عدد رقم 6 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
شاعرنا الرقيق.. وداعًا  

«ألا تعلمون أن رئيسًا وعظيمًا سقط اليوم؟»

 (2صم 38:3)

 هكذا عبّر داود في مناسبة موت أبنير رئيس الجيش.  قالها وهو في حزن شديد، معبّرًا عن تقديره لأبنير الذي سقط السيف من يده، كما سقط القلم من يد شاعرنا الرقيق "د. زكريا عوض الله"، بعد أن أثرى المكتبة العربية بمئات من الترانيم والأشعار القوية.  لقد كان الراحل عظيمًا بحق دون أن يبحث عن عظمة، ودون أن ينال رئاسة.  والذين عاشروه وصادقوه يعرفون كم كان الرجل متضعًا وبسيطًا بساطة الأطفال.

عرف د. زكريا الرب وهو في الصف الأول الثانوي عندما سمع لأول مرة قصة "الابن الضال".  وتأثر جدا عندم قبل الأب الابن الراجع من الكورة البعيدة.  ومن يومها قبل الرب مخلصًا شخصيًا ورجع إليه بالتوبة والإيمان.  ولسنوات عديدة ظل متأثرًا بهذا المَثَل حتى صاغه في ترنيمة جميلة مطلعها: جئتك أبي لأبتغي طعامًا، يقول في أبياتها:

جئتك أبي في كل بؤسي
هل أعود ابنًا لك من بعد أمسي
  أرتجي أجرًا كعبدٍ قوت نفسي
أبتي أكرمتني رفعت رأسي

بل عملت لي أبي حفلاً كعرسي

 

ومن روائع ترنيماته أيضًا ترنيمة:

ربي في حضنك روحي تستريح تهدأ
يا حبيب القلب روحي فيك دومًا تهنأ

 

إذ فديت الروح بالدم الكريم
يا هناء الروح يا خلّي الحميم

هذه ترنيمة قاله الراحل بل وعاشه, وشعب الرب رنمه وأحبها، والراحة المبتغاة الآن قد ناله.  وقد جاءت هذه الترنيمة في مناسبة لا تُنسى في مؤتمر للشباب في العجمي في صيف 1965 حيث حدث نوء عظيم، وابتلع البحر اثنين من شباب الإخوة المؤتمرين، فجاءت كلماته الخالدة تقول:

حام عني يوم تأتي الريح بالموج العنيف
ومُر الريح وموج البحر طرًا بالوقوف

 

في ظلام الليل ربي واحمني
بل تعال يا حبيبي عزني

***

ولد الراحل الكريم في قرية سندين بسوهاج عام 1918 ورقد في مدينة بورسعيد في 6 أكتوبر عام 2005، وظل يخدم الرب  حتى في أيام مرضه وكان لسان حاله:

كل ومضٍ من ثواني العمرِ
حبُ مولاي، قوت الروح

 

أو نبضٌ بقلبي
بل أكلي وشربي

ولم يفت الراحل الكريم فرصة رقاد أحد من شركاء الخدمة إلا وشارك بقلمه وبقلبه ومشاعره.  فقد كان بليغ في كتاباته، جذابًا في أسلوبه، عميقًا في تأثيره، رشيقًا في صياغته.  فعلى سبيل المثال في تكريمه للراحل الفاضل/ ناشد حنا كتب يقول:

لهفي عليك أبا كرم
ما بال صوتك قد ذوى

 

رجل المنابر والقلم
وطويت بالصمت القلم


كذلك في وداعه لخادم الرب الفاضل/ وديع جندي كتب يقول:

أبا نحميا وكيف اليوم نرثيكا
أبا نحميا يعز علينا تتركنا
أنشد نشيد سما كم كنت ترجوه

 

وكنت بالأمس قول الله في فيكا
وترحل عنا حتى لا نلاقيكا
واملأ ربوع السما سبحًا لراعيكا

***

لقد عرف القيمة الحقيقية للجمال، جمال الروح وليس جمال الجسد فكتب يقول:

الحسن غشٌ والتزين باطلٌ
الشكل يخدعُ إذ يغطي تحته
الحسنُ في الأجسام غشٌ قاتلٌ
المرء روحٌ وليس جسمًا ظاهرًا

 

بل هكذا قال الكتاب المُنَزَّلُ
ميتًًا بقبر والقبور تُجَمَّلْ
فالحسن يبلى والمفاتن تذبلُ
تلك الحقيقة .. ليتنا لا نغفلُ

***

كم كان الراحل الكريم يشتاق لمجيء الرب وكتب الكثير عن هذا الرجاء المبارك ننتقي بعضَا من أبياته الشهيرة:

ستأتي ربي في بهاء
 تأخذني إلى السماء
سألبس الجسم المجيد
سأدرك الحب الفريد

  في السحب عن قريب
هناك يا حبيب
سأعرف بلا حدود
لسيدي يسوع




سأدرك الحب الفريد لسيدي يسوع

وفي صياغته لمثل السامري الصالح كتب يقول:

بل وفي اهتمام توصي بي رحيمًا
واعدًا ستأتي ربي عن قريب
حيثما نبقى هناك يا حبيبي

 

بل وتعطي الأجر عني كريمًا
آخذًا إياي للبيت العجيب
كي ما أسعد معك .. سيدي ما أروعك

وكان آخر إصداراته شريط ترنيم "يشبع قلبي" وقد كتب جميع ترنيماته بأسلوبه العذب الرصين، وتحت عنوان "بلابل الصبح" كتب فيه يقول:

طوبى لمَنْ يصحو في هذا الليل منتظرًا
يحظى بإكليل هناك سوف يلبسه
هيا أفيقوا الآن إن البرق قد قرب

 

يحظى بتكريم لأنه صار معتبرا
والرب يمدحه فيا طوباه قد سهرا
والفجر قد حان وهذا نوره ظهرا

وأخيرًا نعود بالشكر للرب الذي أعطى والذي أخذ، وليكن اسم الرب مباركًا دائمًا.  وليسمح لنا الراحل الكريم أن نقول فيه قطرة من محيط شعره الغزير:

الاسم زكريا والمعنى
هو عطية وعطايا
كان أبًًا فكم شجع
بالأشعار والأسفار
سنينا قصة والكرماء
أخي إيليا في
رأينا النعمة. . رأينا
وعبق يسوع
أبا إيليا ذاك البلبل الصداح
لا مرض بعد، والغيم قد راح
ويا أهل ويا أحباب يا زوار

 
 

 

الله لا ينسىbr /> الله لا تُنسى
وكم واسى
فكم من موضع داس
لمجد الرب عاشوها
فيلادلفيا اتلوها
الحق في الشعر
يفوح منها كالعطر
الليل ولَّى ونور الفجر قد لاح
ولا أتعاب. حان الوقت فارتاح
على الدرب في حب الرب أكملوا المشوار وار

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com