عدد رقم 1 لسنة 2006
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الحارسون حراسات الليل  

نندهش كثيرًا أيها الأحباء، إذ نجد أن أول مَنْ بُشروا بميلاد السيد هم مجموعة من الرعاة -رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل- أمَا كان يجدر بأول مَنْ يستقبل بشارة الميلاد هذه أن يكون رئيس البلاد أو حتى رئيس الكهنة؟! لكننا إذ نتأمل في وصف  الكتاب لهؤلاء الرعاة، سنجد ما يوضح لنا أسباب اختيار الله لهؤلاء الرعاة بالذات لإعلامهم بقصد الدهور، ومشاركتهم لأسرار العلي، وبالقياس سنعرف أيضًا ما هي الحالة التي إذا وُجدنا عليها نكون مؤهلين لمشاركة الله أسراره وأفكاره ويعلن لنا ذاته.  فلقد كان هؤلاء:

1- رعاة: يالجمال هذه  الكلمة: «رعاة».  فمع كثرة استخدام هذه الكلمة وترديدها على الألسنة، ومع تدوينها أمام الكثير من الأسماء كوظيفة أو مهنة تُمتَهن، إلا أن الجماعات الروحية تعاني من ندرة شديدة في وجود الرعاة الحقيقيين.  فالراعي الحقيقي يتميز بكمال القلب ومهارة اليد، ويعمل جاهدًا على إطعام قطيعه وحمايته.  والأمّة اليهودية في ذلك الوقت بالذات كانت تعاني من كثرة الرعاة الذين يرعون أنفسهم ولم يشفقوا على الرعية، حتى قيل عن السيد عند خدمته الجهارية في متى36:9 «ولما رأى الجموع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها».  ولكم كان احتياج الأمّة في ذلك الوقت لمجيء الراعي الحقيقي، صخر إسرائيل، الذي سيرعى غنمه ويفتقدها بنفسه، وإذ انعدمت الأحشاء الرعوية في الرعاة الدينيين للأمّة، كان هناك وميض لهذه الأحشاء يبزغ من أحشاء هؤلاء الرعاة المُتبدين، فلقد كانوا في تعب وكد يسهرون ليلاً ويتعبون نهارًا لخير قطيعهم، فصاروا هم أول مَنْ أُعلن لهم مجد الله.  ومن هنا نتعلم أن كل راعٍ بين شعب الرب يبذل نفسه عمليًا لخير القطيع يعاين مجد الله.

2- متبدين: تأتي كلمة متبدين abiding بمعنى ثابتين أو مستمرين، فرغم صعوبة الرعاية من شمس حارقة بالنهار وبرد قارس بالليل، ورغم ندرة المراعي والاحتياج الدائم للتنقل والترحال، إلا أنهم لم يكلّوا ولم يتركوا الغنم، ولكنهم ثابتين على طريقهم في صبر وطول أناة ومستمرين في عطائهم رغم كل الظروف والمحبطات.  نعم إلى هؤلاء فقط يعلن الله ذاته، إلى الراسخين وغبر المتزعزين، إلى المحاربين حتى يلصق السيف بالكف.

3- يحرسون: تأتى كلمة يحرسونkeeping watch   بمعنى يراقبون، يشاهدون، يلاحظون ونرى فيهم مَنْ هم نظارٌ في كنيسة الله.  فلهم العيون المفتوحة لملاحظة الضعيف ولهم النظرة الثاقبة لمراقبة الخطر القادم على الرعية كما قال الرسول بطرس: «ارعوا رعية الله التي بينكم نظارًا ( مشاهدين، حارسين)» (1بط 2:5).  إن كم الأخطار التي تحيط بشعب الرب لا حصر لها، أخطار من الداخل، وذئاب خاطفة من الخارج، والقطيع في هذه الحالة يحتاج إلى نظار مراقبين.  آه يا أحبائي لو وُجِدَ في كل اجتماع محلي أشخاص لهم عين المراقبة والحراسة هذه -لو وُجِدُوا-  لمَا رأينا مؤمنين متأخرين للوراء شهورًا وسنين دون سؤال أو زيارة، ولا نجد من يكسرون خبزًا على مائدة الرب وهم لم يولدوا من الله أصلاً، فإلى هؤلاء الساهرين المراقبين يفتح الله قلبه ويشاركهم أسراره.  إن الناظر هو الذي يعرف حال غنمه، فيقوِّي المريض ويعصب المجروح ويجبر المكسور ويسترد المطرود ويطلب الضال.

4- حراسات الليل: أي أن دائرة عملهم هي الليل، وما أحلك الليل الذي نجتاز فيه الآن قبيل بزوغ كوكب الصبح المنير، ليل حالك، ترتفع فيه أصوات الذئاب كالمعلمين الكذبة، أمثال شهود يهوه والأدفنتست وغيرهم، ويسلك فيه وباء الدجى بما يحمله من سم الحية القديمة إبليس، إلا أنه لا خوف على القطيع إن وُجِدَ بينهم حرَّاس يحرسون حراسات الليل، يمسكون بعصي المواعيد الإلهية، ويلوحون بسرج كلمة الله، فيحمون القطيع من الأخطار وينيرون لهم الطريق. إلى هؤلاء، وهؤلاء فقط، تستطيع السماء أن ترسل رسائل من قلب الله..
ليتنا كرعاة ونظار في اجتماعاتنا نوجد على
هذه الحالة المقدسة، فنستقبل أسرار العلي.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com