عدد رقم 2 لسنة 2007
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
شهادة حية  

من أعظم وأروع البركات التي يحصل عليها المؤمن بعد أن يولد من الله هي الشركة مع أخوته المؤمنين، أعضاء جسد المسيح الواحد.  وإذا كان الإنسان بطبيعته كائن اجتماعى يحتاج إلى الشعور بالانتماء لجماعة من الناس والاندماج معهم، فإن الشخص الذي يوُلد من الله في مجتمع غير مؤمن يشعر بالغربة الشديدة فيه، حتى تجاه أفراد عائلته المقربين!  فهو يفاجأ بأن التغير الذي حدث بداخله، بسبب سريان حياة المسيح في كيانه وسكنى الروح القدس في قلبه، سبَّب تغييرًا في سلوكه واهتماماته، بل وحتى هواياته؛ مما يجعله يشعر أنه غريب عن مجتمعة الذي طالما استمتع بالحياة فيه والانتماء له.  بل إن هذا المجتمع نفسه يبادله نفس الشعور باندهاش شديد ورفض لهذا التغير العجيب؛ مما يجعله - أي المؤمن - يبحث بشدة عن من يشاركه باهتماماته وأفكاره ومشاعره الجديدة.

هذا هو باختصار ما شعرت به بعد أن افتقدني الرب بنعمته وخلّصني؛ فقد أصبحت غريبًا بين أقرب أصدقائي، وحدث نفور متبادل بيننا، ورفض متبادل لكل محاولات التغيير التي حاول كل طرف أن يجريها في الآخر.  مما دفعني إلي محاولة الاندماج في الكنيسة التقليدية التي كانت عائلتي تنتمي إليها، وبسبب الترحيب والحفاوة الشديدين اللذين قوبلت بهما من الجميع، ظننت أنني وجدت ضالتي المنشودة، وأنّ هذا هو المجتمع الذي سوف أمارس فيه حياة الشركة المسيحية كما أقرا عنها في سفر الأعمال.  ولكن بعد فترة ليست كبيرة أخذ الشعور بالاغتراب يعاودني مرة ثانية، فكلّما كان حبّي لكلمة الله يزداد، وإدراكي أن الرب يسوع ينبغي أن يكون متقدِّمًا في كل شيء، سواء كان عبادة أو خدمة أو أي شيء في الحياة؛ كلما كنت أشعر أن هذا أبعد ما يكون عن كل ما أمارسه في هذا المجتمع.  وعلى قدر ما كنت أحاول أن أوجِّه الصلوات أو الخدمة إلي هذا الاتجاه على قدر ما واجهت من رفض ومقاومة.  و كان لا بد في النهاية أن يحدث الانفصال. 

وهذا ما حدث.  وكان الرب الحبيب في نعمته قد أرشدني إلي جماعة من المؤمنين يجتمعون حول الرب يسوع، بحبٍّ وتقدير شديدين.  وأشهد أمام الله أنه من المرات الأولى التي حضرت فيها هذا الاجتماع شعرت بألفة شديدة، بل وحب شديد لكل الحاضرين، على الرغم من أني ظللت لمدة عام أتردد على هذا الاجتماع دون أن أعرف سوى عدد قليل جدًا من الإخوة فيه معرفة شخصية.  ولكن كلما زاد اندماجي فيه كلما زاد فيّ الشعور بأن هذا هو المكان المناسب  لي.  

واختبرت عمليًا ما يقول الكتاب المقدس في 1كورنثوس 12:12، وبدأت أستمتع بنوعية جديدة من الشركة لا يعرفها إلا الذي تذوّقها؛ شركة أعضاء جسد المسيح الواحد، التي لا نظير لها في العالم.  أصبحت لي عائلة كبيرة جدًا، فيها الكثير من الأمهات والآباء والإخوة والأخوات، بل والأبناء.  فكل أم أو أب أو أخ أو أخت أو طفل أشعر أنهم عائلتي الخاصة.  والرائع والعجيب أنه كلّما ازدادت محبّتنا للرب يسوع واقترابنا منه، كلما ازدادت شركتنا معًا واقترابنا أحدنا من الآخر.

وما أروع ما نستمتع به، سواء كان في اجتماع للعبادة أو حتى مناسبة اجتماعية، حيث يكون الرب الحبيب والسيد في وسطنا، ومركز اهتمامنا.  وفي كل يوم نختبر مشاعر من المحبة التي لا يعرفها العالم، محبة من ذات نوع محبة السيد، بدون غرض ولا مصلحة، لكنها محبة من قلوب فائضة بالحب سبق وأن غمرها الحبيب بمحبته الفائقة المعرفة.

والآن بعد مرور حوالي عام ونصف على اشتراكي مع إخوتي على مائدة الرب، أسجد للرب الحبيب شكرًا، لأنه ضمّني بنعمته لجسده، أي كنيسته ومتّعني بأرقى وأعظم شركة في الكون: شركة جسد المسيح.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com