عدد رقم 2 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
يسوع .. أحلي اسم  
  • «يسوع .. نراه» (عب 9:2)
  • «لاحظوا .. يسوع» (عب 1:3)
  • «ناظرين.. إلى يسوع» (عب 2:12)

هذه فقرات ثلاثة اقتبسناها من رسالة واحدة، وفي ثلاثتها يتردد على سمعنا اسم «يسوع» الحلو العزيز.  وأنت تعلم أيها القارئ أنه اسم الاتضاع الذي دعي به شخص ربنا المبارك حينما دخل إلى هذا العالم كإنسان (لو 31:1) وهو الاسم الذي عُرف به في أيام رفضه وعند الصليب.  على أنه من الجهة الأخرى هو الاسم الذي ستخضع له كل ركبة ويجثو له الأعداء خوفاً وخشوعاً.  ولكن قف أيها القارئ وبارك الله لأنه بالنسبة لنا قد أصبح هذا الاسم قريباً وعزيزاً فهو لنا اسم ذلك الذي «لا يستحي أن يدعونا إخوة».

والآن لنلق نظرة عاجلة إلى مضمون الفقرات الثلاث:

  • في أولاها يقال: «يسوع .. نراه».  ولاحظ أيها القارئ أنه لا يقال إننا مدعوون أو مكلفون أن نراه، بل نحن فعلاً نراه.  فهي حقيقة مقررة يتلوها على مسامعنا الكاتب المغبوط.  نعم إن عيوننا المجردة لا تكتحل الآن بمرآه، ولكن البصر الروحي يخترق سحائب الطبيعة وينظر إليه، ونظرته فعلية لا شك فيها.  فنحن بالروح نتبع ذاك الذي رأته عيوننا، والذي وضع قليلاً عن الملائكة لكي يذوق الموت .. نتبعه إلى السماويات حيث نراه مكللاً بالمجد والكرامة.

نعم إننا بعد قليل سنمتع أنظارنا برؤية شخصه الكريم حينما يأتي ليأخذنا إليه ونكون مثله، إلا أن نظرتنا الحالية ليست أقل قيمة من العتيدة ذلك لأنها نظرة إيمان، والإيمان هو الإيقان بأمور لا ترى.

  • وفي الفقرة الثانية يهيب بنا الرسول أن: «لاحظوا .. يسوع».  وملاحظة الشيء معناه أنك تتفحصه بكل دقة من جميع الوجوه.  وهذا الأصحاح (عبرانيين 3) يحدثنا عن وجهين من أوجه خدمة ربنا يسوع، وجهين نحن مدعوون ومكلفون أن نتأمل فيهما ونتفهمهما تماماً:
  • الوجه الأول: هو رسولية ربنا يسوع، أي كونه رسولاً لاعترافنا ودعوتنا السماوية. 
  • والوجه الثاني: هو كهنوته أي كونه كاهننا العظيم.  لقد كان رسول دعوة إسرائيل الأرضية موسى، كما كان هارون رئيس كهنتهم.  وقد اجتمعت هاتان الناحيتان في ربنا يسوع لكي يمكن أن يقود شعب الله إلى كنعان السماوية عابراً بهم برية هذا العالم المجدبة.

فكرسول اعترافنا قد أعلن لنا «الخلاص العظيم».  أخبار الفداء الذي أُكمل والذي به نلنا حق ميراث المجد.  وإلى هذا المجد يقودنا نحن شعبه الذليل في الزمان والمرفوض من الأرض.  وككاهننا العظيم لم يعطنا فقط حق القدوم إلى عرش النعمة داخل المقادس، بل علاوة على ذلك هو مشغول بنا، يقدم لنا العون ويرثي لضعفاتنا، ويقدر أن يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله.

ويا له من يقين هادئ يصل إلى أعماق نفوسنا حينما نرفع قلوبنا لكي نلاحظه.  فالخلاص الذي دُعينا لأن نرثه قد تحصّل لأجلنا، والعون الذي لنا أثناء انتظار ذلك الخلاص لن يفقد منا لأن ملكي صادقنا كاهن قدير له كهنوت لن يزول.

  • أما الشاهد الثالث فيقول: «ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع».  وهنا أسائل القارئ: ألم يتسرب إلينا الإعياء طيلة سفرة الجهاد هذه؟ ألم نشعر وكأن الطريق تزداد طولاً وعرضاً كلما قطعنا منها شوطاً حتى أصبحت نهايتها محجوبة عن أبصارنا؟ ألم نتوقف مراراً بحجة تخفيف أعباء السفر حتى يعاودنا النشاط لاستئناف المسير؟ حقاً ما أغبانا وما أقل إحساسنا! وأمامنا الحث العملي القائل: «ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون، ولكن واحداً يأخذ الجعالة؟ هكذا اركضوا لكي تنالوا» (1كو 24:9).

ولنتذكر أيضاً أن شهوداً كثيرين يحيطون بنا في ميدان جهادنا، شهوداً لامتيازات وبركات حياة الإيمان – الإيمان بمواعيد لم تتم بعد وبأغراض لم نفز بها للآن - على أننا لسنا مدعوون، كما يهيب بنا الكاتب المغبوط، أن نحول أنظارنا عنهم وعن أي شيء آخر ونديرها لكي نثبتها على شخص ربنا يسوع وحده.  وهل فشل مرة في صبره؟ هل توقف مرة في جهاده؟ هل عمل مثلنا فاستراح ليعاوده النشاط لاستئناف الركض في الميدان؟ كلا، فإنه قطع المرحلة حتى نهايتها دون أن يقف برهة واحدة ووصل إلى آخر الطريق، وهو الآن، «جالس في يمين عرش الله».

فلا شيء أوقف ربنا يسوع في الميدان.  لا مقاومة الخطاة، ولا حمل الصليب، ولا العار، بل ركض مثبتاً نظره إلى الغرض الموضوع أمامه -«السرور الموضوع أمامه» - سرور تمجيد الآب وإتمام عمل الخلاص وحصوله على عروس له.  هذا كان الغرض الموضوع أمامه والذي وصل إليه.

إذاً فلنثبت أنظارنا إليه.  فهو رئيس الإيمان بمعنى أنه سار في الطريق قبلنا ووصل إلى الهدف بعد أن عبّد لنا سبيل الإيمان حتى نصل إلى ما وصل إليه.  وهو أيضاً مكمله، إذ لم يسبقه أحد في الوصول إلى النهاية.

ولا تنس أيها الأخ القارئ أن قوتنا وبركتنا محصورتان في تثبيت أنظارنا على شخصه الكريم.  وطوبي للذين يجدون قوتهم فيه، فإنهم يسيرون من قوة إلى قوة وعما قريب سيصلون إلى النهاية، وهناك نستريح كلنا حيث استراح سيدنا في انتظارنا نحن شعبه العزيز لديه.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com