عدد رقم 2 لسنة 2008
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الروحاني والصلاة  

إن القراءة السريعة لحياة الرب يسوع (بصفة خاصة في إنجيل ابن الإنسان: لوقا) تلفت انتباهنا إلى رجل الصلاة الحقيقي، الذي لم تكن الصلاة بالنسبة له مجرّد طلبات في وقت الاحتياج، بل كانت أسلوب حياته وأنفاسه، بل نستطيع أن نقول إنه كان مكرَّسًا للصلاة ”أما أنا فللصلاة“ (قراءة أدق لمزمور 109: 4).

يخبرنا بولس، المصلّي، في 2كورنثوس 3: 18، أن التواجد في حضرة الرب ليس فقط يمنحنا التمتّع بمجد حضوره، لكننا أيضًا نتغير.

واحدة من أسباب تأخير الرب لاستجابة بعض طلباتنا، لأنه يعلم أن احتياجنا لأن نكون معه أهم من سداد الطلبات التى طلبناها منه.

لقد أحرج يوحنا وبطرس مجلس السنهدريم بسبب شجاعتهما المتميّزة، والكتاب يعلن أنهما كانا عاميّان، لكن ما يستوقفنا هو ملاحظة الأعداء «أنهما كانا مع يسوع» (أع 4: 13).

إن أفضل شيء يمكن أن نقدّمه لجيلنا ولأجيال لاحقة، ليس هو كتبنا الروحية (مع أهميتها)، لكن ثمر سيرنا مع الرب الذى نتحصل عليه نتيجة للوقت الذى نقضيه معه.

صرَّح رجل الله مودي مرة بالقول: إنني أفضِّل أن أتعلم كيف أصلي أكثر من تعلّمي كيف أعظ، فلم يطلب التلاميذ من الرب أن يعلمهم كيف يعظون، بل كيف يصلون (لو 11: 1).

إن الخلاصة هي في قول الرب لمرثا ولنا: «أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد» (لو10:  41، 42).

إننا نتوقع نمو الكنيسة حينما نتبع مثال الحاجة إلى الواحد ونتخلى عن المشغولية الزائدة بالاحتياجات المتعددة.

دعونا نلجأ في هذه الأيام إلى ما هو أفضل من البرامج والطرق، فالله يبحث ويفتش عن نساء ورجال أفضل، فالروح القدس يستخدم ويملأ الأواني (رجالاً مصلين) وليس البرامج والطرق.

تقييم حياة الصلاة

واسمحوا لي الآن أن نمتحن أنفسنا فنقييم صلواتنا من جهة أربعة أشياء:

أولا: بعرضها

  • هل حياة صلاتنا واسعة بشكل كاف يشمل ويغطّي المجتمع الذى نعيش فيه؟ 
  • هل نصلي دوريًا للحكام المحليين؟ 
  • هل نصلي لأجل عمل الله في الأحياء التي نعيش فيها، بغضِّ النظر عن من يقوم به؟ 
  • هل نصلّي لأجل الجيران بغض النظر عن خلفياتهم بل وديانتهم؟ 
  • هل نحمل تثقلاً في قلوبنا تجاه الشباب في منطقتنا؟ 

هل حياة صلاتنا واسعة بشكل كاف يشمل ويغطّي
المجتمع الذى
نعيش فيه؟ 

  • هل نصلي لأجل قوانين البلاد وتشريعاتها، ولأجل كل من هم في منصب؟  إن بولس يلتمس (يطلب) ذلك، والرب يمتحن طاعتنا لهذه الوصية.
  • هل نصلي من أجل الدول المحيطة بنا؟
  • هل أنا وأنت حرّاس أمناء في خدمة الصلاة: «على أسوارك... أقمت حراسًا لا يسكتون كل النهار وكل الليل» (إش 62: 6)، إن هذه هى دعوة الرب لك ولي.

صلاة:

يا رب أرسل تثقلاً لقلوبنا بأن لا نفتر ولا نمل بل تتسع دائرة صلاتنا

دعونا نقيِّم حياة صلاتنا أيضا بمقياس آخر:

ثانيًا: بعمقها

معظم المؤمنين يعيشون حياة سطحية، إننا نسعد بحياة أسرنا الاجتماعية، لكننا لا نكترث بحياة أسرنا الروحية، ولا بكنيستنا المحلية.

  • هل نصلي بدموع من أجل اجتماعنا المحلي؟ 
  • هل نصوم ونصلي لأجل حالته؟ 
  • ما مدى عمق صلاتنا؟
  • هل اختبرنا التثقل العميق بالصلاة لمن نحبهم؟ 
  • هل نحب بشكل يظهر في قلب باكٍ ومكسورعلى من لنا؟  دموع الشفقة على الذات هي دموع رخيصة، لكن دموع المحبة المصلّية هي دموع كتابية يقدِّرها الرب.

لقد كانت صلوات داود عميقة (مز 42: 3، 4)، وتأكد أن دموعه محفوظة (مز 56: 8)، ماذا عن تعبيره عن ذلك «جداول مياه جرت من عينى لأنهم لم يحفظوا شريعتك» (مز 119: 136).

لقد عانت أمة إسرائيل نكبات متكررة، لكن صلوات وتضرعات إشعياء، عزرا، نحميا، أرميا وآخرين، كما في لوقا 2: 37، 38، وقفت لتتّحد مع الرب في تتميم مقاصده بالبركة من جهتهم حتى اكتملت بمجيء المخلِّص لهم.

لقد كان الرب يسوع عميقًا في حياة الصلاة التي ارتبطت بدموع كثيرة (عب 5: 7).

ثالثًا: بارتفاعها

هل تمسّ صلواتنا السماء وتحرِِّك يد الله العظيم؟ 

لقد قيل عن صلاة كرنيليوس إنها سُمعت أمام الله.  ولقد ارتفعت صلوات دانيآل للسماء والرب أرسل له جبرائيل ثلاث مرات (دا 8: 15-18؛ 9: 20-23؛ 10: 10-14).

كم هو مشجِّع أننا نعلم أن صلاتنا دخلت إلى عرش الله ، لقد حدث نفس الشيء مع يوحنا الرائي وهو في الروح في يوم الرب.

نحن ما زلنا نحصد استجابات صلاة رجال الله الذين سبقونا والوالدين والأجداد الذين تضرعوا لأجل جيلنا هذا.

رابعًا: بطولها

نحن ما زلنا نحصد استجابات صلاة رجال الله الذين سبقونا والوالدين والأجداد الذين تضرعوا لأجل جيلنا هذا.

إن تأثير هذه الصلاة التى تعبر الأجيال وتؤثر فيها مثل نهر حزقيال (ص 47) والتي عبَّر عنها الروح القدس بالقول «ويحيا كل ما يأتي النهر إليه».

إن تأثير صلواتنا يستمر في طوله عبر الأجيال، ويحفظ حتى وصولنا أمام الرب ووقوفنا أمام عرش الخروف (رؤ 5: 8).

لقد صدق رجل الله أزوالد تشامبرز حين قال: ”إن الصلاة هي أعظم عمل يعمله المؤمن خلال رحلة حياته على الأرض“.

نعم إن التمثل بأبفراس المجاهد كل حين، لكي يُحفظ المؤمنين، ليس في هذا الجيل فقط، بل جيل أبنائنا وأحفادنا، في مشيئة الله؛ لَهوَ أمرٌ بالغ الأهمية (كو4: 12).

نعم فويل للأبناء الذين خلت مباخر آبائهم من الصلاة.

هل نتحد مع بولس في طلبه في أفسس 6: 18؟

وفى توقع الرب منا أن نرفق صلاتنا بالصوم (مت 9: 15)؟

هل صلاتنا فعالة ومقتدرة (يع 5: 16)؟

وهو الآن يعاتبنا: أ لم تقدروا أن تسهروا معي ساعة واحدة (مت 26: 40)؟

دعونى أختم بكلمة صغيرة عن الصلاة المرتبطة بالصوم وأقول:

إن الصلاة هى التعبير عن الاستناد الكلي على الله، بينما الصوم يعبِّر عن رفضنا المطلق لرغبات الجسد الجامحة، وإعطاء الأولوية للتفرغ للعلاقة مع الله.

هل نبدأ في تكريس حياتنا وأجزاء من أيامنا للصوم المرتبط بالصلاة لنرى بركة الرب على جيلنا والأجيال اللاحقة إن تأنى في مجيئه.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com