عدد رقم 4 لسنة 2007
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
نصائح شيطانية   من سلسلة: نصائح شيطانية

عزيزي علقم:

لقد سُررت جدًا بما أخبرتني به عن علاقة هذا الرجل بأمه.  فقط عليك أن تستمر مستثمرًا هذا التفوّق.  إن العدو سوف يعمل من الداخل إلى الخارج لتغيير أخلاق هذا الرجل، حتى يرتقي بسلوكه أكثر فأكثر، طبقًا لمقياسهم.  وقد يصل في أي لحظة إلى أخلاقيات وسلوكيات هذا الرجل من نحو المرأة العجوز.  ولذلك عليك أن تسرع لتصل أنت أولاً إلى سلوكياته من نحو أمه.  هذا يستلزم منك أن تكون على إتصال دائم بزميلنا ”لزقة“، والذي هو منوط بمسؤولية العمل على الأم، وعليكما أن تبنيان معًا في هذا البيت عادة متأصّلة من المضايقة المتبادلة: ”نكد يومي“.  والطُرق الآتية ستساعدكما على تحقيق ذلك.

  1. احتفظ بذهنه مركَّزًا على نفسه، وعلى ما يحدث بداخله.  إنه يعتقد أن الخلاص الذي حصل عليه حديثًا هو حدث قد تمّ في داخله، ولذلك أنت تلحظ أنه في الوقت الحاضر هو مشغول تمامًا بنفسه، ويصبّ كل انتباهه على حالات ذهنه، وبالذات على تلك المستويات العالية جدًا من الروحانية، ولا سيما في أشكالها التي تخلقها أنت وتضعها أمامه باستمرار.  هيا ادعم هذا الوضع، واجتهد أن تحتفظ دائمًا بذهنه بعيدًا عن المسؤوليات الروحية والأدبية المبدئية جدًا، بينما تجعله ينشغل دائمًا بالمستويات الروحية المتقدِّمة والعالية جدًا.  هيا فَعِّل وضخِّم من هذا العيب الذي يميز الطبيعة البشرية، والذي يعمل دائمًا لصالحنا؛ ألا وهو إهمال وتجاهل الأمور الواضحة والبسيطة.  يجب عليك أن تشتغله باجتهاد في هذا الاتجاه، حتى تصل به إلى الحالة التي يمكن أن تراه فيها يقضي ساعة كاملة في فحص النفس الدقيق دون أن يكتشف أي من هذه الحقائق عن نفسه (تجاهله وإهماله لأبسط المبادئ الأخلاقية).  بينما هي واضحة في شخصيته وضوح الشمس لأي واحد قد يكون عاش معه في البيت ذاته أو عمل معه في المكتب ذاته. 
  2. بلا شك أنت لا تستطيع أن تمنعه عن الصلاة من أجل أمه، لكننا لنا وسائلنا القادرة على جعل صلاته هذه غير مؤذية وغير ضارة.  ابذل كل الجهد لجعل كل صلواته من أجلها روحية، وروحية جدًا.  على سبيل المثال، اجعله دائمًا مهمومًا في صلواته من أجلها بحالة نفسها الأبدية، دون أن يصلي مرة واحدة من أجل حالة الروماتيزم الذي تعاني منه.هذا سيحقق فائدتين:

    أولاً: سيجعل انتباهه دائمًا متجهًا إلى سلوكياتها التي يعتبرها هو أنها خطاياها، وبالطبع هو يقصد بهذه الخطايا، بفضل بعض التوجيهات منك، أفعالها غير المناسية له أو التي تضايقه.  وهكذا تظلّ تلهب له جراح كل يوم لتجعلها أكثر التهابًا ووجعًا لنفسه حتى وهو راكع على ركبتيه ليصلي من أجلها.  تأكد أن هذه المهمة ليست صعبة على الإطلاق، بل على العكس ستجدها مسلّية جدًا لك.

    ثانيًا: حيث أن أفكاره عن حالة أمه الروحية سوف تكون سطحية للغاية، بل وربما خاطئة تمامًا؛ فهو هكذا سيكون - إلى حد ما - يصلي لأجل شخصية أخرى وهمية من صنع خياله.  وعملك أنت حينئذ هو أن تجعل هذه الشخصية الوهمية التي رسمها لأمه، والتي يصلي لأجل نفسها، أقل فأقل تطابقًا مع الأم الحقيقية، يومًا وراء الآخر.  اجعلها في ذهنه ”هذه المرأة العجوز ذات اللسان السليط على مائدة الإفطار“.  ومع الوقت ستنجح في أن تجعل الهوة شاسعة بين الشخصية الحقيقية للأم وشحصية الأم كما يتخيلها هو في صلاته من أجلها، للدرجة التي تضمن معها أنه ولا كلمة أو شعور واحد في كل صلواته يمكن أن يطول الأم الحقيقية ليشفي أويعالج شيئًا فيها من الأمور الحقيقية التي تحتاج إلى علاج عندها.  وأنا شخصيا لديَّ مرضاي الذين أحكمت قبضة يدي عليهم للدرجة التي فيها نجحت أن أجعلهم يتحولون في لحظة واحدة من صلوات جامدة من أجل خلاص نفس ابن أو زوجة إلى القيام بضرب أو إيذاء الزوجة الحقيقية أو الابن الحقيقي دون أي شعور بلوم من ضمائرهم. 
  3.  عندما يعيش اثنان معا في نفس البيت لسنوات طويلة، فمن المعتاد أن يكون لكل منهما طرق للكلام معيّنة، وتعبيرات وجه معينة، تثير غيظ الأخر وتضايقه، فهيا اشتغل على هذا.  هيا ضخِّم بشدة في وعي مريضك منظر أمه وهي ترفع حاجبها بطريقة معيّنة؛ هذه الحركة التي تعلَّم أن يكرهها منذ أن كان في الحضانة، واجعله دائم التفكير في كم هو يمقت هذه الحركة.  اجعله دائمًا يفترض أن أمه تعلم كم تضايقه هذه الحركة، واجعله يفترض أنها تفعلها لكي تضايقه.  ولو كنت تعرف شغلك جيدًا، فإنك ستجعله لا يلحظ غباوة هذا الافتراض وعدم صحته بالمرة.  وبالطبع لا تدعه يفكِّر بالمرة أنه هو أيضًا لديه طرق كلام معينة وتعبيرات وجه معينة تضايق أمه، ولا أعتقد أن هذا يصعب إنجازه طالما أنه لا يرى تعبيرات وجهه ولا يسمع نغمات صوته التي بها يتكلم عندئذ.
  4. في المجتمعات المتحضّرة يمكن التعبير عن الكراهية المنزلية من خلال أقوال وعبارات لا يمكن أن تبدو مؤذية إذا كتبت على ورق!!  فالكلمات في ذاتها ليست مؤذية، لكنها إذا قيلت في وقت معين أو بطريقة معينة لن يقل أذاها عن الصفع على الوجه!!  ولكي تلعبان هذه اللعبة المسلية يلزمك أنت وزميلك ”لزقة“ أن تزرعا في هذين الغبيين شيئًا من أسلوب المعايير المزدوجة.  عليك أن تجعل مريضك يطالب دائمًا بأن كلماته ينبغي أن تؤخذ كما هي ببساطة، ودون البحث فيما وراء الكلمات، في الوقت الذي فيه يحكم هو على كل كلمات أمه بطريقة مختلفة تماما؛ إذ يأخذها بحساسية شديدة للغاية، ويغوص دائمًا في محاولة تفسير النغمة التي قيل بها الكلام، وقرينة الكلام، والنية المحتملة التي وراء هذا الكلام.  وبالطبع لكي تنجح هذه اللعبة لا بد أن تكون المرأة تتعامل معه بنفس هذه الطريقة.  وهكذا سيخرج كلاهما من كل مشاجرة وهو مقتنع تمامًا، أو تقريبًا، أنه بريء بالتمام.  دعني أعطيك مثالاً لهذا، كأن يقول مثلاً: أنا سألتها ببساطة شديدة: متى سنتناول الغذاء فغضبت جدًا!!  وبمجرد ما تتأصل هذه العادة سوف تستمتع بهذا الموقف المسلّي من الإنسان عندما يقول أشياء وغرضه واضح للغاية أنه يريد به أن يؤذي الأخر، ومع هذا يظل يشكو ويشعر بالظلم إذا شعر هذا الأخر بالأذى!!

أخيرًا أخبرني شيئًا عن الموقف الديني للمرأة العجوز، هل هي تشعر بأي شيء من الغيرة من هذا العنصر الجديد الذي جَدَّ على حياة ابنها (الرجوع إلى الله)؟  هل يضايقها أن ابنها كان لا بد له أن يتعلم هذا من آخرين، في هذا العمر المتقدِّم، ما تعتبره أنها هي التي أعطته الفرصة الكبيرة لتعلّمه في طفولته؟  هل هي تشعر أن ابنها يضخِّم من الحدث الذي حدث معه ويعطيه حجمًا أكبر جدًا من حقيقته، أم أنه يشعر بأن ماحدث معه مجرد أمر سهل ويسير؟  على أي حال تذكَّر الابن الأكبر في قصة العدو الشهيرة.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com