عدد رقم 2 لسنة 2007
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الكنيسة والاجتماعات النوعية  

لماذا الاجتماعات النوعية؟

أليس اجتماع الكنيسة كافيًا لبنيان وتعزية وتشجيع المؤمنين لكل الأعمار؟ 

وإذا كانت الاجتماعات النوعية ضرورية وهامة، فلماذا لا تُعمَّم لكل الأعمار والأنواع: الكبار والصغار، الإخوة والأخوات؛ وتقدَّم فيها خدمات أكثر تخصُّصًا، ولا داعي للاجتماع الكنسي؟ 

وما هو شكل هذه الاجتماعات وكيف تعمل؟ 

هذه وغيرها أسئلة نرجو الإجابة عليها.

أهمية الاجتماعات النوعية

لا ينبغي أن يكون الدافع للاجتماعات النوعية هو مجرد عمل اجتماع لأن الآخرين يعملون، ولا هروبًا أو نفورًا من اجتماعات الكنيسة بدعوى ثقلها أو ضعفها.  كما أنه لا ينبغي أن يكون الهدف منها هو تشجيع مجرد الميل للنشاط والحركة، عند البعض، لكي يجدوا أنفسهم فيها، وهي أسهل كثيرًا من الحركة في الكنيسة.

للكنيسة اجتماعاتها التي تواظب عليها والتي فيها تجتمع الكنيسة كلها (1كو 14: 23)؛ والهدف منها هو أن تنال الكنيسة بُنيانًا وأن يتعلّم الجميع ويتعزى الجميع (1كو 14: 5، 31).  ولها أيضًا فرصها الخاصة التي فيها يمكن أن يقوم أحد المعلّمين، سواء من الكنيسة المحلية أو من مكان آخر، بشرح حقيقة تعليمية يرى الشيوخ والرعاة أنّ الكنيسة في حاجة إليها.

ولكن أيضًا للكنيسة، ممثَّلة في الشيوخ والرعاة، مسؤولياتها أيضًا التي تقوم بها، سواء تجاه العالم المحيط؛ فتقوم بعمل فرص تبشيرية فيها تدعو مبشِّر للتبشير وتدعو خطاة من كل الأماكن والأعمار لتقديم إنجيل المسيح لهم «مِن قِبَلِكُم قد أذيعت كلمة الرب» (1 تس 1: 8).  وكذا مسؤولية تجاه فئة معينة من أعضائها أو المترددين تري أنهم يحتاجون إلي طعام معين خاص.

وبالتالي؛ فالاجتماع النوعي لتوصيل فائدة معينة أو طعام معين لفئة محدَّدة تري الكنيسة أن هناك ضرورة لهذه الوسيلة.  ويكون الهدف منها هو ربط النفوس أكثر بالمسيح، بتمكنهم أكثر من كلمة الله، فيصبحون أكثر نضوجًا روحيًا.  وهذا يساعد أكثر علي ارتباطهم بكنيسة الله.

ومع أنه لم تأتِ إشارة مباشرة في الكتاب لعمل مثل هذه الإجتماعات.  إلا أنها نوع من الخدمات والأنشطة التي أشار الكتاب أن الكنيسة الشيوخ والرعاة يقومون بها تجاه فئة معينة لها خصائص عمرية أو إنسانية أو روحية مشتركة.

ففي العهد القديم كانوا بنوا الأنبياء يجتمعون إلي أليشع بمفردهم مرات متعدّدة (2مل 5: 38-41؛ 6: 1-7).

وفي العهد الجديد: علي المستوي الفردي نقرأ كلمات بولس «لم أؤَخِّر شيئًا من الفوائد إلا وأخبرتكم وعلمتكم به، جهرًا وفي كل بيت» (أع20:20).  وكذلك يوصي تيموثاوس أن يعتني ببيت الله الذي هو كنيسة الله الحي (1تي 3: 15)؛ كما يوصيه أن يخدم كل فئة حسب نوعها واحتياجاتها (1تي5: 1-2).  وقد يكون هذا في عمل مع الأفراد، يقوم به تيموثاوس، أو في فرص جماعية نظير الاجتماعات النوعية لهذه الفئة أو تلك.  وفي هذا أيضًا مجال للأخوات الذين لهن موهبة للخدمة في وسط اجتماعات الزهرات والشبات.

علاقتها بالكنيسة المحلية

هذه الاجتماعات تُقام نظرًا لإحساس الكنيسة المحلية بالاحتياج.  ولا تكون الفكرة مجرَّد وليدة هذه المجموعة العمرية أو تلك، يرغبون في إجتماع ثابت لهم دون أن يرى مسؤلو الكنيسة الاحتياج لذلك.  وبالتالى ينبغى أن يكون هناك مسؤول فى كل اجتماع فرعى من شيوخ الكنيسة المثقَّلين بالعمل فى هذه المرحلة العمرية، وليكون هو حلقة الوصل بين الكنيسة وبين هذا الاجتماع.

لا ينبغى أن يكون إجتماع نوعي فى نفس ميعاد أى اجتماع كنسي، فالكتاب يتكلم عن اجتماعات الكنيسة «فإن اجتمعت الكنيسة كلها»، دون استثناء فئة معينة يكون لها اجتماع فى نفس الوقت، حتى لا تُحرَم هذه الفئة من اجتماع الكنيسة.  والتساهل فى هذا الأمر يعمل فاصل بين الكنيسة وبين هذا الاجتماع النوعي.

وإذا تعذَّر هذا، لضيق المكان أو خلافه، فيمكن عمل يوم مخصَّص لكل الاجتماعات النوعية بالتتابع ولا يكون فيه اجتماع كنسى.

دور المسؤولين عن هذه الاجتماعات ملاحظة مدى ارتباط حاضري هذا الاجتماع بالكنيسة وباجتمعاتها، ومدى الشركة بينهم وبين أعضاء الجسد الواحد في الكنيسة كلها وفي كل الأعمار ويشجِّعونهم على ذلك.

أنواعها وشكلها وماذا يُعمل فيها

  • تعدّدت الاجتماعات النوعية حاليًا بكثرة، بدءًا من مدارس الأحد، وهو اجتماع نوعي هام من قديم الزمان ولا غنى عنه، إلي شباب وزهرات إعدادى ثم ثانوى ثم الشباب والشابات، ثم أُضيفت لها اجتماعات أخرى مثل الأخوات، أعمدة الزوايا، الأسر الحديثة، المعاشات الرجال، والرجال المقابل لأعمدة الزوايا، وأيضًا إجتماعات معيَّنة مثل الأطباء والتمريض، الصيادلة، رجال الأعمال، المتابعة؛ وهكذا يمكن للأمور أن تتزايد بلا حدود.  لكن هل فعلا كل هذه الإجتماعات هامة وضرورية؟
  • هناك أهمية لاجتماعات نوعية كمدارس الأحد واجتماعات النشء، فأعتقد أنها هامة للذين لا يستطيعون، فى مرحلة معينة، أن يجدوا طعامهم فى كنيسة الله، ولم يتدربوا على ذلك بالقدر الكافى والذين تميزهم حالة الطفولة الروحية «لما كنت طفلا كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر.  لكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل» (1كو 13: 11).

هناك أهمية للاجتماعات نوعية للذين لا يستطيعون، فى مرحلة معينة، أن يجدوا طعامهم فى كنيسة الله، ولم يتدربوا على ذلك بالقدر الكافى

كما أن الاجتماعات الفرعية هامة أيضًا للمترددين الذين لم يتعلّموا بالقدر الكافي، ولم يتمكنوا من أخذ طعامهم مباشرة من الكلمة.  وأستطيع أن أقول بلا تردد أن كثرة هذه الإجتماعات لكل الفئات المختلفة من عمر أو جنس يعنى فقر تقديم الطعام فى الكنيسة المحلية وكذلك زيادة حالة الطفولة الروحية بين المؤمنين.

  • طابع الاجتماعات النوعية لا بد أن يكون مختلفًا عن طابع الاجتماع الكنسى فالمسؤولون سبق وصلّوا وأراحهم الرب على ما يقدّمونه، وكل شىء سبق اعداده.
  •  الشكل دائمًا يخدم الغرض، وبالتالي يكون السؤال لكل اجتماع: ماذا نريد أن نقدِّم؟  وما هى أنسب الوسائل لتقديمه لهذه الفئة؟  وبالتالى يكون الشكل مختلف من اجتماع لآخر.  فلا يصلح أن يكون لكل اجتماع نفس النمط: قائد للاجتماع ومرنِّم يقوم ببعض الترانيم، ثم خادم يلقي عظة.  هذا ربما يناسب بعض الاجتماعات لكن لا يناسب البعض الآخر.  فقد يكون بعضها مناقشة مفتوحة، وقد يكون جلسة شركة حبّية، وقد يكون دراسات منظّمة مسلسلة يقوم بها شخص أو يشترك فيه الحاضرون، وقد يكون شرح موضوع معيَّن، وقد يكون تعليم ترانيم، وفى بعض الحالات - لا سيما اجتماعات الشباب الكبار - قد يكون تدريب على السجود العلنى... وهكذا.
  • بعض الفئات مثل مدارس الأحد، أو إجتماعات طلبة الجامعة، تحتاج إلى إجتماعات أسبوعية منتظمة وهكذا كل الأعمار الصغيرة.  أما بالنسبة للكبار فالوضع الطبيعي أن بنيانهم وتعليمهم يكون وسط الكنيسة، وإذا احتاجوا لطعام خاص لمناقشة أشياء تخصّهم، مثل المشاكل الأسرية، فربّما يكون كافيًا مرة كل شهر، أو متى لزم الأمر.
    حضور الرب وقيادة الروح القدس فى هذه الإجتماعات
    الرب يحضر ويدعم كل نشاط وعمل روحي يقود هو الفرد أو الكنيسة للقيام به، وهو يحضر لكى يبارك هذا العمل.  والروح القدس أيضًا يقود القائمين على العمل ويرافق الكلمة لبركة النفوس.  إلا أن هذا مختلف عن حضور الرب كرأس الجسد في الإجتماع الكنسي، الذي فيه يكون في الوسط كالمركز، والروح القدس يقود جميع أعضاء الجسد الملتفين حول الرأس، كجسد واحد فى منظومة متناغمة، ويكون الرب مسبّحًا فى وسطهم.  فهذا شيء يميز الاجتماعات الكنسية فقط.
    الإجتماعات النوعية والشهادة
  • الشهادة هى الطريقة التى بها يعلن الله ذاته للعالم، وهو فى كل العصور «لم يترك نفسه بلا شاهد».  وفي العهد القديم كانت هناك «خيمة الشهادة»، وهو المكان الذي يحلّ فيه الرب ويلتف حوله الشعب وهو وسط شعبه؛ وكان هو المكان الوحيد للشهادة.  وكل من يريد مقابلة الرب فهذا كان مكان التقابل معه.  وكان كل جزء فى الخيمة أيضًا كان مطبوعًا بطابع الشهادة.  فنقرأ عن «تابوت الشهادة»، «وحجاب الشهادة»، «ولوحي الشهادة».

الشهادة هى الطريقة التى بها يعلن الله ذاته للعالم... والكنيسة هي الكيان الشرعي الوحيد الذي أقامه الرب للشهاده له في هذا المكان أو ذاك.

  • فى العهد الجديد؛ الكنيسة هي الكيان الشرعي الوحيد الذي أقامه الرب للشهاده له في هذا المكان أو ذاك.  والكنيسة ممثَّلة في كل الجماعة التي تجتمع إلى اسم الرب في هذه المنطقة أو تلك.  ولا يمكن استبدال الكنيسة بأيٍّ من هذه الاجتماعات النوعية ليكون هو الشهادة مهما كان وضع الكنيسة.  فكنيسة كورنثوس، مع ما كان فيها من مشاكل، يخاطبهم الرسول قائلاً «كما ثبتت فيكم شهادة المسيح» (1كو 3: 6).
  •  لكن الذين يحضرون هذا الاجتماع النوعي أو ذاك، هم جزء من الشهادة، لأنهم جزء من الكنيسة مع كونهم اجتماع مستقلّ.  فهم يُنسبون، في سلوكهم وتصرفاتهم وانتمائهم للرب وشهادتهم له، للكنيسة المحلية التي تُعتبر هي الشهادة سواء مجتمعة أو غير مجتمعة.  فعندما يتحدّث العالم عن كنيسة أو أخرى فهو يتحدّث عنها ككل، وليس عن فئة عمرية أو مجموعة معينة من الأفراد، بل الكنيسة ممثَّلة في الجميع.  وذلك لأن الكنيسة هى المكان الذى يُظهر الرب فيه ذاته ويمارس سلطانه.
    مخاطر الإجتماعات النوعية
  •  يقينًا الاجتماعات النوعية، متى عُملَت بالطريقة الصحيحة، ومن أجل هدف واضح، فستكون بركة لنفوس الحاضرين.  ولكن الخطورة ستأتي إذا تحوَّل الاجتماع النوعي إلى هدف في حدِّ ذاته، فأصبح وحدة قائمة بذاتها مستقلّة عن الكنيسة، لها أعضائها الذين ينتمون إليها فقط، متغافلين أنهم جزء من كنيسة الله، وأن الكنيسة هى المسؤولة عنهم.  فيفعلون ما يشاؤون بالطريقة التى يرونها أنها مناسبة، سواء وافق الاجتماع المحلي عليها أم لا. 
  •  كما أن التطرف في الإنتماء لهذه الاجتماعات سيصاحبه، جنبًا إلى جنب، فقدان الإحساس، تدريجيًا، بالانتماء للكنيسة أو بأهميتها.  كذلك ستكون هناك خطورة عندما يكون هذا الاجتماع، بالنسبة للمؤمن، أهم من اجتماعات الكنيسة، فيكتفى الشخص به؛ وتدريجيًا تنقطع علاقته بالاجتماعات الكنسية وينفصل عنها.
  •  وسوف يترتب على هذا فقدان الحساسية الروحية للقيادة الإلهية.  والتعود على التنظيم والترتيب (وهذا هو الأسهل لأن التدرّب على التعامل مع الرب مباشرة من الأمور الصعبة)، والنتيجة استمرار حالة الطفولة الروحية في التعامل مع أمور الله.

الذين يعيشون فى هذا الجو هم أكثر الشخصيات التى تؤثّر سلبيًا على الكنيسة بصفة عامة وعلى الاجتماعات الكنسية بصفة خاصة.  وهم أكثر من ينتقدون الاجتماعات الكنسية بحجّة ضعفها، مع أن وضعهم هذا من أهم أسباب الضعف.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com