عدد رقم 1 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
نبوة الميلاد العذراوى عمانوئيل في نبوة إشعياء  

»وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ»

 كثيرون يشككون في نبوة إشعياء 7: 14 بالقول بأن هذه النبوة ”لفقها“ متى ليسوع، وهى لا تنطبق عليه بأية حال من الأحوال.  وإنني لن أتناول في هذه السطور القليلة، تلك النبوة، ولكن أؤكد على بعض النقاط:

(1) هناك من يؤمنون بما يعرف بالنبوة المزدوجة، وهى أن كثيرًا من النبوات لها مرمى معاصر للنبوة، إذ تتحقق فى وقت قصير بعد إعطائها، ثم يمتد مرمى النبوة ليصل بها إلى تحقق أخير نهائي؛ في زمن بعيد عن إعطائها.  كثير من النبوات يُفسر من خلال هذه النظرة العملية.   

(2) إن كثيرًا من النبوات المسماة مسيانية، أي المتعلقة بالمسيح؛ ميلاده وحياته وموته وقيامته ... إلخ.  لا تتعلق زمنيًا بالوقت التى أُعطيت فيه بل يمتد مرماها ليصل إلى ”المسيح“، فتنطبق عليه هو وحده.   

(3) كثير من النبوات ترسم صورة باهتة لشخصية ما، يمكن تطبيق بعض تفاصيل النبوة عليه فى وقت إعطائها، ولكن غالبية التفاصيل تنطبق فقط على ”المسيح“.    

الذين أنكروا على ”يسوع المسيح“ تطبيق نبوة إشعياء 7: 14 عليه باعتباره غرضها، تحت أي بند من البنود الثلاثة السابقة، سيجدون صعوبة شديدة في إشعياء 8: 8، 10 بأن يُطلقوا على ابن إشعياء المولود كموضوع النبوة - بحسب رأيهم – اسم ”عمانوئيل“.  ففي إشعياء 8: 8 «ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل», ليس إسرائيل هي بلاد ”عمانوئيل“ ابن إشعياء المولود، ولكنها بلاد الرب يهوه الذى هو عمانوئيل الحقيقي.  في عدد 10 من نفس الفصل نقرأ عن ”عمانوئيل“ الحقيقى الذى يشغل بالروح القدس فكر إشعياء النبى عبر كتابه.  وموضوع نبوة إشعياء 7: 14 «تشاوروا مشورة فتبطل تكلموا كلمة فلا تقوم. لأن الله معنا».  إن آخر عبارة «لأن الله معنا»، ترد في العبرية ”كي عمانو إيل“، أي إن المشورة ستبطل ”بسبب عمانوئيل“.  لقد بطلت كل مشورة ضد شعب الرب، وستبطل بسبب ”عمانوئيل“؛ ”الله معنا“.

  الميلاد العذراوي (إش 7: 14؛ مت1: 18؛ 2: 1؛ لو 1: 26-35):

»وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ»

كل الناس في كل العالم الذين يعرفون المسيح بالاسم، أو بالإيمان، يعترفون بميلاده المعجزي من عذراء، إلا اليهود.  ولقد فهم التلاميذ وكل من رافق يسوع هذا الميلاد، ولكن اليهود فقط لم يعترفوا بذلك.

يعترض المعلمون اليهود على كلمة ”عذراء“ المذكورة هُنا في إشعياء 7: 14 بأنها تعني ”غُلامة“ ولا تعني ”عذراء“؛ لأن الكلمة العبرية المستخدمة هي ”ها علماه“ أي ”الغلامة“ وليست ”هابتولاه“ أي ”العذراء“.  ومن النظرة الأولى يمكن أن يُرى التفسير اليهودي بأنه تفسير صحيح.  ولكن هل لا يوجد في الكتاب المقدس ما يُشير إلى كون الفتاة أو الغلامة ”علماه“ ما يعني أنها عذراء؟  لنرجع إلى سفر التكوين أصحاح 24 في قصة زواج إسحق من رفقة ولنقرأ ما يلي: «وَكَانَتِ الْفَتَاةُ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ» (تك24: 16).

«فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ، وَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ» (تك24: 43).

«فَتَقُولَ لِيَ: اشْرَبْ أَنْتَ، وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا، هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الرَّبُّ لابْنِ سَيِّدِي» (تك 24: 44).

والآن، فإننا نجد في هذه النصوص أن الوحي استخدم أربع كلمات مختلفة هم بحسب الترتيب:

الفتاة נערה (نَعارا) وهي مؤنث كلمة فتى.

عذراء בתולה (بتولاه).

الفتاة העלמה (هاعلماه) وتعني الغلامة وهي المذكورة في إش 7: 14؛

المرأة אשה (إيشاه) وهي تعني المرأة مؤنث رجل أو امرأة.

والأربع كلمات أشارت جميعًا إلى فتاة عذراء لم تتزوج؛ فهل لا يصلح إذن الشرح في إش 7: 14 بأنها تعني عذراء، وإلا فما معنى إن يكون ذلك آية، إن لم تكن عذراء لم يعرفها رجل؟!  ويُصر اليهود على أنه كان يجب أن يَستخدم الوحي كلمة ”بتولاه“ لكونها فقط هي التي تعني عذراء؛ ولكن يسقط هذا الادعاء حين نرى أن كلمة ”بتولاه“ استُخدمت في الكتاب لُتشير أيضًا إلى المرأة حديثة الزواج وليست العذراء فقط (انظر يوئيل1: 8).

ولكن السؤال الآن هو لنا نحن وليس لليهود: لماذا استخدم الوحي كلمة ”ها علماه“ ولم يستخدم كلمة ”بتولاه“؟  إن الإجابة ظهرت بدقة في قصة ميلاد ربنا يسوع المسيح من مريم العذراء.

فإن كلمة ”بتولاه“ تُشير فقط إلى معنى أنه لم يعرفها رجل ولكنها لا تُشير إلى السن الذي فيه الفتاة؛ فهي ربما تبلغ من العمر ما تبلغ ابتداء من البلوغ وحتى الموت ولكن كلمة ”هاعلماه“ والتي تعني فتاة، فهي تُشير بصفة خاصة إلى من هي في سن الزواج (انظر مثلاً مز68: 25؛ تك24: 43؛ أم30: 19؛ نشيد1: 3؛ 6: 8).

كان يليق إذن بالوحى المقدس أن يختار لنا كلمة مناسبة ليس فقط لعذراوية المطوبة مريم، ولكن أيضًا لسنها الصغير، لأن كلمة عذراء تُشير فقط إلى البتولية، وليس إلى العمر.  ولكن كلمة ”فتاة“ تُشير إلى البعدين: البتولية، وأيضًا العمر قبل الزواج، فهي فتاة في سن الزواج، والطبيعى جدًا أن تكون عذراء.

إيهاب صادق  

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com