عدد رقم 2 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
«أسألك فتعلمني»  

مازلنا نرحب في هذا في هذا الباب بأسئلة القرّاء الموضوعية البناءة التي تفيد قاعدة عريضة من الشباب. وقد ورد لنا هذا السؤال من أحد الشباب في المرحلة الجامعية يقول:

نعلم أن المسيحية تسمو فوق "الحرام والحلال".  فقد قال الرسول: «كل الأشياء تحل لي» (1كو 12:6).  وقال الحكيم في سفر الجامعة: «لكل أمر تحت السماوات وقت .. للضحك وقت .. للرقص وقت .. للحب وقت» (جا 1:3- 8).  ما هي الحدود التي يمكن للمؤمن المسيحي أن يتعامل فيها مع أشياء لا يوجد عنها نص صريح يمنعها، ليحتفظ بضمير صالح وحساس؟؟

ج:  لقد قصد الروح القدس أن يسجل لنا تجارب وخبرات حكيم الدهور (سليمان) بحسب فهمه وتقييمه للأمور، وهو يبحث عن السعادة «تحت الشمس».  إن الفَلَك الذي دار فيه هو أمور أرضية جسدية، ورغم أنه امتلك الكثير جدًا منها لكنه لم يصل إلى السعادة التي كان يرجوها.  على العكس اكتشف أن «الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس».  وفي النهاية قال: «فلنسمع ختام الأمر كله (خلاصة الاختبار والتجارب): اتق الله واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله» (جا 13:12).

أما المسيحي في العهد الجديد فإنه شخص سماوي وبركاته سماوية وليست أرضية مما تحت الشمس.  إنه يستعمل هذا العالم كمفردات يحتاج إليها في رحلته نحو السماء.  لكنه يدرك أنه ليس من العالم وأنه لا يملك شيئًا منه، وأن مسراته ولذته الحقيقية هي في مخافة الرب وفي الشركة مع الرب والتمتع بالأمور الروحية.  ويدرك أن الوقت هو جزء من الوكالة التي يُؤتمن عليها وسيعطي عنها حسابًا.  وهو بكل أمانة يراجع نفسه قائلاً: "أهو وقت لهذا أو ذاك؟".  إنه يعيش ليس لذاته وإرضاء رغباته بل ليمجد الرب ويكرمه ويتطلع إلى المجازاة أمام كرسي المسيح، عالمًا أن الذي يرى في الخفاء يجازي علانية.

والرسول بولس الذي قال ثلاث مرات: «كل الأشياء تحل لي»، أضاف قائلاً: «لكن ليس كل الأشياء توافق» ، وأيضًا «لا يتسلّط عليَّ شيء» (1كو 12:6)، وأيضًا: «ليس كل الأشياء تبني» (1كو 23:10).  والشخص الروحي يميز الأمور المتخالفة ويختار الأفضل بحسب الحس الروحي المدرَّب في كيانه الجديد.  وعن الأشياء التي لا يوجد نص كتابي صريح يمنعها يستطيع المؤمن المسيحي أن يمتحنها في ضوء الأسئلة التالية:

  1. هل هي من العالم أم من الآب ؟ والرسول يوحنا أخبرنا أن ما في العالم هو «شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة».  وقد حذَّر الأحداث أن لا يحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم (1يو 15:2، 16).
  2. هل هي تمجد الله أم تُهينه ؟ فالكتاب يقول: «وكل ما عملتم بقولٍ أو فعلٍ فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الهن الآب به» (كو 17:3).  وأيضًا «إذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا فافعلوا كل شيء لمجد الله» (1كو 31:10).
  3. هل هي ثقل أم معونة؟ هل تفتح شهيتك للكتاب والصلاة وتحفزِّك على مزيد من التكريس والركض في السباق الروحي.  أم العكس؟ يقول الرسول: «لنطرح كل ثقل .. ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا» (عب 1:12).  علينا أن نراجع العلاقات والصداقات والالتزامات في ضوء ذلك.
  4. هل هي عثرة للآخرين أم بركة ؟ يقول الرسول بولس: «ولسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تُلام الخدمة» (2كو 3:6).  أيضًا «إن كان طعام يعثر أخي فلن آكل لحمًا إلى الأبد، لئلا أعثر أخي» (1كو 13:8).  إنه أمر خطير أن نصدم أو نُعثِّر ونُفشِّل المؤمنين الصغار.  ويجب أن نكون قدوة حسنة لهم في الكلام والمظهر والتصرف. 
  5. هل تستطيع أن تطلب بركة الرب عليها، أم تخجل من ذلك ؟ إذا كنت تستطيع بكل ثقة أن تصلي طالبًا المصادقة الإلهية على هذا الشيء وأن يستخدمه الرب لبركة النفوس، وأن تقدم الشكر للرب بعد أن تم، فأنت في الخط الصحيح.
  6. هل هي تبني أم تهدم حياتك ؟ «ليس كل الأشياء تبني».  ويجب أن تفحص ما تقرأه أو تسمعه أو تشاهده. كذلك نوعية الأصدقاء وكافة صور التسليات في ضوء هذه الحقيقة.
  7. هل جوها موافق أم لها مظهر الشر وجوها غير نقي ؟ إن كنت تستطيع أن تقول للرب: «اقبل واذهب مع عبدك» لهذا المكان أو ذاك، والرب بسرور يرافقك ويؤيدك، فأنت تستطيع أن تمضي بسلام دون عثرة في الضمير. 

إن الشخص المُخْلِص والبسيط سيقوده الرب ويعلّمه ويرشده الطريق الصحيح ليسلك فيه.  وهذا هو طريق السعادة الحقيقية عندما يختبر ما هو مرضي عند الرب.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com