عدد رقم 6 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
إطاعة السماء ومعونات العلاء  


عزرا (5، 6)

نواصل أعزائي الشباب تأملاتنا في هذه البقية الراجعة من السبي في أيام زربابل وعزرا، حيث توقفنا في العدد السابق أمام دهاء الإغراء وشراسة الأعداء (عزرا 4).

وفي عددنا هذا نتوقف أمام طاعة البقية لرسالة السماء إليهم باستكمال العمل بعد إعادة ترتيب الأولويات، ومن ثم المعونات المرسلة إليهم من العلاء لاستكمال مهمتهم المقدسة.

 

1.   إطاعة السماء:

 

«فَتَنَبَّأَ النَّبِيَّانِ حَجَّيِ النَّبِيُّ وَزَكَرِيَّا بْنُ عِدُّوَ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ فِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ بِاسْمِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عَلَيْهِمْ. حِينَئِذٍ قَامَ زَرُبَّابَلُ بْنُ شَأَلْتِئِيلَ وَيَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ، وَشَرَعَا بِبُنْيَانِ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ، وَمَعَهُمَا أَنْبِيَاءُ اللهِ يُسَاعِدُونَهُمَا» (عز5: 1، 2).

 

لا شك أن النبوة – وتعني حرفيًا فورة أو غليان – لها شق مرتبط بالمستقبل، إذ تحدثنا عن تطبيق جزئي معجل، ربما في زمان النبي أو بعده بقليل، ثم تطبيق كلي مؤجل، يتطلع إلى المستقبل الخاص بهذه الأمة بالتحديد وبمجد المسيح.

إلا أن للنبوة شق خاص آخر هو ما نسميه "الطابع الأدبي" إذ تتسم خدمة النبي بتنبيه الضمائر وحث الشعب على الرجوع إلى الرب.  وهنا كانت رسالة النبيين حجي وزكريا للبقية واضحة بخصوص ضرورة إعادة ترتيب الأولويات ليكون لبناء بيت الرب أولوية للاهتمام بالرب وباسمه، قبل بيوتهم المغشاة التي التفتوا إليها أولاً وتركوا بيت الله خرابًا.  وعرفنا المرة الماضية بأنهم تحججوا برسالة الوالي لتوقيف العمل، رغم أنها كانت رسالة تخص بناء المدينة (أورشليم) وأسوارها وليس بناء بيت الله.

ومن الواضح هنا التجاوب الذي حدث مع رسالة هذين النبيين المعاصرين لهم، وكيف «قام زربابل.... ويشوع وشرعا ببنيان بيت الله الذي في أورشليم».  وعندما يتحرك القادة إطاعة لصوت السماء فإن البركة تشمل الشعب كله، والطاعة لكلمة الله تسود ومعهما أنبياء الله يساندونهما وبالطبع سائر الشعب.

ويالها من صورة مضيئة في أيام صعبة روحيًا وزمنيًا تشبه إلى حد بعيد أيامنا الحاضرة.  فعلى طول الزمان أقصر الطرق للبركة هي الطاعة غير المشروطة لكلام الرب الواضح والصريح.  بدون فصال أو اعتراضات أو مناقشات.  يجب أن يكون الرب أولاً، ويجب أن تسود كلمته على الجميع، الكبير كقدوة قبل الصغير.  وإن لم يوجد كبير يطيع فالله لن يسمح بإطفاء السراج، وعنده الولد الصغير "كصموئيل" الذي يدعو الرب لأن يتكلم لأنه هو عبده "سامع".  ليتنا جميعًا نكون كذلك.

2.   معونات العلاء:

 

على أن العدو الذي بإمكانه أن يهدأ عندما تتبدل الأولويات وتصير لبيوتنا وأمورنا الخاصة الأولوية على بيت الله، يستحيل أن يهدأ إن اعتدل الحال وصارت الأولوية لبناء بيت الرب.  وعليه نقرأ: «فِي ذلِكَ الزَّمَانِ جَاءَ إِلَيْهِمْ تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا وَقَالُوا لَهُمْ هكَذَا: مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَبْنُوا هذَا الْبَيْتَ وَتُكَمِّلُوا هذَا السُّورَ؟». حِينَئِذٍ أَخْبَرْنَاهُمْ عَلَى هَذَا الْمَنْوَالِ مَا هِيَ أَسْمَاءُ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَبْنُونَ هذَا الْبِنَاءَ. وَكَانَتْ عَلَى شُيُوخِ الْيَهُودِ عَيْنُ إِلهِهِمْ فَلَمْ يُوقِفُوهُمْ حَتَّى وَصَلَ الأَمْرُ إِلَى دَارِيُوسَ، وَحِينَئِذٍ جَاوَبُوا بِرِسَالَةٍ عَنْ هذَا. صُورَةُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا الأَفَرْسَكِيِّينَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ إِلَى دَارِيُوسَ الْمَلِكِ. أَرْسَلُوا إِلَيْهِ رِسَالَةً» (عز5: 3-6).

وكانت البقية واعية في ردها على شكاية العدو بأن الأمر قد صدر ببناء بيت الرب من قبل كورش نفسه (5: 3) مما جعل داريوس الملك يأمر بالتفتيش عن مثل هذا الأمر وعندما وجد صحيحًا، أمر الملك - الذي قلبه في يد الرب كجدول المياه (أم21: 1) إلى حيثما يشاء يميله- أمر عبده قائلاً: «ابْتَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ. اتْرُكُوا عَمَلَ بَيْتِ اللهِ هذَا. أَمَّا وَالِي الْيَهُودِ وَشُيُوخُ الْيَهُودِ فَلْيَبْنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا فِي مَكَانِهِ. وَقَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ مَعَ شُيُوخِ الْيَهُودِ هؤُلاَءِ فِي بِنَاءِ بَيْتِ اللهِ هذَا. فَمِنْ مَالِ الْمَلِكِ، مِنْ جِزْيَةِ عَبْرِ النَّهْرِ، تُعْطَ النَّفَقَةُ عَاجِلاً لِهؤُلاَءِ الرِّجَالِ حَتَّى لاَ يَبْطُلُوا. وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الثِّيرَانِ وَالْكِبَاشِ وَالْخِرَافِ مُحْرَقَةً لإِلهِ السَّمَاءِ، وَحِنْطَةٍ وَمِلْحٍ وَخَمْرٍ وَزَيْتٍ حَسَبَ قَوْلِ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ، لِتُعْطَ لَهُمْ يَوْمًا فَيَوْمًا حَتَّى لاَ يَهْدَأُوا عَنْ تَقْرِيبِ رَوَائِحِ سُرُورٍ لإِلهِ السَّمَاءِ، وَالصَّلاَةِ لأَجْلِ حَيَاةِ الْمَلِكِ وَبَنِيهِ. وَقَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُغَيِّرُ هذَا الْكَلاَمَ تُسْحَبُ خَشَبَةٌ مِنْ بَيْتِهِ وَيُعَلَّقُ مَصْلُوبًا عَلَيْهَا، وَيُجْعَلُ بَيْتُهُ مَزْبَلَةً مِنْ أَجْلِ هذَا. وَاللهُ الَّذِي أَسْكَنَ اسْمَهُ هُنَاكَ يُهْلِكُ كُلَّ مَلِكٍ وَشَعْبٍ يَمُدُّ يَدَهُ لِتَغْيِيرِ أَوْ لِهَدْمِ بَيْتِ اللهِ هذَا الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. أَنَا دَارِيُوسُ قَدْ أَمَرْتُ فَلْيُفْعَلْ عَاجِلاً» (عز6:6-12) حينئذ ما كان من الولاة إلا أن عملوا عاجلاً حسبما أرسل داريوس الملك، ويستطرد الوحي قائلاً: «وَكَانَ شُيُوخُ الْيَهُودِ يَبْنُونَ وَيَنْجَحُونَ حَسَبَ نُبُوَّةِ حَجَّيِ النَّبِيِّ وَزَكَرِيَّا بْنِ عِدُّو. فَبَنَوْا وَأَكْمَلُوا حَسَبَ أَمْرِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَأَمْرِ كُورَشَ وَدَارِيُوسَ وَأَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ فَارِسَ. وَكَمِلَ هذَا الْبَيْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَهْرِ أَذَارَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ الْمَلِكِ. وَبَنُو إِسْرَائِيلَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ وَبَاقِي بَنِي السَّبْيِ دَشَّنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا بِفَرَحٍ» (14:6-17).

لقد تحول قلب الملك تجاههم وبقوة وبعجلة وبمساعدات لإتمام العمل!  فما أعظم إلهنا وما أروع نتائج الطاعة والخضوع لتنبيهاته ورسائله!! لقد أتتهم معونات العلاء من أعلا سلطة ممكنة، لا أقصد داريوس الملك صاحب أعظم سلطة في مملكة مادي وفارس ذات ال 127 دولة في زمانها، ولكن أقصد سلطة الجالس على العرش، ملك الملوك ورب الأرباب، الذي يجعل كل الأشياء تعمل معًا لبركة أتقيائه ولخير شعبه ذاك الذي كل الأمور في الأرض تدار بإدارته (أي37: 12) حتى في أزمنة الأمم التي لا زلنا نحيا في ظلها.

أحبائي:

دعونا نثق أن الرب في السماوات كيفما شاء صنع، وأنه على العرش يسيطر ويدير، ومن هذا العرش تصدر كل الأوامر والتعليمات التي تسري في الأرض، حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته.  فمن ذا الذي يقول فيكون والرب لم يأمر؟ وهو سيظل مع البقية الضعيفة والقليلة، وعيناه تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه.  ودعونا لا نخشى ملوكًا ولا قوانين، ظروفًا أو مقاومين.  فقط لنحرص أن نكون مرضيين عنده هو تبارك اسمه أولاً وقبل كل شيء.  وعندها نوقن أن عند السيد الرب للموت مخارج، وفي قدرته أن يشق في البحر طريقًا لشعبه.

 

                                                                        (يتبع) 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com