عدد رقم 3 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الحُكم على الذات  
«اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد»
(غل 16:5)
إن الجسد الذي دفع يونان للهروب من وجه الرب هو بعينه الذي كان يتحكم في كل أفكار يونان وهو جالس خارج المدينة بعد إبلاغ رسالته، منتظراً ليرى ماذا يفعل الرب.  وعوض أن يمتلئ قلبه بالفرح بسبب توبة أهل نينوى، فإنه امتلأ بالقلق على سمعته. 
قليلون منا هم الذين يدركون المكانة الملحوظة التي تحتلها الذات في عواطفنا، حتى يعترضنا شيء يمس كرامتنا الشخصية.  وعندئذ نظهر من أي روح نحن.  إن فينا قدراً من اتجاه يونان أكثر مما نود أن نسلِّم به على أن الاعتراف بالفشل هو أول خطوة للخلاص منه.
وبينما كانت السماء تفرح، لا بتوبة خاطئ واحد، بل بجماهير من الخطاة، نقرأ عن يونان: «فغم ذلك يونان غماً شديداً، فاغتاظ.  وصلى إلى الرب وقال: آه يارب، أليس هذا كلامي إذ كنت بعد في أرضي؟ .. فالآن يا رب، خُذ نفسي مني، لأن موتي خير من حياتي».  يكاد يكون أمراً غير مصدَّق أن يوجد خادم لله في مثل هذه الحالة المرعبة، على أنها لم تكن إلا صورة لذلك الداء الوبيل، الكبرياء، الذي ينمو ويمتد في صدر أي قديس بعيد عن الشركة.  وقد كان المفروض أن سؤال الرب اللطيف يكسر قلب يونان لو لم يكن مشغولاً بذاته إلى هذا القدر حينما سأله الرب: «هل اغتظت بالصواب؟»؛ أو هل أنت محق في غضبك؟ سؤالاً كفيلاً بأن ينبه يونان لحقيقة حالته. 
وكم من مرة قُدِّم لنا مثل هذا السؤال ونحن نجتر على أفكار أو مشاعر غير مقدسة أو نسلك في طرقنا مهملين طرقه تعالى!  أنحن محقون في هذا؟!
ومرة أخرى بعد أن أعدَّ الله اليقطينة، ثم سمح للدودة أن تتلفها، تكلم الله مع يونان متسائلاً في عبارة لطيفة: «هل اغتظت بالصواب من أجل اليقطينة؟»؛ وفي كآبة يجاوب النبي الجريح على سمعته: «اغتظت بالصواب حتى الموت».  وذلك التحجر مرجعه عدم الحكم على الخطية، والسماح لها بالاستمرار، حتى يفقد القديس التمييز بين الصواب والخطأ.
ليت لنا مزيد من النعمة لنحكم يوماً قيوماً على كل ما فينا وما يقودنا للبعد عن الرب.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com