عدد رقم 1 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لماذا جاء المسيح إلى العالم؟  

عندما غطت الظلمة الأرض، وسادت الفوضى، وعّم الفساد، وضل البشر، وغاص الناس  في بحور من الوحل والطين، ولا يُسمع منهم سوى الآهات والأنين، جاء المسيح «الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ» (مت4: 16).  لقد جاء المسيح طبيبًا لعالم مريض، ومُخلِّصًا لعالم غريق، ونورًا لعالم أعمى.  ويلذ لي هنا أن أكتب عن بعض ما قاله المسيح بفمه الكريم عن أسباب مجيئه:

أولًا: «جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لو19: 10): 

عندما كان يوسف خطيب مريم متحيرًا: «إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ، لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.  فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ.  لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (مت1: 20).  َ”يسوع“ اسم عبري معناه ”الرب المخلص“، فقد جاء «لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ» (عب9: 26).  وقال الرسول بولس: «أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا» (1تي1: 15)، وعندما خلص زكا قال الرب بفمه الكريم: «لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لو19: 10).  فللهالكين رجاء، وللساقطين خلاص.

فَالطَّرِيقُ لِلْخَلاصِ
تُبْ وَآمِنْ بِهِ تَخْلُصْ

 

بِيَسُوعَ لا سِوَاه
فَتَفُوزَ بِالنَّجَاه

ثانيًا: لِيّدْعُو الخُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ (مت9: 12، 13): 

لن نجد أحدًا يحب الخطاة، ويحنو عليهم إلا المسيح، فقد كان يقبلهم ويأكل معهم، بل دخل  ليبيت عند رجل خاطئ.  لقد جاء يدعو المُتعَبين قائلاً: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (مت11: 28).  لقد أنقذ لصًا مجرمًا كان على حافة الهاوية، وبشَّره  بأعظم بشرى، قائلاً له: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». (لو43:23)، لذا قال: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى ... لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ» (مت9: 12، 13).

ثالثًا: جاء لِيَخْدِمَ، لا لِيُخْدَمَ:

إن أصعب خدمة قام بها المسيح ليست هي خدمة غسل الأرجل، بل غسل القلوب من الداء، وعمل الكفارة والفداء، فالخطية فصلت الإنسان عن الله، وكان في حاجة ماسة لمن يفديه، ولكن للفادي شروط صعبة، فيجب أن يكون:

(1)     إنسانًا لكي يموت نيابة عن البشر.

(2)     خاليًا من الخطية، وإلا احتاج لمن يفديه.

(3)     غير مخلوق، فلو كان مخلوقًا، لا يقدر أن يقدم نفسه، لأنه ملك لخالقه.

(4)     قيمته أكثر من إنسان، لأنه سيفدي كل البشر.

(5)     يجب أن يكون غير محدود، لكي يعوض الله غير المحدود عن الإهانة التي لحقت به بسبب الخطية. أي يجب أن يكون مساويًا لله، وفي نفس الوقت مُساويًا للناس، حتى يُصالح الإنسان مع الله.  إننا أمام مشكلة عويصة لا يحلها إلا المسيح الذي قال: «أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مت20: 28).  ويا لها من خدمة!!

رابعًا: لِتَكُونَ لَنا حَيَاةٌ أَفْضَلُ (يو10: 10):

المسيح هو الحياة، قال: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو14: 6).  وهو خبزها إذ قال: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ.  مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا» (يو6: 35).  وهو رئيس الحياة.  لقد خاطب بطرس اليهود قائلاً: «أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ ... وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ» (أع3: 15).  فما أروع الحياة التي منحها ويمنحها المسيح!  لقد قال له المجد: «اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يو10: 10).

خامسًا: جاء ليكون نورًا للعالم:

لم تكن للمسيح فتوحات أو غزوات، إلا فتح البصائر وإنارتها.  وغزو القلوب ونقاوتها.  أتى إليه ذات مرة الفريسيون ومعهم امرأة، وقالوا له: «يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ.  فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ».  ولكن المسيح قال لهم: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!».  فالمسيح أقرّ أنها تستحق الرجم بالحجارة، ولكن مَن منهم لم يخطأ، حتى يرجمها؟  فتبكتت ضمائرهم وخرجوا، وبقيت المرأة وحدها، وقال لها: «يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟  أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟  فقالت: لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!  فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: ولاَ أَنَا أَدِينُكِ.  اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا»

حينئذ أعلن المسيح قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ.  مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ» (يو8: 1-12).

 صديقي العزيز: أتدري ما هي الدينونة؟  قال المسيح: «وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً» (يو3: 19).

لقد جاء المسيح ”النور“ ليُطهِّر قلبك، ويُنير دربك، ويحمل أثقالك عنك؟  فهل تُقبل إليه ونحن في مستهل عام جديد؟  أم لا زلت تُحب الظلمة لأسباب خاصة عندك؟

                                                                                                                                                             

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com