عدد رقم 2 لسنة 2007
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ابدأ رحلتك مع الله   من سلسلة: 8 مبادئ لعلاج الاكتئاب

ماذا تفعل عندما لا تعلم ماذا تفعل؟

الإحباط والإكتئاب..  هل عند الله مخرج؟  هل لديه حل؟

إن السواد الأعظم من الناس لا يقدرون أن يروا المخرج الذي أعدّه الله لهم من كآبتهم، وإحباطاتهم، وذلك بسبب تلك الظلمة التى تكتنفهم والتي تجعلهم يتساءلون في يأس إن كان هناك مخرج على الإطلاق من حالة كحالتهم.  وإن وُجد، فما هو الطريق للوصول إليه؟

إن إكـتئابهم العميق جدًا أغرقهم تمامًا، تاركًا إياهم بلا أمل أو رجاء. 

حسنًا..  هناك أخبار سارة؛ فقد وُجد المخرج، وتستطيع أن تجده عندما ينشط إيمانك فى شخص الله ويصبح إيمانًا عمليًا، وفي هذه المقالات سوف نتعرف على ثمانِ مبادىء أساسيه تساعدك على ممارسه هذا الإيمان.

فكَر في هذه المبادىء، واعتبرها أحجار لأساس متين تضعها فى فكرك لكى تبنى عليها البناء الذى تحتاجه لتنتصر على اكتئابك.

المبدأ الأول: ابدأ رحلتك مع الله

عندما نتكلم عن الله، نحن لا نتكلم عن قوه هلاميه جامعه وشامله تتحكم فى كل شىء.  كلا.  بل نحن نتكلم عن شخص حقيقى كامل، له عقل وإرادة، ولديه القدرة ليعمل ويتدخل فى حياتنا.

لذلك عندما نقول إن الإيمان والثقه فى الله سيقودانك للتغلب على الاكتئاب، نحن لا نتكلم عن مجرد مشاعر دينيه دافئه، أو حتى محاولة لممارسه التفكير الإيجابى؛ كلا، بل إن قيمة الإيمان الحقيقى تنبع من كونك تضع ثقتك فى شخص حقيقى أيضًا، يعلم كل صغيره وكبيرة عنك، ويعرف طريق حياتك، بل ويعدك أن يقودك فيه.  إن هذا الشخص ببساطه هو الله.  لذلك فإن مبدأنا الأول للشفاء من الاكتئاب هو: ابدأ رحلتك مع  الله.  إنك لا تستطيع أن تفعل أى شىء بالإستقلال عنه، بل إنك لا تستطيع أن تحيا بدونه.  واعلم أن احتياجك لله لا يرجع إلى وجود ضعف ما فيك، بل هو احتياج منطقي وطبيعي تمامًا كاحتياجك للهواء كى تحيا. 

نحن لم نخلق أنفسنا، ولم نُصَمَّم على أن نعرف كيف نخطِّط طريق حياتنا.  لقد شكَّلنا الله تمامًا لكى نعتمد عليه كليًا.  إنك عندما تمارس إيمانك بصورة عملية بالله، أى تضع ثقتك فيه، فأنت تُعِدّ نفسك لإنجاز أمور عظيمة واكتساب فضائل خاصة تبدو وكأنها أكبر من إمكانيات البشر.  وهذا هو ما تحتاجه لكى تنتصر على الإكتئاب؛ سيصل بك الإيمان الصحيح إلى أبعاد أعمق من محدودية المعرفة والقوة البشرية، ويضع قدميك كى تخطو خطوات واسعة مكتشفًا آفاق معرفة الله وقوته غير المحدودتين.  إن الأغلبية العظمى منّا، عندما لا تعرف كيف تتصرف حيال موقف مؤلم ما أو مشكلة صعبة، تفعل  شيئًا من اثنين: الأول؛ هو محاولة تكرار نفس الشىء الذى لم تنجح فيه فى المرات السابقة، لكن هذه المرة تبذل مجهودًا أكبر وأكبر.  ولنأخذ مثالاً على ذلك هؤلاء اللذين أُصيبوا بداء ”الرجيم“ المُزمن، أو لنَقُل مُدمنى ”الرجيم“؛ فها هم هذه المرة يصمِّمون على استجماع وشحذ كل ما لديهم من قوة الإرادة لعلّهم ينجحون، ولسان حالهم يقول ”سنفعلها هذه المرة“.

أما الأمر الثانى فهو أن نكفّ عن محاولة فعل أى شىء، ونعلن الاستسلام تمامًا!  فيقول أحدهم مثلاً: ”سأكل وأكل كيفما أشاء.  لن أكون إلا شرهًا، فما الفائدة من المحاولة؟“.

إن رد الفعل الأول هو عادة ما يخلق الثانى. 

خلاصة ما أريد قوله هو أن محاولاتنا الدؤوبة المستمرة لمواجهة الحياة بما لدينا من قوة ومعرفة محدودتين، سيؤدّى بنا حتمًا إلى العبث واليأس.

لكن شكرًا للرب، إن تدبير الله وخطته هو أنه عندما تصل إلى نهاية نفسك فهذا هو بداية بزوغ فجرك.  «طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ»، هذا هو قول الرب فى متى 5: 3.  عندما تعترف بعجزك، وتطلب معونة الرب لك، حينئذ ستتجاوز، بل وتسمو فوق محدوديتك.  بل وتصبح كل ثروات ومعونات الله متاحة لك.  نحن لا نستحق أن نمتلك هذه المصادر والمعونات الإلهية، بل نحن نحصل عليها كهبة مجانية منه؛ عندما، فى اتضاع وانسحاق، نتعلّم ونفهم احتياجنا العميق لخالقنا.  إنه على أتمّ الاستعداد أن يتدخل فى حياتك، فقط كل ما عليك فعله هو أن تقول له: ”نعم يا رب..  تفضّل وقُد أنت حياتى“.  عندها سيزوّدك بكل ما تحتاجه كي ما تتغلب على أشد أنواع الإكتئاب قسوة فى إضعافه وتدميره لحياتك. 

فى بعض الأحيان يكون طريق الرب لتخليصك من الإكتئاب حقًّا معجزيًا، وفى أحيان أخرى يحتوى على الكثير من العمل والتغيير من جانبك.  لكن مهمها اختلفت طرق الله لإخراجك من الإكتئاب، فهي غالبًا ستكون ليس كما توقعتها أن تكون!  لكنها دائمًا تعمل وتنجح. 

(يتبع)
د.  هنري كلود، د.  جون تاونسند

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com