عدد رقم 2 لسنة 2006
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لا تشاكلوا هذا الدهر - 2   من سلسلة: ما يسبق إختبارنا لمشيئه الله

2- مشاكلة المبادئ الأدبية لهذا العالم

لهذا العالم الذي نحيا فيه، مبادئ أدبية في منتهى الخطورة، ونحن نتعرض لها يوميًا، في وسائل الإعلام، وفي أماكن الدراسة والعمل الزمني، وفي الشارع، وفي المواصلات.  وسنكتفي بالتعرض لاثنين فقط من هذه المبادئ: ‍

أخلاقيات التعامل

فمبادئ مثل: المعاملة بالمثل، والعطاء المتبادل (انتظار المقابل)، والمجاملات التي تجافي الحقيقة، تعد من أرقى ’المبادئ الأدبية في العالم‘.  وهي مبادئ لا يخفى على تلميذ الكتاب المقدس أنها تقف على النقيض التام من المبادئ الإلهية!

  • فالمسيح علمنا أن نعامل الآخرين بما نحب نحن أن يعاملونا به، لا حسب ما عاملونا به!
  • وقد قال له المجد: «مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ» (أع20: 35)، وليس العطاء على قدر الأخذ؛ أو انتظارًا لما سنأخذه!
  • والكتاب يعلمنا أنه «أمينة هي جروح المحب وغاشة هي قبلات العدو» (أم27: 6).
    وهكذا، وإن كانت هذه هي أرقي مبادئ العالم الأدبية، فما بالك بالمبادئ والأخلاقيات الأخرى (الأدنى بالطبع)، والتي يشمئز منها المتأدبون (كالخيانة والغدر و..)؟!

والمؤمن المحكوم بمبادئ العالم، تؤثر عليه هذه المبادئ عند اتخاذه لقرارات حياته بلا شك، سواء أدرك ذلك أو لم يدركه.

الفساد الأدبي

وقد استشرى كوباء مرعب، وانتشر انتشار النار في الهشيم، ولم تعد هناك سياجات تقي ولا احتياطات تكفي.  وهل نظن أن المؤمن الذي يستبيح لعينيه أن تنظر ما شاءت، ولأذنيه أن تسمع ما تريد، ولفكره أن يتدنس بما يهوى، هل مؤمن كهذا مؤهل بهذا الوضع لاختبار مشيئة الله في أمر هام كالزواج مثلاً؟؟!  وأية مقاييس من المؤكد أنها ستحكمه وقتها؟ والإجابة معروفة وواضحة كالشمس!

3- مشاكلة المبادئ الاجتماعية التي تحكم أهل العالم

نكتفي هنا للإيجاز– بالإشارة إلى أمرين:

الأول: الطبقية

أي تمييز الناس حسب مستواهم المادي، أو العلمي، أو الثقافي أو بحسب مركزهم في العالم، أو مكان السكن، أو العائلة (النسب) مع سائر الاجتماعيات المعروفة.  وهذا أمر طبيعي في العالم، وكارثي في كنيسة الله!!  وكدليل على ذلك راجع من فضلك كورنثوس الأولي10 ولاحظ كيف كان مؤمنو كورنثوس جسديين وأطفالاً؛  كلٌ منهم يحضر وليمته من البيت حسب مستواه المادي، ويأكلونها في الكنيسة، فيعثرون إخوتهم الفقراء!!  وأي قرار سديد ننتظره من مؤمنين هذه مبادئهم بصدد مشيئة الله؟؟

الثاني: المادية

فالعالم مبدأه واضح: ماذا سأربح من هذا العمل؟  ماذا سأجني من هذه العلاقة؟ وحسابات المكسب والخسارة هي التي تحكم العالم في كل شيء.  فهل تظن عزيزي القارئ أن مؤمنًا محكومًا بهذا المبدأ يمكنه أن يتخذ قرارًا صائبًا من جهة الهجرة إلى الخارج مثلا؟؟

وبعد، فما هذه إلا جولة سريعة في بعض صور هذا الدهر (العالم)، وأوجه مشاكلته والتي تؤثر حتمًا – أردنا أم لم نرد – على كيفية فهمنا واختبارنا لمشيئة الله. وهذا ليس كل شيء.  فنحن لم نتحدث مثلاً عن عالم الفن والموسيقى وتأثيره النفسي على شباب كثيرين من جهة الارتباطات الكنسية مثلاً، وعن عالم الفلسفة والثقافات المتنوعة التي تبدو حسنة من الخارج، وهي باطلة إذا فُحِصت في نور كلمة الله والواقع.. إلخ.

القديسون، والمبادئ الروحية:

ن المبادئ الروحية، والمبادئ الروحية وحدها، هي التي ينبغي أن تحكمنا كمؤمنين حقيقيين بالمسيح.  ورجاؤنا في الرب أن يقنع القلوب المخلصة؛ والراغبة بصدق في اختبار مشيئته في الحياة؛ بالأفكار السابقة.  ولكن يأتي الآن السؤال الهام: وأين البديل؟  نحن لدينا البديل الراقي والصحيح أيها الأحباء: كلمة الله، وفكر المسيح.  إن المبادئ الإلهية الروحية عندما تحكم الإنسان، فإنها تضبطه، وتنجح طرقه «وكل ما يصنعه ينجح» (مز1: 3).

امتحان النفس وفحصها:

وكثيرًا ما نتساءل كلنا: كيف نستطيع أن نميز صوت الرب، عن صوت النفس، أو الشيطان أو أو أو.؟؟ وقبل أن نسأل هذا السؤال الهام، يجدر بنا أن نسأل أولاً كيف أعرف إن كانت المبادئ التي تحكمني هي مبادئ العالم، أم مبادئ الله؟؟ واعتقد أن الإجابة الصحيحة بكل الصدق عن هذا السؤال، تعد المفتاح الأساسي لاختبار مشيئة الله.  ادخل إلى حضرة الرب، ودع كلمته تفحص طرقك، وطريقة اتخاذك لقراراتك اليومية الصغيرة، وعلى أي أساس أنت تقرر في الأمور البسيطة.  وقل للرب مع داود «اختبرني يا الله واعرف قلبي (الذي لا أعرفه جيدًا). امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان فيّ طريق باطل، واهدني طريقًا أبديًا» (مزمور139: 23، 24).

كيفية التحول من مشاكلة هذا الدهر إلي مشابهة المسيح:

من المهم أن نتذكر أنه في الحياة الروحية لا توجد قفزات خيالية، بل نمو مطرد، ربما ببطء لكن المهم أن يكون بثبات. ولكن ما الذي يعمل فينا هذا التحول الروحي المبارك؟  سنكتفي بالإشارة إلى أمرين في غاية الأهمية:

أولاً: كلمة الله

إن درس الكتاب المقدس سواء على المستوى الشخصي، أو الكنسي ليس ترفًا روحيًا، أو أمرًا مقصورًا على فئة بعينها (كالخدام مثلاً).  بل هو ضرورة حتمية لغسل الذهن من أفكار العالم، وإحلال المبادئ الإلهية مكانها.  والجدية في هذا الأمر لا غنى عنها، ويدلل عليها كم الوقت الذي نصرفه أسبوعيًا في دراسة جادة متأنية ومدققة في كتاب الله «لأن كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع، للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبًا لكل عمل صالح» (2تي3: 16، 17).

ثانياً: روح الله

فالروح القدس عندما يكون عاملاً فينا بنشاط، غير محزون أو معطل لسبب خطية غير متروكة أو غير معترف بها، فإنه يفعل فينا أمرًا مجيداً «ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح (القدس)» (2كو3: 18).  فهو يأخذ مما للمسيح ويخبرنا، ويعلن شخصه بالإيمان لعيون قلوبنا وأذهاننا، فيجعلنا من الآن نشابه المسيح أدبيًا، إلى أن يتحقق قصد الله كاملاً عن قريب ونُستحضَر بالنعمة إلى ذات حضرته«مشابهين صورة ابنه» (رو8: 29).

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com