عدد رقم 6 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
التوازن  

   التوازن سمة نفسية وروحية هامة في حياة المؤمن، وهي من أهم سمات النضوح. والشخص المتوازن ينمو نموًا صحيحًا بعيدًا عن التطرف.  هي حالة تجعل الإنسان يعطي مساحة لكل شيء ولا يختزل برنامج حياته وتوجهاته وسلوكياته في شيء واحد.  وهو يتحقق نتيجة تدريب روحي وعلاقة صحيحة مع الله.  وعكس التوازن التطرف، وهو المبالغة في أمر، قد يكون محبوبًا أو مصدر تشجيع أو فيه إلحاحًا، وفي ذات الوقت هناك إهمال لأمر آخر، لا يقل أهمية.

صور عدم الاتزان:

1-  المبالغة في تسديد حاجات الجسد فقط: الإنسان كائن ثلاثي: روح ونفس وجسد، ولكي يكون هناك توازن، يجب أن يهتم الإنسان بإشباع كل الاحتياجات، وهذا ما تمناه يوحنا لابنه غايس في رسالته الثالثة: "أيها الحبيب، في كل شيء، أروم أن تكون ناجحًا وصحيحا، كما أن نفسك ناجحة".

2-  إهمال الشركة السرية مع الرب: التركيز على الخدمة والنشاط وتجاهل الشركة السرية مع الرب، ينتج عن عدم التوازن، فهذا إفلاس في الخدمة ذاتها، حيث لا تجد الخدمة ما تستمد منه قوتها وتستقي منه مادتها.

3-  عدم التوازن بين الأسرة والخدمة: بعض الأشخاص لسبب تشجيعات الخدمة، يهملون زوجاتهم وأولادهم وآباءهم الذين قد يكونون في سن كبير ويحتاجون إلى المساعدة، وهذا يسبب عثرة لذويهم.  وإذا قصر الخادم في الخدمة، هناك المئات من الذين يقومون بسداد التقصير، ولكن إذا قصر مع أسرته، لا يوجد من يقوم بدوره.

4-  عدم التوازن في العلاقات: البعض يميل إلى كثرة العلاقات، فيضيع وقته وطاقته، وهذا ما قاله الكتاب: "المكثر الأصحاب (خاصة من غير المؤمنين) يُخرب نفسه" (أمثال18: 24).  والبعض يُفضل الانعزالية والتقوقع بعيدًا عن الناس.  والرب يسوع هو أعظم مثال للاتزان.  فمع أنه جاء لكي يخدم الإنسان، كان له أوقات فيها يعتزل عن الناس، ليكون في شركة مع الآب (لوقا5: 16).

5-   عدم التوازن بين الادخار والإسراف: هناك البعض شعاره: "اصرف ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب"، ولا يدخر للأيام، بل مهما زاد دخله، زاد في المقابل مصروفه، معتبرًا أن الادخار خطية، وهذا عكس قول الكتاب الذي يعتبر الإسراف خطية (أمثال18: 9؛ 23: 21).  ومن جهة أخرى هناك أشخاص ممسكين للغاية ويدخرون كل شيء، ولا يقومون بتسديد الاحتياجات الأساسية والضرورية في الحياة، خوفًا من الغد.  وهم بذلك يبخلون عن استثمار ما يصل لأيديهم من وزنات وإمكانات لبركتهم ولبركة من حولهم، ويعتبر هذا ضعفًا للثقة في الرب الذي يضمن الغد، كما أنه يضمن اليوم.

6-  عدم التوازن بين الاجتهاد في العمل والراحة لتجديد الطاقة: هناك البعض يعيشون الحياة كربًا، مع أن كلمة الله تعلمنا: "باطل هو لكم أن تبكروا إلى القيام، مؤخرين الجلوس، آكلين خبز الأتعاب، لكنه يعطي حبيبه نومًا" (مزمور127: 2).  ويظنون أن الإنسان يتعب لكي يصير غنيًا، مع أن كلمة الله تنفي ذلك (أمثال23: 4).

7-  عدم قبول الآخرين المختلفين معنا: قد نختلف في الشخصيات والتركيبات الإنسانية ونوع الخدمة والموهبة أو الفكر. والتوازن يحدث عندما نقبل الآخر المختلف معنا، فنحن أعضاء في جسد واحد متكامل، وكل عضو له أهميته ونفعه ولا يمكن الاستغناء عنه (1كو12).

8-   التوازن في فهم كلمة الله: هناك البعض يركز على جزء من الحق ويعتبر أن هذا هو كل الحق، في الوقت الذي فيه آخر يركز على جزء آخر ويعتبره كل الحق.  فعلى سبيل المثال هناك البعض يركز على أن المسؤولية المطلقة تقع على الإنسان متجاهلين عمل نعمة الله، والبعض الآخر يركز على النعمة ويرفض كل ما يركز على مسؤولية الإنسان.  أو قد يركز شخص على أهمية العبادة والسجود والكهنوت المقدس ويهمل الاهتمام بالنفوس البعيدة، بينما آخر يرفض فكرة اجتماع المؤمنين معًا ككنيسة حول الرب، ويطالب بالخروج إلى الشوارع لتقديم المسيح للنفوس البعيدة.  لكن لا هذا ولا ذاك هو الصحيح. 

والإنسان بطبيعته يولد أكثر ميلاً إلى ناحية ما، وله منهج فكري وسلوكي يُفضله.  كذلك البيئة التي نشأ فيها الشخص تساعده، إما لتزداد عنده عناصر التطرف، أو تساعده على أن يميل للتوازن.  فلا بد لكل شخص أن يتعلم التوازن ومع الزمن يبدأ في قبول فكرة أن هناك تنوعًا وأنه ليس الوحيد الصحيح ومع الوقت تقل بالتدريج في كيانه عناصر التطرف والاعتداد بالذات، فيصير كل سنة متوازنًا أكثر من السابقة لها.

ولنا في الرب يسوع القدوة والنموذج، فقد كان مُتزنًا ويجمع بين:

1 – الصلابة والليونة 
2 - الوداعة والغيرة المقدسة
3 - اللطف والصرامة
4 - الكرم والتدبير
5 - عظائم الأمور وصغائرها 

6 - يهتم بالجموع والأفراد
7 - الخدمة والخلوة
8 - أمور الله وأمور العائلة
9 - الحزن والفرح

طلبتي للقاريء العزيز ولي أن نعيش حياة أكثر نضجًا واتزانًا فيما تبقى من الحياة.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com