«أنقذ المنقادين إلى الموت، والممدوين للقتل. لا تمتنع» (أم 11:24)
دق التليفون ذات يوم وقال لي المتكلم:
- أيمكنك أن تأتي لزيارة امرأة مريضة؟
- فقلت: هل الأمر مستعجل؟
- نعم. مستعجل جدًا. وربما لا تعيش إلى الصباح.
- إذًا سأجيء حالاً.
وضعت السماعة وخرجت مسرعًا أخترق شوارع المدينة إلى أن وصلت بسرعة إلى المكان، حيث أدخلوني توًا إلى غرفة المريضة وكانت شاحبة اللون، تبدو على وجهها إمارات الحزن والوهن. فتطلعتْ إليَّ وحاولتْ أن تتكلم ولكن صوتها كان ضعيفًا ومتقطعًا، وكان يبدو عليها اليأس حتى أيقنت أنها على وشك الاحتضار.
قلت لها: هل أنت مستعدة للانطلاق؟ هل لك رجاء؟ فأجابت همسًا: أبدًا. وهزَّتْ رأسها وتأوهتْ آهة عميقة. شرحت لها قضية الخلاص العجيب بكل بساطة ووضوح. ثم ركعتُ وصليتُ وبعد ذلك رنمتُ بخشوع وبصوت منخفض عددين من ترنيمة:
كما أنا آتي إلى
إذ قلتَ نحوي أقبلا
|
|
فادي الورى مستعجلا
يا حمل الله الوديع |
وعندما كنتُ أرنم العدد الثاني، سمعت صوتها الضعيف المتقطع يحاول أن يرنم معي، وكنت بكل جهد أميز بعض كلماتها إلى أن وصلنا إلى السطر الأخير وحينئذ شعرتُ أنها ترنم بصوتها وبقلبها قائلة: إني آتي إليك يا حمل الله الوديع، ولقد أتتْ فعلاً – أتتْ في كل يقين الإيمان، ولقد تركتُها مطمئنًا أنها ستنطلق وتكون مع المسيح. لقد كانت هذه السيدة عضوًا في الكنيسة (كما يقولون)، ولكنها لم تكن تعرف الرب كمخلصها الشخصي. كانت تحتاج إلى الرجوع إلى الله، وهذا ما يقوله الكتاب: «توبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم» (أع19:3).
لم أرَ السيدة بعد ذلك إلى أن وقفتُ ألقي كلمة بجوار جثمانها، وحينئذ قررتُ في نفسي أن أترك جانبًا كل شيء آخر، وأُكرّس مجهودي لذلك العمل العظيم الواحد، وهو إعداد النفوس للسماء بواسطة قبول المخلص. إن كلمة الله تعلن بأن «المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة» (1تي 15:1). هذا كان قصده الأسمى، لا أن يصلحهم، ولا أن يُحسِّن أحوالهم، بل أن يُخلِّصهم. فهل يوجد شيء عاجل وخطير وهام مثل خلاص النفس الخالدة؟! فلنصدق كلمة الله ولنتحذَّر بها.