عدد رقم 5 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
اهربوا  

الهروب  كلمة غير مستحبة للآذان، ولا سيما للشباب لأن »فَخرُ الشُبَّانِ قُوَّتُهم« (أم29:20)، ويجب علينا أن نقدم في إيماننا فضيلة؛ أي شجاعة أدبية (2بط5:1)، ولا نهرب مما يواجهنا »إذ أسلحة محاربتنا .. قادرة بالله على هدم حصون« (2كو4:10)، ويحرضنا يعقوب في رسالته قائلاً: »قاوموا إبليس فيهرب منكم« (يع7:4)، كما يشجعنا الرب بعدم الخوف من الناس (مت10: 31،28) أو الظروف (مت25:6)، وقال بولس: »قد حاربت وحوشًا في أفسس» (1كو32:15)، فالله «يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين«  (2كو14:2).

ويوجد في كلمة الله، نماذج عظيمة من رجال الله، واجهوا الأعداء والمصاعب بكل شجاعة وقوة إيمان، كُلٌٍ في وقته وحسب ظروفه.

لكن يا أحبائي الشباب .. هناك بعض الخطايا لا يتطلب منا مواجهتها أو مقاومتها، بل يحرضنا الكتاب المقدس على الهروب منها والبعد عنها، لأنه من الخطر أن ندنو منها أو نتلامس معها، لئلا نتنجس أو نتأثر بها فنقع في شراكها، وينطبق عليها القول: إن جناحي الحمامة أفضل من فكي الأسد.

والهروب في بعض المواقف لا يعني الخوف أو يتصف بالجبن، وإلا ماذا نقول عن يوسف عندما هرب من إغراء الخطية (تك12:39)، أليست هذه طهارة؟ وداود في هروبه من وجه شاول (1صم10:19)، أليس هذا نجاةً؟ وبولس عندما هرب من دمشق وهو مدلى من السور في سل (أع25:9)، أليست هذه بركة؟ وأيضًا بولس وبرنابا عندما هربا من أيقونية (أع6:14)، أليست هذه حكمة؟

لكن ماذا نقول عن حواء عندما نظرت إلى شجرة معرفة الخير والشر (تك6:3)، أليست هذه شهوة؟ أو دينا عندما خرجت لتنظر بنات الأرض (تك1:34)، أليس هذا غباءً؟ أو داود عندما تطلع من على السطح ورأى امرأة تستحم (2صم2:11)، أليس هذا سقوطًا؟ وبطرس عندما جلس بين الجواري (مت69:26)، أليس هذا انحدارًا؟
لكن يوجد هروب ليس في محله، ويعتبر خوفٌ أو هزيمة بل هو الجبن بعينه، مثل إيليا عندما هرب من إيزابل خوفًا من بطشها (1مل3:19)، ويونان عندما هرب من الخدمة المكلف بها من الله، فتوجه إلى ترشيش بدلاً من نينوى (يون3:1)، وأيضًا التلاميذ في بستان جثسيماني عندما هربوا تاركين الرب وحده ساعة القبض عليه (مر50:14).

كُلفَة الهروب:
  1. آلام جسدية: مثل يوسف عندما وُضع في السجن (تك20:39).
  2. آلام نفسية : نتيجة الشعور بالظلم، كما قال يوسف لساقي ملك مصر: »تَصنع إِليَّ إحسانًا وَتذكرني لِفرعون وَتُخرجني من هذا البيت، لأني قد سُرقت من أرض العبرانيين، وهنا أيضًا لم أفعل شيئًا حتى وضعوني في السجن« (تك40: 15،14).
  3. خسارة مادية: كما قيل عن موسى: »حاسبًا عَار الْمسيح غنًى أَعظم مِن خزائن مصر» (عب26:11).
  4. فقدان مركز أو مقام: »بِالإيمان مُوسى لَما كَبر أَبى أَن يدعى ابن ابنة فرعون« (عب24:11).
  5. التخلي عن أشياء خاصة: كما قيل عن يوسف: »فَترك ثَوبه فِي يَدها وَهرب وَخرج إلى خارج« (تك12:39).
  6. مواجهة لضيق أو مضايقات أو متاعب أو افتراءات من الآخرين: مثل يوسف عندما اتهمته زوجة فوطيفار كذبًا، وأيضًا عندما أدخله فوطيفار السجن.
  7. شعور بعدم الاستقرار:  مثل داود عندما كان هاربًا من مطاردة شاول. 
  8. شعور بالوحدة أو العزلة: لقد شعر إيليا بهذا الشعور إذ قال: »فَبَقيت أَنَا وَحْدي« (1مل10:19).
    لكن لا يجب أن يكون كل هذا من دواعي خوفنا أو تراجعنا، لأن الرب يتداخل بسلطانه المطلق ليؤول ما سبق لمجده وأيضًا ليكون سبب بركة لحياتنا. 

بركات الهروب:

  1. نجاة من قضاء سوف يقع على الأشرار:  مثل لوط عندما أُخرج من سدوم قال له الملاكان »اهرب لحياتك« (تك19: 22،20،17).
  2. حفظ من النجاسة والسقوط في الخطية:  مثل يوسف عندما هرب من امرأة فوطيفار، ويناشدنا الرب: «اخْرجوا مِن وَسطهم وَاعتزلوا، يَقول الرَّب ولا تمسوا نجسًا« (2كو17:6)، وأيضًا »هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة« (2بط4:1).
  3. الاشتراك في عار المسيح:  وقد حسب موسى أن هذا العار غنى أعظم من خزائن مصر.
  4. يعطى قوة على توبيخ الشر والأشرار:   »وَلا تَشتركوا فِي أَعمال الظُّلمة غَير المثمرة بل بالحري وبخوها« (أف11:5).
  5. العيشة في سلام وسط الأعداء: »إِذا أَرضت الرَّب طُرق إِنسان، جَعل أعدائه أيضًا يسالمونه« (أم7:16).
  6. راحة القلب والضمير: » لِيكون لِي دائمًا ضَمير بِلا عَثرة من نحو الله والناس« (أع16:24).
  7. عمق الشركة مع المسيح: الهروب يجعل أعيننا تتحول عن كل ما حولنا لتتطلع إلى المسيح، فيكون لنا فرصة الاختلاء به، وأيضًا نختبر معاملاته معنا.

الخطايا التي يجب أن نهرب منها هي:

  1. الزنا      (1كو18:6).  
  2. عبادة الأوثان     (1كو14:10).
  3. محبة المال    (1تي6: 11،10).  
  4. الشهوات الشبابية    (2تي22:2).
  5. الفساد الذي في العالم  (2بط4:1).

وسوف نتناول بنعمة الرب فيما بعد الحديث عن كل واحدة منها في كلمات مختصرة.

(يتبع)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com