أولاً: الوبأ وأسبابه؟ الوبأ نوع من المعاملات الإلهية مع الناس لعلهم يشعرون (إر10:
18).
وتسجل لنا كلمة الله بعضًا من أسباب
الوبأ:
(1) العناد: الأمر الذي يكرهه الرب تمامًا، وفي
نظره كالوثن والترافيم (1صم15: 23). فبسبب
عناد فرعون أرسل الرب الوبأ (خر9: 13-35).
(2) عدم سماع كلمة الرب والسلوك بمقتضاها
: فنقرأ في
تثنية 28: 15، 21 «إِنْ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ
تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ، يُلْصِقُ
بِكَ الرَّبُّ الْوَبَأ» (انظر أيضًا خروج 9: 1-7؛ إر29: 17-19؛ حز5: 5-12).
(3) عدم الإيمان: فسبب كلام
الجواسيس العشرة، وعدم إيمان الشعب، وتفكيرهم في الرجوع إلى مصر، غضب الرب جدًا،
وأرسل الوبأ «فَمَاتَ الرِّجَالُ الذِينَ أَشَاعُوا المَذَمَّةَ الرَّدِيئَةَ عَلى
الأَرْضِ بِالوَبَإِ أَمَامَ الرَّبِّ» (عد14: 3، 26-38).
(4) التذمر: فعندما أخذ ”قُورَحُ وَدَاثَانُ
وَأَبِيرَامُ“ يُقَاوِمُونَ مُوسَى وهارون، كان قضاء الرب عليهم «وَفَتَحَتِ
الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلعَتْهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَكُل مَنْ كَانَ لِقُورَحَ مَعَ
كُلِّ الأَمْوَالِ، فَنَزَلُوا هُمْ وَكُلُّ مَا كَانَ لهُمْ أَحْيَاءً إِلى
الهَاوِيَةِ، وَانْطَبَقَتْ عَليْهِمِ الأَرْضُ فَبَادُوا مِنْ بَيْنِ الجَمَاعَةِ»
(عد16: 32، 33). ونتيجة لهذا الحادث «تَذَمَّرَ
كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل فِي الغَدِ عَلى مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلِينَ:
أَنْتُمَا قَدْ قَتَلتُمَا شَعْبَ الرَّبِّ» (عد16: 41). وبسبب هذا التذمر أرسل الرب الوبأ على الشعب «فَكَانَ
الذِينَ مَاتُوا بِالوَبَإِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلفًا وَسَبْعَ مِئَةٍـ، عَدَا
الذِينَ مَاتُوا بِسَبَبِ قُورَحَ» (عد16: 49).
(5) الزنا وعبادة الأوثان: فعندما زنى
الشعب مع بنات موآب، وسجدوا لآلهتهن «كَانَ الذِينَ مَاتُوا بِالوَبَإِ أَرْبَعَةً
وَعِشْرِينَ أَلفًا (عد25: 1-9).
(6) الكبرياء والافتخار الإنساني: فعندما «وَقَفَ
الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ»،
متفاخرًا وشاعرًا في نفسه بالكبرياء والعظمة «جَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي
إِسْرَائِيلَ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمِيعَادِ، فَمَاتَ مِنَ الشَّعْبِ ... سَبْعُونَ
أَلْفَ رَجُلٍ» (2صم24؛ 1أخ21).
(7) عدم الإحساس بمدى انحدار الحالة
الروحية: يسمح الرب
أحيانًا بالوبأ، قائلاً: «وَأُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ لِكَيْ يَشْعُرُوا» (إر10:
18).
ثانيًا:
الوبأ والعلاج الروحي:
(1) الاحتماء في الذبيحة: «دَخَلَ
مُوسَى وَهَارُونُ وَقَالاَ لِفِرْعَوْنَ: ... إِلَهُ الْعِبْرَانِيِّينَ قَدِ
الْتَقَانَا فَنَذْهَبُ سَفَرَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْبَرِّيَّةِ وَنَذْبَحُ
لِلرَّبِّ إِلَهِنَا لِئَلاَّ يُصِيبَنَا بِالْوَبَإِ أَوْ بِالسَّيْفِ» (خر5:
1-3).
(2) الاتكال علي سلطان الرب: فالرب هو المتحكم
في كل شيء، وهو صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في كل ما يحدث «قُدَّامَهُ ذَهَبَ
الْوَبَأُ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْحُمَّى» (حب3: 5).
(3) الاتكال على مراحم الرب: فعندما قال
الرب لداود: «اقْبَلْ لِنَفْسِكَ: إِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ، أَوْ ثَلاَثَةَ
أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ، أَوْ
ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ». قال داود: «دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ
لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ، وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ. فَجَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ، فَسَقَطَ
مِنْ إِسْرَائِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ.
وَأَرْسَلَ اللَّهُ مَلاَكاً عَلَى أُورُشَلِيمَ لإِهْلاَكِهَا، وَفِيمَا
هُوَ يُهْلِكُ رَأَى الرَّبُّ فَنَدِمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقَالَ لِلْمَلاَكِ
الْمُهْلِكِ: كَفَى الآنَ، رُدَّ يَدَكَ!» (1أخ21).
(4) الاتكال على مواعيد الرب المتعلقة
بالعناية والحماية والحفظ: «اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ فِي ظِلِّ
الْقَدِيرِ يَبِيتُ ... لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ، وَمِنَ
الْوَبَإِ الْخَطِرِ. بِخَوَافِيهِ
يُظَلِّلُكَ، وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي ... لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ
اللَّيْلِ، وَلاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ، وَلاَ مِنْ وَبَأٍ يَسْلُكُ
فِي الدُّجَى، وَلاَ مِنْ هَلاَكٍ يُفْسِدُ فِي الظَّهِيرَةِ. يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ، وَرَبَوَاتٌ
عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ» (مز91: 1-7).
(5) التواضع والصلاة، وطلب وجه الرب،
والرجوع عن الطرق الردية: فقد قال الرب لسليمان: «إِنْ أَرْسَلْتُ وَبَأً عَلَى
شَعْبِي، فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا،
وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ، فَإِنِّي أَسْمَعُ
مِنَ السَّمَاءِ، وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ، وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ» (2أخ7: 13،
14؛ 1مل8: 35-43؛ 2أخ6: 28-31؛ 20: 9).
الوبأ والدروس
الروحية:
(1) نتعلم أن مجيء الرب لاختطاف
المؤمنين قد اقترب جدًا على الأبواب، فها هي بوادر الضيقة التي تلي الاختطاف تلوح
في الأفق، إذ يُذكر مرتين فى حديث الرب عما سيحدث على الأرض قبيل مجيئه إليها
ثانية أنه «تَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلازِلُ فِي أَمَاكِنَ. وَلَكِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ
الأَوْجَاعِ» (مت24: 7، 8؛ لو21: 11).
(2) إن الرب يُقدِّم لمحه بسيطة جدًا
لما سيحدث بعد مجيئه، ليُقدِّم رسالة واضحة، وجرس انذار واضح لكل الناس. فيا ليت كل شخص لم يتعرَّف على الرب حتى الآن،
أن يتجاوب مع دعوة الرب: «اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ
وَهُوَ قَرِيبٌ. لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ
طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ
فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ» (إش55: 6،
7).
(3) علينا أن نُدرك ضعفنا الإنساني
الشديد، وهشاشية الإناء الخزفي الذي نعيش فيه.
فها مجرد فيروس لا يُرى بالعين المجردة، يسبب لنا كل هذا الهلع
والخوف. أفلا يقودنا هذا إلى الاتكال على
الرب فى كل شيء، ونقتنع أنه بدونه لا نقدر أن نفعل شيئًا (يو15: 5).
(3) علينا نحن المؤمنين أن نزداد في الشكر للرب
الذي أنقذنا من الغضب الآتي. ويا ليتنا نفحص
أنفسنا في محضر الرب، لنكتشف كل ما ليس بصحيح في قلوبنا وبيوتنا واجتماعاتنا، ونحكم
على أنفسنا ونتوب توبة حقيقية، فنتكرس للرب ونقضي الوقت القليل في عمل مرضاته، غير
تاركين اجتماعاتنا، ونعيش حياة السهر الروحي.