عدد رقم 2 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ثالثًا: قيامة المسيح في رسالة كورنثوس الأولى   من سلسلة: قيامة المسيح

«قام في اليوم الثالث حسب الكتب»
(1كو 4:15)

الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، تُرينا أهمية الكنيسة المحلية كممثلة لجسد المسيح وأهمية شهادتها العملية.  وتُعطينا الرسالة تعاليم عامة تخص أمور العبادة وممارسة المواهب الروحية وممارسة عشاء الرب، وترسم أمامنا الترتيب الكنسي الذي يلزم أن تسير عليه كنيسة الله طالما هي على الأرض للقيام بمسئولياتها.

ولذلك نحن لا نستغرب أن يُخصِّص الروح القدس أصحاحًا كاملاً في هذه الرسالة، للحديث عن حقيقة قيامة المسيح وقيامة الراقدين، وتغيير أجساد الأحياء عند مجيء الرب.

فقيامة المسيح من بين الأموات؛ حقيقة جوهرية في المسيحية، إذا أُنكرت، ذهب الإيمان كله، وبَطُلَ من أساسه، وبدون القيامة تتجرد المسيحية من كل امتيازاتها وبركاتها.

ويبدو أن بعض الكورنثيين ظنوا أن لا قيامة للأموات، ولذلك، فالرسول يعالج الموضوع من أساسه في المسيح المُقام من الأموات، والمؤمن المسيحي قد اتحد به.  والرسول ينظر إلى القيامة كأمر جوهري، ليس في ارتباطه بمشورات الله فقط، بل أيضًا، بصحة الإنجيل الذي يذيع البشارة المُفرحة عن موت المسيح وقيامته المؤيدة بشهادة شهود عديدين، كان الرسول بولس نفسه آخرهم.

وفي كورنثوس الأولى 15: 1- 20 نجد ثلاثة أفكار رئيسية:

أولاً: خُلاصة الإنجيل الواحد الصحيح (ع1- 4):

 إن الإنجيل الذي هو الأخبار المُفرحة التي مصدرها الله، لا يعني فقط أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب (أي كتب العهد القديم)، وأنه دُفن (برهانًا على أن موته كان موتًا حقيقيًا)، ولكنه أيضًا قام في اليوم الثالث حسب الكتب (أي حسب ما هو مرموز إليه ومُتنبأ عنه في كتابات العهد القديم).

ثانيًا: يقينية قيامة المسيح (ع5- 11):

يذكر الرسول الشهادة القاطعة على صدق قيامة المسيح، والتي كانت لا تزال قائمة وقت كتابة الرسالة.  فيُورد ست مناسبات مختلفة، ظهر فيها المسيح المُقام، ويختمها بحالته هو عندما رآه، ليس فقط كالمسيح المُقام، بل رآه في مجده.  والقائمة التي أوردها الرسول، ليست شاملة، لأنه لم يورد أي مرة من ظهورات الرب للنساء المؤمنات.  فالشهادة هنا عامة ومطلوبة لتُقدَّم للكنيسة، والترتيب الصحيح للكنيسة هو «لتصمت نساؤكم في الكنائس، لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن ... لأنه قبيحٌ بالنساء أن تتكلم في كنيسة» (1كو14: 34، 35).

ثالثًا: العواقب والتبعات المترتبة على إنكار قيامة الأموات (ع12- 19).

إن حقيقة قيامة الأموات كلها، ترتكز على قيامة المسيح «ولكن إن كان المسيح يُكرَز به أنه قام من الأموات، فكيف يقول قومٌ إن ليس قيامة أموات؟» (ع12).  وإذا كان المسيح لم يَقُم، فما الذي يترتب على هذا؟! .. وهنا يذكر الرسول سبعة أضرار وعواقب خطيرة، تنتج عن إنكار قيامة الأموات:

  1. إن لم تكن قيامة أموات، فلا يكون المسيح قد قام! (ع13)
  2. وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا ولا أساس لها (ع14).  فبدون قيامة المسيح من بين الأموات، لا يوجد برهان يؤكد أن لموته قيمة أكثر من موت أي إنسان آخر.  ولكن، بإقامة المسيح من بين الأموات، شهد الله لحقيقة شخصه (رو1: 4) ولكمال عمله (رو4: 25).
  3. وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيماننا (ع14، 17).  لأنه لا قيمة عندئذٍ لوضع الثقة والإيمان في شخص وعد أنه سيقوم من الموت في اليوم الثالث، ولكنه لم يَقُم.  وهذا يفسر قول الرسول: «إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثًا!» (ع2).
  4. وإن لم يكن المسيح قد قام، فالرسل إذًا شهود زورٍ لله (ع15) لأنهم شهدوا أن الله أقام المسيح من بين الأموات، بينما هو لم يفعل ذلك.
  5. وإن لم يكن قد قام، فنحن بعد في خطايانا (ع17) فقيامة المسيح هي بمثابة النُطق بالحكم بتبريرنا، لأنه «أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا» (رو4: 25).
  6. وإن لم يكن المسيح قد قام، فالذين رقدوا في المسيح أيضًا هلكوا! (ع18).
  7. وإن لم يكن المسيح قد قام، يكون رجاء المؤمن في المسيح في هذه الحياة فقط، وبذلك يكون أشقى جميع الناس (ع19)، لأنه لن ينال غير الأتعاب والأحزان والضيقات والاحتقار والرفض، ولا رجاء له بعد الموت.  ويا لها من مأساة! فكل رجاء لامع في أبدية مجيدة، ينطفئ في ظلام الموت، دون بارقة أمل في القيامة منه.
ولكن شكرًا للرب.  فالأمر ليس كذلك، لأن المسيح قد قام فعلاً «ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين» (ع20).  فقوة الله قد تداخلت بالنعمة وبالبر أيضًا، لتُقيم من الأموات ذاك المجيد الذي رضيَ بالنعمة أن ينزل إلى الموت ليصنع للإنسان خلاصًا من سلطان إبليس والموت.  تداخلت قوة الله لتضع ختمًا ملموسًا محسوسًا على عمل الفداء، ولتعلن النُصرة الكاملة بواسطة الإنسان الثاني على قوة العدو.  لذلك قام المسيح دون جميع الأموات، لأن الموت لم يكن ممكنًا أن يمسكه.  ووطّد بذلك حقيقة القيامة، وصار باكورة الذين رقدوا ولهم حياته، على رجاء أن يمارس يومًا ما سلطانه في إقامتهم بفضل عمل روحه القدوس الساكن فيهم.  لأنه «إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات، سيُحيي أجسادكم المائتة أيضًا بروحه الساكن فيكم» (رو8: 11).  ولذلك يُمكننا من الآن أن نرنم بنغمة عالية جدًا:

 
ظافرًا مُعطي الحياة
فاتحًا بابَ النجاة
شافعٌ في كل حين
لاختطاف المؤمنين
 
قـــــام فادي المؤمنين
قــــــام حــــقًا باليقين
وهو في عرش العَلي
واعــــــــدٌ بأن يجيء
 

       «آمين، تعال أيها الرب يسوع»

(تمت)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com