عدد رقم 2 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
خواطر بأقلام القراء ...  

أخي ورفيقي المتألم  ...

  • يا مَنْ اجتازتْ نفسك مرارة الألم حتى النخاع ..
  • يا مَنْ صارتْ لك دموعك خبزًا، وعوَّمت فراشك بدموعك ..
  • يا مَنْ تعبتَ من تنهدك اليوم كله ..
  • يا مَنْ تثقلتَ جدًا فوق الطاقة حتى أيست من الحياة أيضًا ..
  • يا مَنْ عصفتْ بك أمواج الحياة حتى تمايلت مثل السكران ..

ثق رفيقي .. أن الله يحبك .. إنه يشعر بك .. هو يسمع صوت بكائك .. يرى دموعك بل يحفظها في زق .. هو يرى أشجانك .. يسمع زفراتك ..

صدقني .. إنه أقرب مما تتصور .. إنه يمد إليك يديه المثقوبتين ليضمك ليحتويك بكل ما فيك .. إنه لا ينتظر منك أن تصف له عمق معاناتك .. لكنه يقول لك: «علمتُ يا ابني علمتُ»!

نعم صديقي .. هو يعلم أن آلامك ومعاناتك أعمق من أن تُعبِّر عنها كلمات .. لذلك تعال لترتمي في أحضانه بكل ما في أعماقك .. وستراه يضمك .. يمسح دموعك .. يرفعك فوق آلامك .. ثق إنه سيمشيك فوق مرتفعاتك .. نعم بل وسيستخدمك لتشجيع وبركة الآخرين .. ربما في عمق معاناتك قلت مع صهيون: «سيدي نسيني» .. لكنه بكل رقته ومحبته يخبرك: «حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك هوذا على كفي نقشتك .. أسوارك أمامي دائمًا» ..

نعم صديقي .. إنها أسوارك التي قد تخفيك عن أعين الآخرين فلا يرون أحزانك ولا يفهمون أوجاعك ولا يدركون لماذا أنت كائن غريب ومختلف عنهم، لكنها أبدًا لن تخفيك عن عينيه الحانيتين .. قد تكون يا صديقي قد كبَّلت نفسك .. وأنت خلف هذه الأسوار.. بأحزانك وآلامك فصارت أربطة وأغلالاً لا تستطيع معها الحراك .. لكن اسمع صوته الحاني العظيم يقول: «حبيبي .. هلمَّ خارجًا .. حلوه ودعوه يذهب» .. من فضلك رفيقي .. دع هذا الصوت الحلو يتغلغل في كيانك ليقيمك من قيود آلامك وانحنائك وانطوائك .. دعه يقيمك .. دعه يحلك .. دع حياته ونوره يغمرانك .. إنه يريدك أن تتمتع بالشركة السعيدة معه .. نعم فلقد أصبح لعازر أحد المتكئين معه ..

صديقي .. لقد تاه داود في يومه، وضل دربه .. لقد ضاقت نفسه جدًا .. نعم وبكى حتى لم تبْقَ له قوة للبكاء .. لكنه تشدد بالرب إلهه، وطلب مراحمه، وسأله فلم يرده، واستجابه في نعمته بل وأعطاه نصرًا كاملاً، ورد نفسه وأرجعه مرة أخرى ليكون ويظل مرنم إسرائيل الحلو ..

لقد جلس إيليا في يومه تحت الرتمة وطلب الموت لنفسه بعد أن أضناه الطريق .. هل فعلت هذا؟! لا ترتع رفيقي فإن الكثيرين جدًا فعلوا نظيره .. لكن الرب في رأفته مُعدٌ لك كعكة حلوة تُعينك على استكمال مسيرك، وفي النهاية .. لا مركبة نارية فقط لترفعك وتصل بك إلى المرفأ الأمين، بل الرب نفسه بصوت بوق وهتاف عظيم سيأتي ليخطفنا إليه في مشهد رائع سام نفيس .. هناك .. ستمكث جواره بلا نحيب .. هناك ستودع ظلم الحياة وكدر العيش .. هناك ستُمسك قيثارة من صنع ذا الفادي .. وترنم بها لحن الظفر للأبد .. لن تعلق رفيقي أعوادك على الصفصاف مرة أخرى، بل سيستمر فرحك وترنيمك وتهليلك طول الأبدية .. ألا يفرحك هذا الرجاء يا صديقي؟! .. ألا يخفِّف عنك أتراح الطريق؟! ألا يرفعك فوق وطأة الغربة وثقل البرية؟! إن الرحلة أوشكت على النهاية وعند منتهى السفر ستراه بالعيان وستنسى كل ما صادفك في الطريق ..

أخي .. رفيقي عبر دروب هذه البرية ثق فيمن عرف ما هو حضن أبيه فأخبرنا قائلاً: «فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات؟» .. ألا تثق أن أبانا السماوي يعلم .. وأن وحيده المحبوب رئيس كهنة يرثي لضعفاتنا، ويقدر أن يعين المجربين .. نعم إننا بين يدي مَنْ هو خبير بالألم ..
ربما صديقي أنت تعلم كل هذا وأكثر، لكنني أحني ركبتيَّ لدى مَنْ معه أمرنا .. مَنْ يحفظ كل دموعنا في زقه ويكتبها في سفره لكي تعيش حياة التسليم لمشيئته، ثم الفرح الكامل فيه .. فهذا هو قوتنا .. ولا تكن يا ابن الملك ضعيفًا خائرًا من يوم إلى يوم .. بل منتظرو الرب يجددون قوة .. يرفعون أجنحة كالنسور .. حلّق أخي فوق الظروف .. ارفع جناحيك عاليًا .. عاليًا .. فوق كل مرتفعاتها .. فأنت طائر مغرِّد، وهبك الله صوتًا جميلاً وجناحين قويين .. اهتف معي من الأعماق:

كيف أخاف سيدي        وأنت خلف الغيمة
وأنت ربـي منقذي        مـــن كل محـــــنة
تُرى لمــــاذا أعيا        في ســــــفري هنا
مهما يكن طريقي         يفضي إلى الــسما

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com