عدد رقم 3 لسنة 2005
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
بيت يهوذا  

في سفر الأعمال نقرأ عن عشرة بيوت أقام فيها بولس، بدءًا من بيت يهوذا في دمشق، الذي نزل فيه شاول الطرسوسي بعد أن تقابل الرب معه في الطريق (أع 9)، وانتهاءً بالبيت الذي استأجره لنفسه لمدة سنتين في رومية، حيث كان يقبل فيه جميع الذين يدخلون إليه كارزًا بملكوت الله بكل مجاهرة بلا مانع (أع 28).

إن سفر الأعمال هو سفر الشهادة، وهو أكثر سفر حدثنا عن البيوت.  ومن هنا نعرف أهمية الشهادة البيتية.  ونحن نعلم أن الكنيسة الأولى بدأت في البيوت.  والعدو يشدد هجومه على بيوت المؤمنين لكي يحطمها لأنه يعلم أهمية الشهادة في البيت أمام العالم. 

أما البيت موضوع تأملنا فهو بيت يهوذا، الذي اقتيد إليه شاول وهو لا يبصر، ومكث فيه ثلاثة أيام، وهناك التقى مع حنانيا الذي وضع يديه عليه فأبصر في الحال واعتمد.

ولنا في هذا البيت بعض الدروس الهامة نوجزها على النحو التالي:

  1. في هذا البيت سمع شاول الطرسوسي من حنانيا عن الرب يسوع المسيح، البار الذي أبصره في الطريق، وسمع صوتًا من فمه، والذي اختاره ليكون له إناء مختار.  وما أجمل أن تكون بيوتنا شهادة يعلن فيها شخص المسيح لكل مَنْ يدخلها.
  2. بيت يهوذا هو بيت الحمد والتسبيح.  هذا ما يعنيه اسم يهوذا.  وما أجمل أن تكون بيوتنا بيوت الحمد والترنم، ويملأها الفرح رغم الظروف الصعبة، ورغم الإمكانيات البسيطة.  إن طابع الأيام الأخيرة هو أن الناس: «بلا رضى .. غير شاكرين».  وكم من بيوت، حتى في أوساط المؤمنين، يصعد منها الشكوى والأنين والتذمر.  لكن ما يليق ببيوت القديسين هو ما قاله الكتاب: «صوت ترنم وخلاص في خيام الصديقين».
  3. كان هذا البيت في «دمشق».  والكلمة معناها ضمن ما تعني "يقظة".  وهي أشهر مدن سوريا (آرام) وهي في الكتاب ترمز إلى العالم في كبريائه.  وكم نحتاج إلى اليقظة والسهر على بيوتنا لئلا يتسلل العدو إليها، ويسبي أولادنا وبناتنا.  والمرأة الفاضلة مكتوب عنها: «تراقب طرق أهل بيتها» (أم 27:31).  والرب يسوع حرَّضنا على السهر قائلاً: «لو عرف رب البيت في أية ساعة يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته يُنْقَب» (لو 39:12).  ومما يذكر أن أول إشارة إلى دمشق في الكتاب وردت بالارتباط بنصرة أبرام على كدر لعومر والملوك الذين معه (تك 14). حيث: «كسرهم وتبعهم إلى حوبة التي عن شمال دمشق».  و«حوبة» تعني: مودة.  فليحفظ الرب بيوتنا من أي مودة أو صداقة مع العالم، ويعطينا الإيمان الذي يغلب العالم.  سواء في عداوته وشراسته أو في إغراءاته وجاذبياته.
  4. كان هذا البيت في زقاق.  والزقاق هو ممر طويل وضيق، والسير فيه صعب.  إنه يختلف عن الطريق الواسع الرحب المليء بالمسرات العالمية والمباهج الأرضية.  وهذا ما قاله الرب يسوع: «اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق.  فما أوسع الباب وأرحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك.  وما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة».  إن الطريق الضيق هو طريق الحرمان وضبط النفس والتحكم في الرغبات.  وهو لا يروق لإنسان العالم، لكنه طريق السعادة لإنسان الله.  إنه يبدو طريقًا ضيقًا وكربًا في نظر الإنسان الطبيعي، لكن السير فيه مع الله بالإيمان سيجعلنا نختبر آفاقًا رحبة جدًا من البركات الروحية السماوية التي لا يفهمها إنسان العالم.
  5. هذا الزقاق اسمه «المستقيم».  إنه طريق البر العملي والاستقامة والصراحة في الإيمان والوضوح، وليس طريق الالتواء والدهاء والغش والكذب.  هذا ما يليق ببيوت القديسين.  وليس أن يكونوا ذوي لسانين أو ذوي رأيين.  إن الشهادة الناجحة تتضمن السلوك المستقيم أمام العالم، وأن يرى الناس أعمالنا الحسنة ويمجدوا أبانا السماوي.  وعلينا أن لا نكون عثرة لأحد في سلوكنا وتصرفاتنا ومظهرنا، وأن نكون واضحين كل الوضوح كأولاد الله فنضيء بينهم كأنوار.
  6. بيت يهوذا فاحت منه رائحة الصلاة والبخور العطر.  وكانت هذه علامة ميزت شاول الطرسوسي بعد أن نال الحياة الجديدة.  إذ قيل عنه: «هوذا يصلي».  وفي بيت مريم أم يعقوب كانت الكنيسة مجتمعة وكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجل بطرس وهو في السجن (أع 12).  وكم هي بركة أن تصعد من بيوتنا الصلوات التي تجلب البركة وتعالج كل المشاكل العائلية.  ولهذا حرَّض الرسول بطرس الرجال على السلوك بفطنة مع الإناء النسائي الأضعف لكي لا تعاق الصلوات العائلية.
  7. هذا البيت يوجد به طعام.  فنقرأ عن شاول أنه تناول طعامًا فتقوى.  والطعام الذي نحتاجه في بيوتنا هو الطعام الباقي للحياة الأبدية.  فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله.  وما أجمل أن نُطعَم بكلمة الله ونشبع بها، ويكون عندنا دائمًا ما نقدمه للآخرين.  وبدلاً من أن نهدر الوقت في أحاديث تهدم ولا تبني، نستثمره في الحديث العذب عن الرب من خلال كلمة الله.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com