عدد رقم 1 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
المسيح البطل  

يشعر الكثير من المصريين بالفخر عندما يسمعون كلمة ”الملك المصري“ في صيحات الجماهير الإنجليزية، أو عندما تجد المبارة النهائية في بطولات كأس العالم للإسكواش بين لاعبين كلاهما مصري، أو أن مصريًا آخر، هو د. مجدي يعقوب، هو أحد أشهر جراحين القلب في العالم.

في مقالنا هذا سنبحث في دواخلنا عن أسباب إعجابنا وسعادتنا بنماذج النجاح أو البطولة، وكيف يمكن أن نطور هذه المشاعر بصورة إيجابية، تنقلنا من مرحلة التشجيع والفرح بنجاح الآخرين، إلى اختبار النجاح بشكل شخصي.

عزيزي القارئ: هل سألت نفسك يومًا لماذا نفرح ونتباهي بإنجازات صنعها آخرون لمجرد أنهم مصريون مع أننا لم نحقق منها شيئًا؟

(1)    ترى: هل لأننا نرى في البطل ممثلاً لنا؟!  كأن نقول بفخر: ”علي فكرة الراجل ده مصري من بلدنا“.

(2)    أم لأننا نجد في انتصارات البطل فرصة للاحتفال والفرح بعد أن مضي علينا وقت طويل منذ أن احتفلنا بآخر نجاح حققناه؟

(3)    قد نجد في عودة البطل للانتصارات من بعد كبوته، المُحفز كي ننهض من فشلنا وإحباطنا.

أعتقد أن ما سبق من أسباب يجعل من فكرة البطل أو القدوة أمرًا إيجابيًا ومفيدًا للإنسان، إلا أننا لا يجب أن نغفل أن هناك بعضًا من نواحي القصور في نموذج البطل والقدوة النابعة من كون البطل هو مجرد إنسان، ومنها:

(1)  إن ما حققه هذا البطل من إنجاز، حققه لنفسه، وليس بالضرورة لي أنا.

(2)    النجاح الذي حققه لا يُضيف إلى رصيدي الشخصي من النجاح ذرة واحدة.

(3)    هذا البطل هو قدوة في النجاح في مجال واحد مُحدد، لكنه لا يصلح أن يكون قدوة لحياتي في كل المجالات.

(4)    تختلف مُعطيات وأسباب النجاح التي توفرت لدى البطل عن تلك المتوفرة لديَّ.

(5)    إني أعجب بالبطل فقط تحت عدسات الكاميرا، ولكن ماذا ولو عرفت عنه شيئًا عن حياته الخاصة؟

مما سبق نستنتج أن وجود البطل أو القدوة هو أمرٌ هام لحياتي في سن الشباب، ولكن يبقي السؤال: إني فعلاً أحتاج لنموذج إنساني كبطل لحياتي، لكن يا ترى مَن مِن الناس يصلح أن يكون هذا البطل؟

إن القصص الشعبية والتاريخية، في كل ثقافات العالم، تحتوي على أبطال هم غالبًا خليط صنعه البشر من الحقيقة والخرافة، لكني وبفخر مستعد اليوم لأن أقدم لك نموذجًا بشريًا حقيقيًا تاريخيًا بكل معني الكلمة، يُمكنك - إن أعجبت به - اتباعه كبطل وقدوة مدى الحياة، وفي كل نواحي الحياة، هذا البطل قد رأيت أنه:

(1)     قد حقق ما حققه من أجلي شخصيًا، وليس من أجل نفسه.  سأله فريقه يومًا عن لحظة الصعود إلي منصة التتويج بالبطولة وتوزيع الميداليات قائلين: ”إن كنت ستكون في المركز الأول، فمن منا سيكون في المركز الثاني والثالث؟“.  فأجابهم: ”إني لم آتِ لكي أُخدَّم، وأُتوَّج بطلاً، بل لكي ما أخدمكم وأجعل منكم أبطالاً“ (راجع متى 20 : 20–28).

(2)    إن ما حققه هذا البطل من انتصار في جميع البطولات، قد أُضيف لحسابي، فنصرته علي جميع خصومه قد رفع من رصيدي في النقاط، لأعتلي قمة الحياة، وخلفي شهواتي ورغباتي واحتياجاتي، رافعًا علم النصرة، ومُرددًا: ”يعظم انتصاري بالذي أحبني“.

(3)    إن نجاح هذا البطل كان نجاحًا شاملاً كل جوانب الحياة، فقد نجح في علاقته بالله، وبوالديه، وبرفاقه، وبالجماهير العريضة التي تبعته، بشتى فئاتها المختلفة؛ المثقف والأمي، الغني والفقير، المتدين والفاجر، صاحب المنصب والمواطن البسيط المهمش.  تحدث للجموع فجذبها خلفه، وجعل منهم أبطالاً ونماذج تاريخيه.

(4)    إن ما حققه من نجاح كان في نفس الظروف التي أعيش فيها، لا بل أسوأ!  نجح رغم أنه لم يجد دعمًا من أحد، رآه كبار المدربين والكشافين منذ أن كان ناشئًا عمره 12 سنة، لكنهم كانوا عميان القلب، فلم يضمه أحد لفريقه، لم يجد أكاديمية لتدريبه، بل درب نفسه يومًا فيومًا، بكل حزم وقوة، حتى أثبت بطولة أدهشت كل من رآه في ملعب الحياة.  وهل ينجح إنسان دون مقاومة؟  نعم لقد نجح رغم مقاومة الحاسدين والحاقدين الذين حاولوا هدم كل قول أو فعل يقوم به، بل نجح حتى رغم تخلي فريقه عنه في المباراة النهائية، والتي اجتازها وحيدًا، ليخرج بطلاً فريدًا، واجه ليس فرقًا، بل جيوشًا من الرياسات والسلاطين، وقد ظفر بهم جميعًا.

(5)    أما عن حياته الخاصة، فإنك تستطيع أن تتحدث عنه بكل فخر وثقة أمام كل الناس، من جميع الأديان، وحتى أمام مَن هم بلا دين.  فقد قال واحد من عشاقه: ”إني لا أستحي منه، بل لا أفتخر إلا به“.  حتى شهد خصومه عنه قائلين: «لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ».  

قد تقول لي عزيزي القارئ: مهلاً لقد قلت إن بطلك الذي سوف تحدثنا عنه هو إنسان؟  لكنك لا تكاد تتحدث عن إنسان بل عن إله؟  وهنا أقول لك: نعم - عزيزي القارئ - أنت مُحق.  إنه بالفعل الله الظاهر في الجسد، من أجل أن يمنح مُحبيه الذين في الجسد، أن يشتركوا في الطبيعة الإلهية، إنه الرب يسوع المسيح

فهل تجعل منه بطلك الخاص، ومن أقواله وأفعاله، طريق التألق والنجاح في الحياة الحاضرة والأبدية؟

وسيم مجدي     

   

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com