عدد رقم 5 لسنة 2004
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أنبياء في حياة داود  

[صموئيل النبي- ناثان النبي- جاد الرائي]

يحدثنا الكتاب عن ثلاثة أنبياء في حياة داود كان لهم التأثير الكبير عليه وهم:

أولاً: صموئيل النبي الذي مسحه للمُلك (1صم 16)

كان داود قبل ذلك محتقرًا في أسرته حيث لم يدعُه أبوه لمناسبة هامة عندما أتى صموئيل لزيارته.  ويبدو أنهم دائمًا كانوا يتجاهلونه، حتى أنه قال مرة بألم: «إن أبي وأمي قد تركاني ..» (مز 10:27)، وفي هذه المناسبة لولا سؤال صموئيل: «هل كملوا الغلمان؟» ما كان يسَّى أشار إلى داود، وحتى عندما أشار إليه لم يذكر اسمه، بل فقط قال: «بقي بعد الصغير»، وكان هذا الصغير، رغم صغر سنه، يرعى غنم أبيه بأمانة.  وكانت عين الرب تراقبه، وكان موضع تقدير واختيار الله، لذلك أرسل له صموئيل النبي ليمسحه ملكاً على شعبه.  وقد مسحه بقرن الدهن في وسط إخوته.  وليس ذلك فقط، بل كان صموئيل دائماً بعد ذلك هو الآب الروحي لداود الذي يجد فيه الحضن الدفيء الآمن وقت المخاطر والضغوط في فترة معاناته من شاول (1صم 18:19)، وكان يجد عنده المشورة والنُصح والتشجيع الأبوي.  ولكن في فترة من فترات ضعف داود نراه يفضل يوناثان وصداقته أكثر من الشركة مع صموئيل الذي يمثل الله وسط الشعب (1صم 20).  وعندما مات صموئيل شعر داود بالخسارة الفادحة.  وفي حزنه مضى إلى برية فاران بعيداً عن أرض يهوذا (1صم 1:25).

ثانيًا: ناثان النبي الذي استخدمه الرب في رد نفسه (2صم 12)

نلاحظ الطريقة المباركة التي قاد بها ناثان داود إلى التوبة بعد أن احتضن الشر لمدة عام تقريبًا ولم يعترف به، حيث ذكر له قصة النعجة والرجل الفقير، وصاحب النعاج الكثيرة الذي جاءه ضيف فأخذ نعجة الفقير وهيأ لضيفه وليمة، ولم يقدِّم واحدة من نعاجه.  وترك لداود الحكم على هذا الرجل، أو بمعنى أصح الحكم على نفسه.  وإذا بداود يحكم أقسى حكم على هذا الرجل، ولم يخطر بباله أنه المتهم في القضية قائلاً: «يُقتل الرجل الفاعل ذلك، ويرد النعجة أربعة أضعاف».  وبعد أن نطق بحكمه، فوجئ بناثان النبي يقول له: «أنت هو الرجل!».  وهنا أدرك داود خطأه وأنه سيموت. 

وهذا هو تأثير النبي وعمله، إذ يُحرِّك الضمير ويُشْعِر الشخص ببشاعة الخطية ونتائجها.  ويقوده إلى التوبة والاعتراف إلى الرب.  كانت كلمات النبي بمثابة سهم اخترق ضمير داود.  وعلى الفور انكسر واعترف قائلاً: «قد أخطأت إلى الرب» وكانت إجابة ناثان النبي على هذا الاعتراف قوله: «الرب أيضاً نقل عنك خطيتك.  لا تموت».  إن «أجرة الخطية موت»، والله وضع على المسيح البديل إثم جميعنا، ومات نائباً على الصليب، حتى لا نموت نحن.  وهذا هو أساس الغفران.  وعلى ذلك يستريح الضمير.  لقد حمل ناثان النبي إلى داود رسالة عتاب وتوبيخ من الرب، وهذه الرسالة جعلته ينوح على خطيته زماناً.  لقد حدث نشاط مُقدَّس في ضميره بزيارة ناثان النبي له بعد أن كان في حالة تبلُّد.  وبعدها كتب أربعة مزامير يُعبِّر فيها عن توبته وحزنه على الخطية.ٍ

ونحن في العهد الجديد يقول الرسول يوحنا: «يا أولادي، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا.  وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار.  وهو كفارة لخطايانا» (1يو 1:2،2).  و«إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم» (1يو 9:1).  

ثالثًا: جاد الرائي.. ساعده على تقديم الذبائح (1 أخ 21)

وخدمته هذه تناظر خدمة الرب باعتباره رئيس كهنة.  فرغم خطأ داود عندما أحصى الشعب ورغم تأديب الرب الذي وقع على الشعب، لكننا نرى التشجيع في تحريض الرب له عن طريق جاد الرائي أن يقدِّم ذبائح.  وهذه الذبائح التي قُدَّمت على المذبح في بيدر أرنان اليبوسي قد قُبِلَت، والله رضي بها، فامتنع الوبأ وكفّت الضربة عن إسرائيل (1أخ 26:21-28).  وفي هذا المكان بُني الهيكل، والله صادق على الذبائح التي أُصْعِدَت فيه.  وعلى أساس الذبائح، باعتبارها رمز لذبيحة المسيح، كان الله يرضى على شعبه.  إلى أن جاء المسيح في الجسد وقدَّم نفسه لله ذبيحة بلا عيب.  لقد دخل بدم نفسه إلى الأقداس الحقيقية فوجد فداء أبدياً.  فهو الكاهن وهو أيضاً الذبيحة.  وهو الآن يظهر أمام وجه الله لأجلنا كرئيس كهنة عظيم.  فكل الذبائح الروحية تُقبَل من خلاله.  فنحن كهنوت مقدس لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح (1بط 5:2).  وتسبيحاتنا مقبولة عن طريقه فقط.  لذلك يقول الرسول: «فلنقدم به في كل حين ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه» (عب 15:13).  إن تسبيحاتنا حتى إن كانت ضعيفة، فهو يضيف عليها استحقاقاته وكمالاته، وتتصاعد من خلاله للآب رائحة طيبة عن طريق ذاك الذي قال: «أُخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الكنيسة أُسبِّحك».

فسجودنا رغم اجتهادنا أن يكون روحياً وليس جسدياً، وتسبيحاتنا رغم اجتهادنا أن تكون بالروح وبالذهن، لن تُقبَل إلا من خلال شخص الرب باعتباره رئيس الكهنة العظيم الموجود لأجلنا في الأقداس.  فيا لعظمة كفايته لنا على الدوام.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com