عدد رقم 3 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مع أحداث العالم في ضوء الكتاب المقدس   من سلسلة: على المرصد

وعندنا الكلمة النبوية (2بط 19:1)

ذكرنا أن مجيء الرب يسوع الثاني لأجل قديسيه لا يرتبط بعلامات معينة، وإنما العلامات ترتبط بمجيئه للعالم (ظهوره).  والكتاب المقدس حدثنا عن علامات كثيرة أبدؤها بالعلامات السياسية والتي أقسمها إلى ثلاثة موضوعات:الهيكل،  شجرة التين،  الحروب

2- شجرة التين

قال الرب يسوع: «فمن شجرة التين تعلموا المثل: متى صار غصنها  
  رخصاً وأخرجت أوراقها، تعلمون أن الصيف قريب» (مت 32:24)

لا يُنسى اليوم الذي فيه رجع الرب يسوع إلى مدينة أورشليم صباحاً، وكان ذلك قرب عيد الفصح في شهر إبريل سنة 29م حيث يكون على أشجار التين التي ستثمر بعض التين الطقش وهو صالح للأكل، وعدم وجود هذا التين الطقش على الشجرة دليل على أنها عقيمة، وعندما نظر الرب شجرة التين على الطريق وجاء إليها ولم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً فقط فقال لها: «لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد، فيبست التينة في الحال» (مت 19:21).

شجرة التين ترمز للأمة الإسرائيلية، تلك الشجرة التي يبست في الأجيال الماضية عندما رفضت هذه الأمة الأنبياء والمرسلين إليها.  لقد كان لهم مجرد المظاهر الدينية فقط (الورق)، والتي زادت من عنادهم ورفضهم لابن الله،وإظهار الجفاء له، وكان صلبهم له آخر شيء أكملوا به مكيال شرهم.

ورق بدون ثمر

يا له من أمر خطير .. لماذا لم تثمر الشجرة؟! هذا يقودنا إلى حديث الرب الوارد في إنجيل لوقا عن مَثَل شجرة التين: «كان لواحد شجرة مغروسة في كرمه، فأتى يطلب فيها ثمراً ولم يجد.  فقال للكرّام: هوذا ثلاث سنين آتي وأطلب ثمراً في هذه التينة ولم أجد.  اقطعها! لماذا تبطِّل (تعطّل) الأرض أيضاً؟ فأجاب وقال له: يا سيد، اتركها هذه السنة أيضاً، حتى أنقب حولها وأضع زبلاً.  فإن صنعت ثمراً، وإلا ففيما بعد تقطعها» (لو 6:13-9).

لقد كشف المَثَل السابق عن مكانة هذا الشعب في قلب الرب الذي أحبه وميّزه عن سائر الشعوب الأخرى.  لقد اعتنى الرب بتلك الأمة، وتعهدها بالرعاية والاهتمام، وكانت خدمة الرب الجهارية في وسط هذه الأمة تزيد عن ثلاث سنوات.  لقد خدم بصبر كامل، ومع ذلك لم يكن بالتينة ثمر، بل كان مجرّد ورق فقط.  والمعروف أن الورق ليس له قيمة أو منفعة، ولا يستطيع أن يستر الإنسان أمام الله (تك 7:3،10).

وهكذا وصل الأمر بهذا الشعب إلى اعتراف الشفتين بالله دون الإيمان الحقيقي به، قال لهم الرب مرة: «يا مراؤون! حسناً تنبأ عنكم إشعياء قائلاً: يقترب إليَّ هذا الشعب بفمه، ويكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً.  وباطلاً يعبدونني وهم يعلِّمون تعاليم هي وصايا الناس» (مت 7:15-9).

والمسيح في طول أناته طلب من أجل هذا الشعب لكي يعطيهم الله فرصة أخرى فخدمهم وأظهر لهم غنى لطفه وإمهاله وطول أناته محاولاً أن يقودهم إلى التوبة، ومع ذلك لم تصنع الشجرة ثمراً.  فبعد صلب المسيح وقيامته وصعوده، نزل الروح القدس إلى الأرض، وكرز بطرس لهذه الأمة مؤكداً أن الله لم يغلق الباب في وجوههم بعد، بل قد أعطاهم فرصة أخرى ودعاهم إلى التوبة قائلاً: «فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم، لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب.  ويُرسل يسوع المسيح المبشَّر به لكم قبل» (أع 19:3،20).  واستمر الباب مفتوحاً لهم حتى رجموا استفانوس الذي كان ممتلئاً من الروح القدس (أع 7) وبذلك أُغلق الباب في وجوههم ورُفضوا كأمة.

ولا يمكن لأحد أن يأتي بثمر لله دون أن يولد من فوق، وقد أشار الرب للأمة إلى حتمية الولادة من فوق (يو 7:3).  إن انتظار الصلاح من الإنسان غير المتجدد بالروح القدس كانتظار الثمر من تلك التينة المحكوم عليها بأن لا يكون منها ثمر إلى الأبد.

نعود إلى كلام الرب في إنجيل متى أصحاح 24 «متى صار غصنها رخصاً (عندما تلين أغصانها) وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب».  لقد بدأت الأوراق تخرج وتظهر بوضوح منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وبدأ كياناً جديداً يظهر لهذه الأمة حيث أصبح لها تمثيلاً دبلوماسياً وسفارات في معظم دول العالم، واليوم تمارس هذه الدولة الصغيرة تأثيراً في شئون العالم لا يتناسب مع حجمها.

أرقام وإحصاءات

زادت معدلات الهجرة من بعض دول العالم إلى إسرائيل، ونأخذ روسيا على سبيل المثال حيث تفيد أرقام الإحصاء المركزي في إسرائيل أن عدد المهاجرين منذ سبتمبر 1989 بلغ 903100 مهاجر من دولة الاتحاد السوفيتي السابق في حين أن عدد اليهود المهاجرين إلى إسرائيل منذ قيامها حوالي 2 مليون يهودي.  وفي 15 أبريل 2002 بلغ عدد سكان إسرائيل 6,5 مليون نسمة يُشَكِّل اليهود نسبة 81 % منهم والباقي عرب إسرائيل.  ويمثل اليهود الآن بإسرائيل 37 % من إجمالي يهود العالم، في حين كانت هذه النسبة 6 % فقط عند قيامها سنة 1948.

واليهود هم الشعب الوحيد في العالم المسجل أفراده على الكومبيوتر فرداً فرداً؛ وهذا بسبب قلة عددهم الذي لا يتجاوز 13,5 مليون نسمة في كل العالم يقيم منهم في إسرائيل 6,5 مليون نسمة كما أشرنا.  والجدير بالذكر أن عدد سكان إسرائيل عند قيام الدولة سنة 1948 كان 800 ألف فقط، منهم 650 ألف يهودي و150 ألف عربي.
وبعد أن تضاعف عدد سكان اليهود حوالي 10 مرات خلال نصف قرن نقول إن شجرة التين أخرجت أوراقها، وبدأ هذا الشعب يعود من شتاته إلى الأرض ويعتبر هذا رجوع في عدم إيمان يمهد الطريق للرب لكي يتعامل معهم مستقبلاً بالضيق والتأديب حتى يرجعوا إليه بعد أن ضلوا عنه، ويتم فيهم القول: «وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات، فينظرون إليَّ، الذي طعنوه، وينوحون عليه كنائح على وحيد له، ويكونون في مرارةٍ عليه كمن هو في مرارة على بكره» (زك 10:12).  ستُخرِج شجرة التين أغصاناً في المستقبل، لكنهم لن يأتوا بثمر إلا بعد أن يحييهم الرب روحياً بعد اجتيازهم ضربات القضاء الإلهي، وهذه هي إحدى العلامات القوية التي تنبئ باقتراب صيف قضاء الله على الشعب الذي رفضه وكذلك على الأمم المحيطة به لذلك يقول الرب: «انظروا إلى شجرة التين وكل الأشجار» (لو 29:21)، «هكذا أنتم أيضاً، متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب على الأبواب» (مت 33:24).
ولقد اقترب الوقت الذي فيه تُفتح للرب أبواب المدينة التي بكى عليها مرة حيث يدخلها باعتباره الملك الشرعي ابن داود ليمارس سلطته على هذا الشعب الذي أنكره فترات من الزمن، وأيضاً على العالم كله الذي رفضه «ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن، وارتفعن أيتها الأبواب الدهريات، فيدخل ملك المجد ..» (مز 7:24).  يأتي يوم وذا قريب فيه يعود الرب لهذا الشعب ويحقق رجاء الأمة، عندما يتم قول عروس النشيد: «صوت حبيبي.  هوذا آتٍ طافراً على الجبال، قافزاً على التلال» (نش 8:2) .. في الوقت الذي فيه يمضي الشتاء ويزول المطر، عندما تظهر الزهور في الأرض ويأتي موسم تغريد العصافير.
وبسبب رفض هذا الشعب للمسيح تعيش المنطقة كلها في صراعات مسلحة، ولا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي لشعب رفض رئيس السلام.  إن قادة وشعوب العالم يبذلون جهوداً مضنية لكي تعيش المنطقة في سلام وهذه رغبة رائعة، ونحن نصلي من أجل: «الملوك وجميع الذين هم في منصب، لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار، لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله» (1تي 2:2،3).
إننا نتطلع إلى الوقت القريب السعيد الذي فيه تنتهي الحروب والصراعات بين دول المنطقة ليعيش العالم في سلام حقيقي عندما يأتي المسيح مَلك المُلوك ليملك على الأرض ويحكم العالم الذي رفضه.
ينجاسونيجاست
 يخبرنا التاريخ أن الإمبراطور هيلاسلاسي إمبراطور أثيوبيا حكم بلاده لمدة 44 عاماً، وكان يحمل لقب "ينجاسونيجاست" أي ملك الملوك، وكان الإمبراطور قد لقي مصرعه على أيدي العسكريين الذين قاموا بانقلاب ضده، وبكل أسف ظلت جثته ملقاة في حفرة بالقصر الإمبراطوري مدة طويلة.
 وكان النازي الألماني "أدولف هتلر" يأمل أن يحكم العالم حكماً يدوم ألف سنة، هذا ما أعلنه في خطاب في الصحف في 4 يناير 1912.
 و"ماو تسي تونج" قاد ثورة لتغيير العالم بما أسماه "الشيوعية تحكم العالم ألف سنة".
 أما "أرنولد توينبي" فقال في جامعة كمبردج: لا بد أن يأتي مَلِك وحاكم للأرض لينجي العالم من شر الأشرار ومن كل الكوارث".
تُرى مَنْ هو هذا الشخص؟؟
إنه الرب يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب الحقيقي الذي سيملك إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية .. وهكذا عزيزي القارئ بعد أن استعرضنا أمامك علامة من علامات مجيء الرب للعالم وهي شجرة التين التي ترمز للأمة الإسرائيلية وحيث أننا نعيش الآن أحداثاً غير عادية أ تشك بعد كل هذا في قرب مجيء المسيح؟ إنني أصلي لأجلك لكي تقبله مخلصاً وفادياً فيمنحك سلاماً حقيقياً ومصالحة مع الله.
وسيكون حديثنا القادم عن الحروب.  هل تعلم ما عدد الدول التي تعيش في صراعات مسلحة؟ وكم عدد الحروب والضحايا خلال النصف قرن الماضي؟ وما عدد الدول التي تملك القنابل الذرية؟ وكم عدد القنابل الهيدروجينية المخزونة في العالم؟ متى تبدأ الحرب العالمية الثالثة؟ ما هو دور إيطاليا في هذه الأحداث؟  سنجيب على كل هذه التساؤلات وغيرها في العدد القادم إن تأنى الرب في مجيئه .. النعمة معك.
(يتبع)                                                                                                                     أفرايم فخري

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com