عدد رقم 6 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
البابون  

هو أقرب حيوان للإنسان (بالإضافة للشمبانزي)، فنحن نشارك 98,7٪ من الحمض النووي لدينا مع البابون. وهذا يؤدي إلى العديد من أوجه التشابه بين البابون والبشر، ولكن هناك أيضًا بالطبع الكثير من الاختلافات الرئيسية.
السبب الرئيسي في أن البابون حيوانات مسالمة للغاية، يرجع إلى مسؤولية القيادة التي تقع على الأنثى وليس الذكر، وهو عكس المعتاد في المملكة الحيوانية. فأنثى البابون تفضل استخدام اللطف بدل القوة في حل النزاعات. على الرغم من أن إناث البابون أصغر من الذكور حجمًا، ولكن الإناث لديها صداقات خاصة جدًا. فإذا تصرف أي ذكر في المجموعة بشكل عدواني، فإن الإناث ينضمون معًا ليمثلوا قوة بها يمنعونه من إيذاء أي شخص.
ومن المحزن والمخجل، أن معدل قتل الشمبانزي للشمبانزي الآخر متساوي لمعدل قتل البشر بعضهم لبعض، هذا قبل أن يكون لدينا أسلحة حديثة، أما الآن فالبشر هم أكثر كائنات قاتلة بعضها لبعض على وجه الكرة الأرضية، بعكس البابون تمامًا، الذي لم يسجل عنه حادثة قتل واحدة من نفس نوعه، ليختلف بذلك عن باقي القرود أجمعين.
 
حتى أنه في الحالات التي يفترض أن تسبب نزاع، مثل تنافس فردان على الغذاء، نجد أن البابون يختار العناق وتبادل الغذاء بدلاً من القتال!
وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت مؤخرًا في ”لولا“ أن البابون أكثر من يطيعون مَثَل ”السامري الصالح“، وربما أفضل من البشر، فنحن نفضل مساعدة الأشخاص المرتبطين بنا، أو الأشخاص الذين نعرفهم، وليس الغرباء،  بعكس البابون الذي يفضل مشاركة الطعام مع الغرباء.
يعيش البابون في بلد واحد فقط في العالم، جمهورية الكونغو الديمقراطية.  وهم يعيشون في حوض الكونغو، وهي غابة ضخمة، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف حجم فرنسا.  والإنسان هو أكبر خطر يهدد البابون، فتجارة اللحوم تركتهم عرضة للصيد، حتى أصبح البابون هو القرد الأكثر تعرضًا لخطر الانقراض، فلم يتبقَ منه سوى حوالي 5000 فقط في كل العالم.

ولقد استغل أصحاب ”العلم الكاذب الاسم“ وجود تشابه بين البابون والإنسان لزعم وجود أصل مشترك بين الإنسان والبابون كما تنادي فرضية التطور، ولأن هذا المقال ليس مجالاً للرد على هذا الادعاء، أكتفي بالإشارة إلى أن هذا الافتراض يشبه من يحاول إنكار وجود إنسان مخترع للسيارات بحجة أن جميع السيارات لها محرك وأربع عجلات من كاوتش ذات اللون الأسود بالإضافة إلى وجود عجلة قيادة ... إلخ، فيفترض أن جميع هذه السيارات لها أصل واحد مشترك أتى من العدم بفعل الصدف، ولا حاجة إلى وجود إنسان مصمم لهذه السيارات، وعلى نفس القياس نرجع التشابه الموجود بين البابون والإنسان إلى وجود إله مصمم واحد خالق الكل، إلا أنه توجد كثير من الاختلافات التي لا يصنعها الاختلاف الجيني فقط، بل يرجع الفضل إلى نفخة الله في الإنسان، فخلق الله الإنسان على صورته، وهذا هو السر وراء هذا الاختلاف الضخم.

ولكن لنا أن نتعلم الكثير من البابون، وهو أمر مخجل أن يتعلم الإنسان من الحيوان، ويزيد الأمر خجلاً عندما يتعلق الأمر بالرحمة ومساعدة الغير!

                                                                 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com