عدد رقم 2 لسنة 2004
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
«اعكف على القراءة» - 2  

نواصل -عزيزي القارئ- الكلام عن تشبيهات كلمة الله كما نجدها في الكتاب المقدس، فقد رأينا في عدد سابق أنها "طعام للشبع" ووجدنا في هذا الطعام: اللبن العقلي العديم الغش، والطعام القوي للبالغين.  والآن إلى تشبيهات أخرى منها:

2- مرآة تكشف:  المرآة تكشف الحقيقة، وكلمة الله تكشف حالة الإنسان وفساده وخرابه، ولكنها أيضاً تعلن علاج الله الشافي والكافي في صليب المسيح.  وعندما تكشف الكلمة حالتنا وأخطاءنا، وعيوبنا وتقصيراتنا، يجب أن نصحح وضعنا وحالتنا في ضوء ما كشفته هذه الكلمة.  لأن التحريض لنا: «كونوا عاملين بالكلمة، لا سامعين فقط خادعين نفوسكم.  لأنه إن كان أحد سامعاً للكلمة وليس عاملاً، فذاك يشبه رجلاً ناظراً وجه خلقته في مرآة، فإنه نظر ذاته ومضى، وللوقت نسي ما هو.  ولكن مَنْ اطلع على الناموس الكامل -ناموس الحرية- وثبت، وصار ليس سامعاً ناسياً بل عاملاً بالكلمة، فهذا يكون مغبوطاً في عمله» (يع 22:1-25).  لذلك ينبغي أن يقترن السمع بتغير السلوك.  وإلا فإن ذلك الشخص الذي يسمع ولا يعمل فذلك يشبه رجلاً يلقي نظرة خاطفة على نفسه أمام المرآة ثم ينسى تماماً ما رأى، وبذلك لم يستفد من المرآة التي كشفت حالته.  لذلك علينا أن نتواضع ونقبل توجيه كلمة الله لنا فتتنقى حياتنا من الزغل.
وكم من مؤمنين يقرأون الكلمة كل يوم، وهذا حسن، لكن بالأسف البعض يقرأونها قراءة سطحية غير مصحوبة بالتأمل العميق والصلاة، ولا يطبقونها على حياتهم وبالتالي لا تغير من وضعهم الخاطئ.
لذلك نحتاج أن نفحص ذواتنا جيداً ونتجاوب مع ما تعلنه كلمة الله.

3- سراج ونور للهداية:   كلمة الله سراج لنا فهي تنير لنا الطريق كما هو مكتوب: «سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي» (مز 105:119) لأننا من أنفسنا لا نعلم كيف نتصرف أو أين الطريق الصحيح لنسير فيه.  فالعالم مظلم بسبب الشر، ولكن كما يقول بطرس الرسول: «وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مظلم» (2بط 19:1).  وأيضاً «فتح كلامك ينير، يعقِّل الجهّال» (مز 130:119) فكلمة الله تقدم لنا المشورة والإرشاد في وقت الحيرة وعند مفترق الطرق.  إنها تنير أذهاننا لنعرف الأمور المختصة بالله وبأنفسنا وبمن هم حولنا.  وهي تعطينا نوراً عن المستقبل فيما يخص المؤمنين أو الأشرار أو نهاية الشيطان ونهاية العالم.  إن الكلمة سراج نمسكه بأيدينا للاستعمال الشخصي «لأن الوصية مصباح، والشريعة نور» (أم 23:6).  إنها كشعلة تضيء لنا الطريق وتهدي أقدامنا إلى بر الأمان، إذا كنا مخلصين، وتعلمنا كيف نختار الاختيار الصحيح ونأخذ القرار الصحيح. 

4- ماء للغسل والتطهير:  نحن في عالم ملوث بالخطية ولذلك تتسخ أرجلنا وتحتاج إلى الغسل والتطهير وهذا هو عمل كلمة الله لأنها مشبّهة بماء للغسل إذ مكتوب «أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها، مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة» (أف 25:5،26).
لقد كان الكهنة في يوم تقديسهم قبل بدء الخدمة يستحمون بالماء من الرأس إلى القدم (خر 29) مرة واحدة، ومع ذلك كانت هناك المرحضة النحاسية (خر 17:30-21) وفيها كان الكهنة يغسلون أيديهم وأرجلهم، وكانت التعليمات صريحة لهم عند دخولهم إلى خيمة الاجتماع يغتسلون بماء لئلا يموتوا.  وكان ذلك رمزاً لحقائق اتضحت في العهد الجديد.
فنحن كمؤمنين الآن قد اغتسلنا مرة واحدة بغسل الميلاد الثاني، وأصبحنا في حالة الطهر والنقاء، ولكننا نحتاج إلى التطهير العملي اليومي بماء الكلمة. 
وإذا تأملنا في ما حدث في العلية حيث قام الرب يسوع عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ (يو 13).  وعندما اعترض بطرس قال له الرب: «إن كنت لا أغسلك فليس لك معي نصيب».  وسرعان ما رد بطرس قائلاً:  «يا سيد، ليس رجليَّ فقط بل أيضاً يديَّ ورأسي».  وعندئذ أعلن الرب هذا الحق المبارك قائلاً: «الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه، بل هو طاهر كله».  أي الذي اغتسل مرة بغسل الميلاد الثاني ليس له حاجة إلا إلى الاغتسال بماء الكلمة يومياً لتنقية السلوك من النجاسات المحيطة به في العالم الشرير.

 (يتبع)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com