عدد رقم 1 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
النَجاح  

إن النجاح كلمة جميلة، يلذ لآذاننا أن تسمعها، وهو هدف نطمح إليه، ولا يتحقق إلا بالجهد والتعب والمثابرة، وأيضًا بالتمسك بمبادئ مُحدَّدة وقيم معينة، ويحتاج إلى تحديد هدف، والسعي إليه، وإن كان هذا يتعلق بالنجاح الزمني، الذي ُيفرح قلوب الآباء، فالآب السماوي يناشدنا بالنجاح الروحي، قائلاً: «يا ابني، كن حكيماً وفرِّح قلبي، فأُجيب مَنْ يُعَيِّرني كلمة» (أم11:27).  ولتحقيقه يحتاج إلى:

  1. معية الرب: إن معية الرب لنا، أساس نجاحنا، وقد اختبر يوسف هذه المعية (تك 39)، فيقول الكتاب: «وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحًا» وذلك لأنه كان يضع الرب في حساباته دائمًا، فعندما عُرضت عليه الخطية، قال: «فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله؟»، وقد تُرجمت هذه المعية عملياً أمام عيني فوطيفار، إذ «رأى سيده أن الرب معه، وأن كل ما يصنع كان الرب يُنجحه بيده»،  وحتى وهو في بيت السجن نجد «أن الرب كان معه، ومهما صنع كان الرب يُنجحه»، فنجد أن «كل ما» و«مهما» تعبيران مطلقان، لا يمكن أن يُنسبا إلى إنسان ما لم يكن الله، الكلي القدرة معه؛ وكأن الرب ممسك بيده، ويصحح أي خطأ يمكن أن يصدر منه، لذا كان النجاح حليفه.  وأيضًا هذا ما نراه في حزقيا بسبب أنه التصق بالرب «وكان الرب معه، وحيثما كان يخرج كان ينجح» (2مل 7:18).  
  2. التمسك بكلمة الله: شبَّه الرسول بطرس كلمة الله بأنها «سراج منير في موضع مظلم» (2بط19:1)، فهي ترشدنا السبيل القويم، والسلوك الصحيح.  ويُذكر عن الرجل الذي في ناموس الرب يلهج نهارًا وليلاً، أن«كل ما يصنعه ينجح» (مز4,3:1)، وهذا بصفة مطلقة «كل ما»؛ وأيضًا كانت وصية الرب ليشوع بخصوص الشريعة: «لا تمل عنها يمينًا ولا شمالاً لكي تُفلح حيثما تذهب» (يش7:1، 8)، هذا وقد أوصى داود ابنه سليمان أن يحفظها قائلاً: «لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما  توجَّهت» (1مل3:2).  
  3. مقاومة إبليس: نعلم أن إبليس خصمنا كأسد زائر، لا يهدأ في حربه معنا، ويجب أن نقاومه ونحن راسخين في الإيمان (1بط8:5،9)، فيهرب منّا (يع7:4)، وهذا يتطلب منا  أن نسهر، حاملين سلاح الله الكامل لكي نحارب حروب الرب ونثبت ضد مكايد إبليس عندما يأتينا كالحية، وضد شراسته عندما يأتينا كالأسد.  وهذا ما حدث مع يوسف كما رأينا.  كذلك كان داود من هذا الصنف، فبعد أن انتصر على جليات، وهو رمز للشيطان، وجعله شاول رئيس ألف، أخذ يحارب الأعداء, «وكان داود مفلحاً في جميع طرقه, والرب معه» (1صم14:18)، فلا مهادنة مع العدو لئلا نفشل. 
  4. طلب الرب: إن طلبنا للرب دليل احتياجنا إليه, لقد أدرك موسى قيمة هذا في بداية رحلة الشعب في البرية وطلب الرب قائلاً: «إن لم يسر وجهك فلا تُصعدنا من ههنا»، إذ رأى أن هذا يعنى أن الشعب وجد نعمة في عينيه وأيضًا هذا ما يميزه عن الشعوب من حولهم (خر33 : 16،15).  وأليس هذا ما عبَّر عنه آسا في مقولته: «لأننا قد طلبنا الرب إلهنا ..  فأراحنا من كل جهة» والنتيجة؟ «فبنوْا ونجحوا» (2أخ 7:14)، وهذا ما فعله عُزيّا إذ: «كان يطلب الله .. وفي أيام طلبه الرب أنجحه الله» (2أخ 5:26).  وهناك فارق بين أن نطلب الرب نفسه وأن نطلب منه.
  5. خدمة الرب: ما أجمل أن نبادل الرب الاهتمامات، فإن كنا نهتم بأموره، وندعه يهتم بأمورنا، يكون النجاح حليفنا، فيما يختص بنا أو بعمله.  لقد اهتم نحميا ببناء سور أورشليم، وإذ كان قلبه على العمل، أنهض المسئولين في الشعب قائلاً: «هلمَّ فنبني سور أورشليم»، ولكن الأعداء هزءوا بهم واحتقروهم، فأجابهم واثقًا من النجاح, متكلاً على إلهه: «إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني» (نح20،17:2), فبهذه الثقة تشجعوا حتى أنهم كانوا «باليد الواحدة يعملون العمل، وبالأخرى يمسكون السلاح» (نح17:4)؛  وتم البناء.
  6. الصلاة: إن الصلاة تعني أننا نلقي بأنفسنا على الرب، وذلك لشعورنا بالضعف واحتياجنا إليه, فنجاحنا يرتبط باتصالنا بالرب عن طريق الصلاة, لذا يحاول العدو أن يعيقنا عنها, بشتى الوسائل ليفشلنا، فرغم المخاوف والمنطق العقلي، الذي كان يمكن أن يعيق دانيآل عن الصلاة, نجده يجد الملاذ فيها، ويلجأ إليها رغم المرسوم الملكي بمنعها, والنهاية «فنجح  دانيال» (دا 28:6)، وكما قال عبد إبراهيم بعد أن استجاب الرب لصلاته: «والرب قد أنجح طريقي» (تك 24: 12-14، 56) 
  7. طاعة الرب: إن طاعتنا للرب هي الطريق الصحيح لنجاحنا، بعمل مشيئته وإرادته، والنموذج الفريد في ذلك هو شخص الرب الذي «وضع نفسه وأطاع» (في8:2)، لذلك قيل عنه:«ومسرة الرب بيده تنجح» (اش10:53).

أخيرًا .. «أيها الحبيب، في كل شي أروم أن تكون ناجحًا وصحيحًا, كما أن نفسك ناجحةٌ» (3يو2).  فالنجاح لا يتجزأ، وهو على كل المحاور روحيًا وأسريًا وزمنيًا.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com