عدد رقم 3 لسنة 2006
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ومسرة الرب بيده تنجح - 1  

النجاح كلمة حلوة يتوق إليها كل إنسان، وبالأخص المؤمن. فهو يريد أن يكون ناجحًا في كل ما أُوكل إليه من السيد، ويريد أن يتبع مثال مَنْ قيل عنه: «ومسرة الرب بيده تنجح».  فإنه كإنسان على الأرض، تبارك اسمه، قد نجح في كل ما كُلِّف به، وجلب السرور لقلب الآب.  وهذه مشيئة الله من جهتنا.  فيقول الكتاب: «أيها الحبيب، في كل شيء أروم أن تكون ناجحًا وصحيحًا، كما أن نفسك ناجحة» (3يو 2).  والنجاح لا يتجزأ، بل هو على كل المحاور:

روحيًا، نفسيًا، أسريًا،زمنيًا، اجتماعيًا ... إلخ.  والله عندما يعلن لنا فكره من جهتنا، فهو بالتأكيد قادر على إنجاحنا في كل شيء.  ويبقى السؤال: لماذا يحدث الفشل ويتكرر في حياتنا؟ هذا يقودنا أن نبحث هذا الموضوع في النقاط التالية:

1- تعريف النجاح:  

  • كلمة نجح تعني فاز أو ظفر.  وهي ذات الفكرة كما أتت في كورنثوس الأولى 25:9 «اركضوا لكي تنالوا».  فالفوز يحتاج إلى الاجتهاد.
  • النجاح هو هدف نطمح إليه.  ولكل إنسان أهداف يسعى أن يحققها بنجاح، والحدود الصحيحة لهذه الأهداف هي كل ما أوكله إليه الله، في المكان الذي وضعه فيه.
  • النجاح ليس فقط أن أصل لهدف معين أحققه، وبذلك أقول إني نجحت.  فالنجاح هو حالة وليس موقفًا واحدًا، إنه إنجاز وإزهار مستمر في الحياة الروحية والزمنية.
  • هناك نجاح مرحلي ونجاح عام.  والله يريد لنا النجاح العام الذي يتخلله النجاح المرحلي.  فلا ينبغي أن نفشل إذا تعثرنا في مرحلة ما، فالله سيعبر بنا هذه الأزمة ويحقق لنا النجاح على المستوى العام.
  • النجاح ليس هو مقياس الإنسان لنفسه، بل مقياس الله نفسه.  ليس تقييم الناس للأمور، بل تقييم الله.  ليس بعض المظاهر، بل جوهر الحياة.  ليس أن تحقق ثروة أو شهرة، بل أن تحقق قصد الله من جهتك.

2- مجالات النجاح:

  • النجاح الروحي: هو أن تكون في علاقة صحيحة مع الله، وتنمو يومًا بعد يوم، وتصبح مشابهًا صورة المسيح، وتكون ناجحًا في الشهادة له وفي خدمته.
  • النجاح النفسي: النفس هي: الفكر والعاطفة والإرادة.  والشخص الناجح هو الذي يفكر بطريقة صحيحة عن نفسه وعن الآخرين، ويعبر مرحلة الشك إلى اليقين، ولا يستغرق في التفكير السلبي ويرثي لنفسه إذا ساءت به الأحوال، بل يتحول عن السلبيات ويأخذ أموره من يد الرب واثقًا في صلاحه ومحبته وحكمته.

وأما من جهة العواطف، فالشخص الناجح هو الذي يتحكم في عواطفه ولا يجعلها تتحكم فيه.  إنه يعرف أن يوجهها بطريقة صحيحة في الاتجاه الصحيح في الوقت الصحيح.  ومن جهة الإرادة، فهو يأخذ القرار الصحيح دون تهوُّر أو انفعال، بل يتأنى ويتريث ويُقيِّم المواقف، ولا يخور أمام الظروف المعاكسة، ولا يتذمر أو يشكو، بل يصمد ويثابر حتى النهاية.  إنه يستطيع أن يواجه شكوك وهجوم الشيطان الذي يريد أن يحطمه ويحبطه نفسيًا.

والأمثلة في الكتاب كثيرة مثل يوسف، ودانيال،والفتاة الصغيرة في بيت نعمان، وإرميا، وحبقوق، وبولس، وغيرهم.  الذين نجحوا نجاحًا باهرًا رغم الظروف الصعبة.

3-  مقومات النجاح:

  1. علاقة صحيحة مع الله حيث يكون الله لنا كل شيء.
    وليس المقصود هو العلاقة الروتينية الشكلية للأمور الروحية، لكن المقصود هو الشركة اليومية والتقابل الشخصي مع الرب، وفهم رغباته وأشواقه وخطته في الحياة، وبدون ذلك لا يتحقق نجاح حقيقي.  فهل تستطيع أن تقول بصدق: «جعلت الرب أمامي في كل حين»؟ هل تشعر بيد الرب معك في خدمتك وعملك وبيتك ودراستك؟ هل قبل أن تبدأ أي مشروع أو تذهب إلى أي مكان تقول مع مَنْ قال: «اقبل واذهب مع عبيدك»؟ هذا هو أساس النجاح.  وهذا كان اختبار يوسف؛ «وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحًا... ومهما صنع كان الرب ينجحه» (تك 2:39، 23)، على جميع المحاور وفي كل المجالات.

    كان الرب يسوع يهتم بوقت الخلوة مع الآب، فنراه ساهرًا في الجبل يصلي حتى الصباح، قبل أن يبدأ يومه الجديد لكي يواصل الخدمة الناجحة المؤثرة.  لقد كان فاهمًا أفكار الله ومشيئته، وماذا يريده أن يفعل كل يوم بيومه.  لقد كان كل حين يفعل ما يرضيه ويجلب السرور لقلبه.  وكان لسان حاله: «أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت.  وشريعتك في وسط أحشائي».  لهذا قيل عنه: «ومسرة الرب بيده تنجح» (إش 10:53).

    وماذا عنك أنت أيها القارئ العزيز، هل تبحث عن فكر الله لتتممه؟ أم تعيش الحياة بطريقة عشوائية؟ هل تنتظر الرب وتجلس أمامه الوقت الكافي لتميِّز فكره وماذا يريد منك اليوم وغدًا؟

    تذكَّر حزقيا الملك الذي قيل عنه:«وكان الرب معه، وحيثما كان يخرج كان ينجح» (2مل 7:18).  وكذلك عزيا الذي «كان يطلب الله ... وفي أيام طلبه الرب، أنجحه الله» (2أخ 5:26). وكذلك آسا الذي قال ليهوذا: «لنبن هذه المدن ... لأننا قد طلبنا الرب إلهنا.  طلبناه فأراحنا من كل جهة.  فبنوا ونجحوا» (2أخ 7:14).
  2. الثقة والاتكال على الله:
    يجب أن نتعلم أن ننزع الثقة من ذواتنا، ونضع كل ثقتنا ورجائنا في الرب.  ومهما كانت ضخامة العمل المطلوب إنجازه، فالله هو الذي يضمن النجاح من خلال رجل واحد، وليس بالضرورة مجموعة كبيرة من العاملين.
    هذا ما فعله نحميا رغم ضخامة العمل، وشراسة المقاومين وسخرية الأعداء، وضعف الإمكانيات.  لقد قال لرفقائه: «إله السماء يعطينا النجاح، ونحن عبيده نقوم ونبني» (نح 20:2).  كان واثقًا في صلاح الله وقدرته وأنه سيعمل في صفه ويعطيه النجاح.

    لا تتكل على الحكمة البشرية والوسائل الإنسانية والإمكانيات الطبيعية.  اتكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد.
  3. التمسك بكلمة الله والشبع بها:
    قيل عن الرجل الكامل: «في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً ... وكل ما يصنعه ينجح» (مز2:1، 3).  إن الكلمة تصوغ أفكاري وتُشكِّل في كياني لكي أتوافق مع الله في رغباته وأشواقه، وهكذا أستطيع أن أفهم البرنامج الإلهي لحياتي.  سأتنازل عن رغباتي أنا وما يمكن أن أحققه لذاتي، لكي أبحث عن خطة الله لي.

    قد وصل موسى إلى القصر والعرش، لكنه فهم أن الله يريده أن يترك هذا وذاك، فضحَّى بكل شيء غير نادم عليه.  لقد كان ناجحًا في القصر عندما تهذَّب بكل حكمة المصريين، لكنه فهم أن هذا النجاح ليس هو ما يريده الرب، فترك مصر، وارتبط بشعب الرب، وحقق نجاحًا أروع بما لا يُقاس.

    كذلك نحميا في شوشن القصر، فهم من شريعة الرب فكر الرب من جهة انفصال الشعب عن بقية الشعوب، فترك شوشن، وترك وظيفته المُعتبرة، وذهب إلى أورشليم ليبني أسوارها.  وهذا هو النجاح الأسمى.

(يُتبع)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com