت موضوع مسرة الله، وتذكَّرت الأمور الثمينة التي يُعطيها الله لشعبه بالنعمة وما زال يُعطيها. وإذ تكلَّمت مع كنتيها عن هذه الأمور، عن بيت لحم يهوذا وعن شعب الله وعن إله إسرائيل وحرمانها من ذلك كله، فإن كلماتها المؤثرة ورغبتها الشديدة في الرجوع كانت لها أعمق الأثر في الكنتين، لقد رأتا أنها تؤمن يقينًا بما تتكلَّم به وأنها تُصر على الرجوع. وهذه هي قوة الشهادة الفردية.
هكذا معنا. فخدمتنا من كلمة الله لها قوَّتها وفاعليتها. ولكن شهادتنا لن تكون حيَّة وفعَّالة إلا عندما يشعر الآخرون أن ما نتكلَّم به هو ما نحياه تمامًا في قلوبنا ويُشكِّل جوهر حياتنا.
هل تظن أن أولادك سوف يصدقونك إذا أخبرتهم أن الرب يسوع هو المصدر الوحيد للسعادة في حين يرونك تتصرَّف عكس ذلك؟! وهل تظن أن كلماتك سيكون لها التأثير على أفراد أسرتك إذا كنت تجبرهم على ضرورة الوجود في محضر الله والالتفاف حول الرب وأهمية الشركة مع القدِّيسين، وهم يرونك مُرتبكًا تمامًا في العالم ولا تُعطي هذه الأمور سوى اليسير من الوقت؟! يقينًا لا.
لقد كان لشهادة المعمدان أثر عميق في نفوس سامعيه عندما شهد قائلاً: «هوذا حَمَلُ الله»، فتركه سامعوه وتبعوا الرب. لقد أثَّرت شهادته فيهم بقوة لأنها شهادة نابعة من أعماق قلبه. واقتنعوا أنه - تبارك اسمه - لا بد أن يكون صاحب مجد رفيع حتى أنه أثَّر هكذا على قلب المعمدان مُعلِّمهم العظيم.