عدد رقم 6 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
اعكف على القراءة  

عندما زرت خادم الرب الراحل/ وديع جندي قبل رقاده بشهور وجلست معه، علمت أنه قد قرأ الكتاب المقدس أكثر من 200 مرة.  فبعد إيمانه بالرب يسوع قسَّم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يبدأ من سفر التكوين، والثاني من سفر المزامير، والثالث من إنجيل متى.  وكان كل يوم يقرأ عشرة أصحاحات من كل قسم وكأنه يقول مع إرميا النبي «وجد كلامك فأكلته».  وهذا يذكرنا بقول الرسول بولس لابنه تيموثاوس:

والقراءة بصفة عامة هامة لأنها غذاء للعقل ولكن ليس أي شيء يُقرأ، لأن هناك قراءة ضارة وهادمة يجب أن نبتعد عنها تماماً وهناك قراءة نافعة ومفيدة يجب أن نهتم بها.  وأهم القراءات البانية والنافعة هي كلمة الله الحية والفعالة.
    والمقصود بالقول: «اعكف على القراءة» هو القراءة العلنية للكتاب المقدس حيث يستفيد القارئ والسامع معاً، والروح القدس في سفر الرؤيا يطوِّب الذي يقرأ والذين يسمعون قائلاً: «طوبى للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة، ويحفظون ما هو مكتوب فيها، لأن الوقت قريب» (رؤ 3:1).
    وبمعونة الرب سأركز في هذه المقالة على شيئين:
 أولاً  : أهمية قراءة كلمة الله كل يوم.
 وثانياً: تشبيهات كلمة الله.
أولا: أهمية قراءة كلمة الله كل يوم
لأنها هي ذات أنفاس الله،  وتحوي كل أفكار الله، ومن خلالها نعرف المسيح الذي هو موضوع الكتاب المقدس كله.  ولقد قال الكاتب الشهير يوحنا بنيان عن كلمة الله:  "يُوجد رجاء لأعظم خاطئ يقرأ الكتاب المقدس ويوجد خطر على أعظم قديس يهمل قراءة الكتاب المقدس".  ومن خلالها يولد الإنسان ولادة ثانية (يع 18:1؛ 1بط 21:1)، ويحصل على الخلاص (يع 21:1)، وبها يتطهر المؤمن (أف 26:5)، وبها نُبنى (أع 32:20)، وننمو (1بط 2:2)، وبها نتقدس (يو 17:17)، وبها نستنير (مز 105:119)، وبها يُحفَظ القلب من الخطأ (مز 11:119)، وهي ترد النفس (مز 7:19)، وتعطي حكمة وتعقل وفطنة (مز 98:119-100)، وتجعل القلب فرحاً (إر 16:15؛ مز 111:119)، وتقوده للترنيم والتسبيح (كو 16:3)، ومن يطبق كلمة الله يكون له سلام (مز 165:119)، وتجعله مثمراً (يو 15) فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه (مز 1) وذُكر عن يوسف أنه غصن شجرة مثمرة على عين، وبها نتعزى ونتشجع في الأحزان (1تس 18:4)، وهي التي تقوي (1يو 14:2)، وهي الطريق لمعرفة مشيئة الرب.
لذلك يجب أن نشتهي هذه الكلمة باستمرار كقول الكتاب للمؤمنين المولودين حديثاً «وكأطفال مولودين الآن، اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنمو به» (1بط 2:2)، وأن نلهج فيها؛ ففي المزمور الأول يقول: «لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً». واللهج هو التأمل الهادئ في الكلمة وهذا ما نجده رمزياً في الحيوانات الطاهرة، فمن شروطها الاجترار، أي بعد أن تأكل طعامها تبدأ في مضغه من جديد، وهكذا عندما نتأمل في ما نقرأه ونتلذذ به فإن هذا هو اللهج في الكلمة.  وأن نبتهج بكلمة الله أي نسر بها فيقول المرنم: «أبتهج أنا بكلامك كمن وجد غنيمة وافرة» (مز 162:119).  لذلك دعني أسألك .. ما هو سرورك وابتهاجك؟ هل هو في كلمة الله العظيمة أم في أشياء أخرى تافهة في هذا العالم الفاني؟ وأن لا تبرح من فمنا كقول الرب ليشوع: «لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك» (يش 8:1)؛ أي نتكلم بها باستمرار وتكون على قلوبنا ونقصها على أولادنا ونتكلم بها حين نجلس في بيوتنا وحين نمشي في الطريق وحين ننام وحين نقوم (تث 6:6،7) وأن تسكن فينا بغنى كما هو مكتوب «لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى» (كو 16:3) وأن نخبئها في قلوبنا لكي لا نخطئ إليه (مز 11:119).
وبعد أن عرفنا أهمية كلمة الله وأهمية قراءتها كل يوم للنمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح، الآن نتأمل بمعونة الرب في تشبيهات كلمة الله حيث توجد على الأقل عشرة تشبيهات جميلة لكلمة الله نذكرها للفائدة الروحية على النحو التالي:
1- طعام للشبع:  إن كلمة الله هي غذاء لأرواحنا، فقال إرميا النبي عنها: «وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي» (إر 16:15). 
وهناك نوعان من الطعام:
أ‌- طعام للأطفال وهو اللبن.
ب‌- طعام قوي للبالغين.
 اللبن العقلي العديم الغش: إن عائلة الله تحتوي على الأطفال والأحداث والآباء، فبالنسبة للأطفال في عائلة الله -أي الذين آمنوا حديثاً بالرب يسوع المسيح-فهم يحتاجون إلى اللبن العقلي أي الطعام السهل والبسيط في كلمة الله. «وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنمو به» (1بط 2:2) ولنلاحظ التحريض هنا «اشتهوا»، فالطفل المولود حديثاً يشتهي اللبن لكي يشبع به ومع الوقت يلاحظ نموه يوماً بعد الآخر، وهكذا المولود من الله لا بد أن يتغذى على كلمة الله يومياً أي يقرأها ويتأمل فيها ويحفظها ويطبقها على حياته والنتيجة هي النمو.  لكن لاحظ كلمة «عديم الغش» فالناس يغشون اللبن بالتخفيف.  وهكذا يوجد اليوم مَنْ يغش كلمة الله إما بالحذف منها أو بالإضافة عليها لكن الرسول بولس عندما تكلم بالكلمة لمؤمني كورنثوس قال لهم: «ولا غاشين كلمة الله» (2كو 2:4).
أخي .. أختي .. هل تقبل كلمة الله بشهية مفتوحة؟ هل تقرأ كلمة الله بلذة واستمتاع؟ إذ لم تجد لديك شهية لكلمة الله فلا بد من وجود معطِّل في حياتك أو خطية غير معترف بها للرب لذلك افحص نفسك الآن وارجع لكلمة الله سريعاً.
«لكي تنموا به».  النتيجة الطبيعية للتغذي بكلمة الله يومياً هي النمو الروحي من شهر إلى شهر ومن سنة إلى أخرى.  مكتوب عن المسيح له المجد كإنسان «وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه .. وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» (لو 40:2، 52).
 طعام قوي للبالغين:  «وأما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر» (عب 14:5) والطعام القوي هنا هو الحق الكامل وهو يرتبط بلاهوت المسيح وتجسده وحياته على الأرض وموته النيابي عنا وقيامته وصعوده للسماء وجلوسه عن يمين العظمة في الأعالي وإرسال الروح القدس وسكناه في المؤمنين ليكوِّن الكنيسة كجسد المسيح على الأرض وعمل المسيح الآن في المجد كالكاهن والشفيع وأيضاً مجيئه الثاني.
لذلك وإن كان اللبن ذاته نافعاً لكن الشخص البالغ لا يمكن أن يعتمد عليه فقط كالغذاء الوحيد بل لا بد من الطعام القوي.  فلا يقف عند حد معرفة الولادة الجديدة والغفران والخلاص من الدينونة بل يتقدم ليدرك البركات الروحية التي له في المسيح.
(يتبع) 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com