كان من عادة ”ديل كارنيجي“ مدير معهد كارنيجي للعلاقات الاجتماعية أن يعلن استعداده
لاستقبال الرسائل التي تحكي اختبارات شخصية حقيقية، تخدم موضوع الكتاب الذي ينوي
تقديمه للجمهور. وعندما كان مزمعًا أن
يكتب كتاب ”دع القلق وابدأ الحياة“ وصلته – ضمن مجموعة الرسائل العديدة- رسالة
مضمونها(وليس نصها) كما يلي:
”أنا سيدة متقدمة في العمر ... عندما كنت شابة في مقتبل العمر تُوفيّ زوجي
وترك لي خمسة أطفال ...ولأن زوجي لم يكن موظفًا بمرتبٍ ثابت، وإنما حرفيًا يكسب
قوت يوم فيوم، فقد كان الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لي، بل كان على نحو ما
مستحيلاً تمامًا. لم يكن أمامي أي باب
للرزق سوى أن أعمل خادمة في بيوت الأغنياء. ولوجود خمسة أطفال في عهدتي عليّ أن أعتني
بهم، بالإضافة إلى عملي الشاق كخادمة، فقد كان الأمر أكبر من طاقتي.
وبمرور الأيام أُنهكت قواي وتوترت
أعصابي فأصبحت كثيرة البكاء خاصةَ وأنني كثيرًا ما كنت أعاني من كلمات جارحة من
سادة قساة،حتى أنني كنت أحيانًا أستسلم للنوم ودموعي تنحدر على وجنتيّ.
ذات يوم عندما عدت في المساء إلى بيتي بعد يوم منهِك نفسيًا وجسديًا بدأت
على التو في تجهيز طعام بسيط لأطفالي قبل أن ننام، ولكنني اكتشفت أن هناك شيئًا ما
ينقصني لكي أجهّز العشاء، فأرسلت أحد أبنائي - وهو البالغ من العمر سبعة سنوات -
ليشتريه لي.كنت أشعر يومها بإحباط شديد، حيث أن المال - الذي أُحصّله بجهد يفوق
طاقتي - لم يعد يكفي لأبسط احتياجات بيتي وأطفالي، فتمنّيت ساعتها لو تنتهي الحياة
عند هذا الحد.
بعد فترة عاد ابني يبكي بحرقة، ولما سألته عن السبب أخبرني أن صاحب المحل
اكتشف أن أحد الزبائن قد سرق بعض النقود من الدرج، ولما لم يكن هناك شخص آخر فقير
غيري، اتهمني بالسرقة، وكال لي الشتائم، وطردني من المحل.في تلك اللحظة انهارت
قواي تمامًا، وقررت أن أنهي حياتي وحياة أولادي، فلم أكن قادرة على تحمّل الحياة
بهذا الشكل، فقدمت لأولادي بعض الطعام المُتاح، وأخذتهم إلى أسرّتهم، وأغلقت جميع
النوافذ، ثم فتحت صمام أنبوبة البوتاجاز لآخرها، واستلقيت على سريرٍ بجوارهم أنتظر
الموت الذي ينهي كل آلامي.
بينما أنا على هذه الحال سمعت كلمات ترنيمة جميلة تأتيني عبر النوافذ
المغلقة. كانت الترنيمة العذبة تقول:
كَمْ لَقِينَا مِنْ كُرُوبٍ
حَيْثُ لَمْ نُلْقِ عَلَيْهِ
|
|
وَاكْتِئَابَاتِ
الْحَيَاهْ
كُلَّ حِمْلٍ بِالصَّلاهْ
|
توقفت عند هذا العدد، وأخذت أكرره مرات ومرات ... لابد أن الرب رآني في حالي
هذه، وأرسل هذه الترنيمة خصيصًا لأجلي ... لابد أنه رثى لحالي وشعر بما أعانيه. والغريب أنني فجأة شعرت شعورًا قويًا بوجود الله
في غرفتي، يهمس في أذني بتلك الكلمات العذبة، وفي الحال قمت وأغلقت صمام أنبوبة
البوتاجاز، وفتحت جميع النوافذ، ثم أسرعت إلى غرفتي؛ إلى الرب لأُلقي كل حملي
بالتمام عليه، وأثق فيه وفي عنايته بأولادي ثقة كاملة.
ومن ساعتها تعوّدت أن ألقي في كل صباح نفسي وأموري وأولادي بين يديه،
واختبرت حلاوة الاتكال بالتمام على الرب الذي لم يخزني أبدًا.
هذا هو اختباري. وأعتذر عن ذكر
اسمي أو أسماء أولادي، لأنهم جميعًاَ في مراكز مرموقة جدًا، ولا أحب أن تسبب قصتي
إحراجًا لهم.
يَا
تُرَى أَيُّ صَدِيقٍ
يَحْمِلُ الأَثْقَالَ
عَنَّا
فَإِذَا كُنَّا تَعَابَى
فَلْنُصَلِّ لِيَسُوعَ
|
|
مِثْلُ فَادِينَا الْحَبِيبْ
وَكَذَا الْهَمَّ الْمُذِيبْ
مِنْ جَرَا حَمْلِ الْهُمُومْ
إِنَّهُ الرَّبُّ الرَّحُومْ
|
جوزيف سكريفين
جوزيف سكريفين