ما من مؤمن إلا وفي داخله رغبة أن يكون مؤمنًا مثمرًا، لهذا يسوغ لنا أن نتجول معًا في كلمة الرب لنتعلم الكثير عن الحياة المثمرة ولنتعلم أيضًا كيف نأتي بثمر؟
كيف نأتي بثمر؟
لكي نأتي بثمر نحتاج إلى:
- الثبات في المسيح: يوحنا 15 يتكلم عن ثلاثة أنواع من الأغصان. النوع الأول في عدد 6 هناك شخص ليس هو غصنًا حقيقيًا في الكرمة، بل هو «كالغصن»، هذا رغم نجاحه في خداع الناس، لكن «الله لا يًشْمخ عليه» فسيأتي يوم ينكشف فيه تزييفه ويُطرح في النار. والنوع الثاني هو غصن حقيقي لكنه غير مثمر الآن. ربما كانت هناك له ثمار في الماضي، لكن هذا لا يكفي، فالله لا يريدنا أن نعيش على ذكريات الماضي (مز 42: 4)، بل أن يكون لنا الاختبار المتجدد في الشركة معه التي تنمو يومًا بعد يوم، أما في حالة عدم الإثمار، كحالة الغصن الذي لا يأتي بثمر، حينئذ فإنه بعد أن تفشل فيه كل وسائل العلاج، يقوم الكرام بنزعه. أما النوع الثالث فهو غصن مثمر، وفي هذه الحالة يقوم الكرام بتنقيته (تقليمه) لكي يأتي بثمر أكثر. ربما عملية التنقية تبدو وكأنها إتلاف للأغصان لكنها مهمة لتنقيتها من الفروع غير الضرورية. ويستخدم عادة الكرام المقص في عملية التنقية ومن المعروف أن المقص طرفاه متعاكسان، وهكذا فالله في سلطانه يستخدم حتى الأمور المعاكسة -التي قد لا تروق لنا- في تنقيتنا من الأمور المعطلة. ولكي نثمر يجب علينا أن نثبت في المسيح (الكرمة)، والثبات في المسيح معناه الاعتشار بالرب والالتصاق به والارتماء عليه في كل الأوقات، وليس فقط في الفرص الروحية. ويعني أيضًا العيشة بقرب الرب. فهي ليست الزيارات المتقطعة بل السكني الدائمة، ففي حالة الثبات هذه نحن كأغصان نثمر بدون مجهود، فقط علينا كأغصان أن نستمد عصارة الكرمة لكي نظهر صفات حياة المسيح فينا بتلقائية أي نتغير ونكون أكثر شبهًا بالمسيح.
- اللهج في الكلمة (مز1: 2 و3): «في ناموسه يلهج نهارًا وليلاً فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل» هكذا عندما نعطي فرصة لكلمة الله أن تصوغ أفكارنا فينتج عن هذا أن نثمر عمليًا في الحياة. (راجع مَثَل الزارع في متى 13 ولوقا 8 الذي يتكلم عن كلمة الله كوسيلة للإثمار). وحتى أصحاح الثمر (يو15) يكلمنا عن أهمية الكلمة في تنقية المؤمن «أنتم أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به».
- المواظبة على الصلاة: كم هي مهمة أوقات الصلاة التي نقضيها أمام الرب، التي فيها نعلن ضعفنا أمامه. وهذا ما عبّر عنه الرب في يوحنا 15 «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا» لأجل هذا يجب أن نرتمي عليه باستمرار.
- تقبل معاملات الرب التأديبية: بالرجوع إلى عبرانيين 12 نتعلم الكثير عن التأديب. ومن الأمور التي نتعلمها أنَّ «كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح بل للحزن، وأما أخيرًا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام»، فالآب يؤدبنا للمنفعة لكي«نشترك في قداسته»، أي نصل إلى حالة فيها نتوافق معه في صفاته وهذا يجعلنا مثمرين.
- العيشة في جو السلام: كل مؤمن مخلص يبتغي العيشة بحسب فكر الرب، تجده يبتعد عن المخاصمات والأمور المنغصة لأن «ثمر البر يُزرع في السلام» (يع 3: 18).
- الخضوع للتجارب: «استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب! هبي على جنتي فتقطر أطيابها. ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس» (نش 4: 16)، ريح الشمال هي الريح العاتية اللافحة، وهي عكس ريح الجنوب الدافئة، ورغم صعوبتها إلا أنها لازمة لكي ينضج الثمر، وهكذا فالمؤمن لكي ينضج ثمرًا يحتاج إلى ضغطات يد القدير، والمعاملات التي قد تبدو صعبة عليه لكنها نافعة. «ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا (ريح الشمال مع ريح الجنوب) للخير للذين يحبون الله» (رو 28:8).
- الامتلاء بالروح القدس: عندما لا نحزن الروح القدس ولا نطفئه ونكون في المناخ الذي يلائمه يكون لنا ثمره الواضح في الحياة الذي هو: «محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف» (غل 5: 22 و23)، ونلاحظ أنه لم يذكر "ثمار الروح" بل «ثمر الروح» بالمفرد لأن مصدرها واحد على الرغم من تنوعها، ولأنها تعكس حياة واحدة، هي حياة المسيح.
(تمت)