عدد رقم 2 لسنة 2020
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ذبح العدالة  

«فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ. وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ،

وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوَانٍ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!  وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ»

(يو19: 1-3)

كانت روما معروفة على نطاق العالم أجمع بعدالتها.  في كل نقطةٍ رسمية من مكاتب روما كانت توجد صورةُ الإله ذي الوجهين ”يانوس“.  كان له وجهٌ يتطلع إلى الأمام، والوجهُ الآخر إلى الخلف.  وبالمناسبة من هذه الكلمة؛ ”يانوس“، ينحدرُ شهرُ يناير أو كانون الثاني، الذي يتطلع إلى الخلف، إلى السنة الماضية، ويتطلع إلى الأمام، إلى السنة الجديدة.  كل هذا لأقول بأن العدالة كانت تـُصان في الدولة الرومانية، البريء كان حقُّه لا يـُهضم، والمذنب كان ينال العقاب الذي يستحقه. وهكذا حكمت روما العالم مدةَ ألف سنة، فعبـّدت الشوارع، وأرست النظام والحماية في المجتمعات، إلا أنها حكمت بدكتاتورية رهيبة، بعصا من حديد.  لهذا نستغرب من سحق العدالة الذي تم أثناء محاكمة المسيح.

فبحسب منظور عدالة روما، لو كان المسيح بريئًا فقد وجب إطلاقُ سراحه، أما إذا كان متهمًا فيجب إنزالُ عقوبة الموت عليه بالصلب.  وبما أن كل المحاكمات الست التي دخلها المسيح، لم تثبت عليه علة واحدة، فكانت تقتضي عدالة روما إطلاق سراحه.  لكن ما تم بعد ذلك يُعدّ عارًا على جبين عدالة روما، وبرهانًا على غياب عقل البشرية.  فبالرغم من براءة المسيح إلا أن بيلاطس البنطي - الوالي الروماني الجبان - أراد أن يُهدئُ من روع اليهود وثورتهم، فقام بجلد المسيح ثم أسلمه ليُصلب.  لكننا لا نغفل مطلقًا سلطان الله في إدارة الأحداث، والسيطرة على فساد عدالة الأرض وفساد أهل الأرض، ليُتمِّمَ مشيئة الله في صليب المسيح «هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوه» (أع2: 23).


 

 

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com