في طريق عودتي بالسيارة من قرية الطيبة الواقعة غرب مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، في يوم كان باردًا، وقد قاربت الساعة على الحادية عشرة مساءً.  وليست العادة أن أقف لشخص غريب، كوصية أمي، لكن شعرت بإلزام أن أُنقذ من البرد هذا المسكين، وقد كان:

* مايكل: تفضل، مسافر فين؟

- راجع سمالوط شكرًا لكرمك.

* مايكل: ولا أي شكر، العربية تشيل أربعة، ممكن أعرف اسمك؟

- اسمي عبد الظاهر.

* مايكل: اسمك جميل يا عبد الظاهر.

- عبده: شكرًا لحضرتك.

* مايكل: هو عبد الظاهر = عبد الله؟

- عبده: أنا ما أعرفش بالظبط، بس أنا فاكر أنهم قالوا لي إن الظاهر ده هو الله سبحانه وتعالى.

* مايكل: يعني ممكن الله يظهر؟

- عبده: وإيه يمنعه؟

* مايكل: طب لو قرر يظهر يختار إيه؟

- عبده: هو ليه مطلق السلطان سبحانه، يختار الطريقة.

* مايكل: أنا أعرف من التوراة أنه ظهر لموسى، وكلَّمه من شجرة، ومن جبل سيناء كمان.

- عبدو: سبحانه القادر على كل شيء.

(وعند ذلك وصلنا سمالوط، ووقفت العربية، وعبده فتح الباب)

- عبده: شكرًا على التوصيلة.

* مايكل: ممكن آخر سؤال يا عبده؟

- عبده: اتفضل يا ذوق.

* مايكل: عبد الظاهر: لو الله قرر يظهر للبشر، الأنسب يظهر من شجرة أو حجر، زي مع موسي النبي، ولا يظهر في صورة إنسان؟

فكر عبده لحظة، ثم قال:

- عبده: اللي خلاه يأخذ صورة شجرة وحجر، إيه المانع لما يأخذ صورة البشر، ويظهر لينا؟!

* مايكل: شكرًا، ده إيماني اللي متمسك بيه «اللهُ ظَهَرَ فِي الجسد» ... يا عبد الظاهر: قبل ما أقول لك سلام، أحب أشاركك بنقطتين:

أولاً: ظهور الله في الجسد، ليس ضد المنطق، ولا يُنقص من الله سبحانه وتعالى.  فإن قرَّر غير المحدود - في مطلق سلطانه - أن يشترك مع المحدود في الجسد، فماذا يمنعه؟

«فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ (الله) أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا» (عب2: 14).  

ثانيًا: عقيدة التجسد لا تقول إن الإنسان يسوع صار الله، فهذا كُفر، لكن تُعني أن الله اتخذ جسدًا ليظهر للبشر، وهذا هو الإيمان المسيحي «وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» (1تي3: 16).

مايكل موسى