عدد رقم 6 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الرب راعيَّ  

«تُرتب قدامي مائدة تجاه مضايقيَّ.   مسحت بالدهن رأسي.   كأسي ريَّا» (مز 5:23)
هذا المزمور الرائع يحتوي على بركات وامتيازات رائعة، مُجهزة ومُقدمة بكل غنى وكرم لكل مؤمن مهما صغر شأنه وقلت إمكانياته.  كل هذه البركات تنبع من أن «الرب راعيَّ» .. لا تسألني كيف، أو لماذا، أو بأي مقابل، أو ما السبب.  فالإجابة في كل الحالات هي: لأن «الرب راعيَّ». 
الراعي يقدم ويمنح، يعين ويرفع، يحمي ويحمل.  الراعي يرد الضال ويسترد المفقود ويجبر الكسير، الراعي يُربض الخراف للأكل إذا جاعت، ويوردها للمياه إذا عطشت، ويحميها إذا داهمها خطر، ويحملها على منكبيه إذا خارت.  الراعي مسئول عن رعيته، فهو يعرف حال غنمه وقلبه على قطعانه.
لا تقل قارئي المؤمن «قد اختفت طريقي عن الرب وفات حقي إلهي» (إش 27:40)، إن طريقك، بل حياتك، بل شخصك وكل ما يخصك هو أمام الرب دائماً وموضوع اهتمامه ومشغوليته.  وفي العدد الخامس من هذا المزمور يرسم الروح القدس ثلاث بركات ثمينة لنا في خدمة المسيح كالراعي، وهي: المائدة المهيأة، ودهن المسحة، ثم الكأس الملآنة والفائضة.
المائدة المهيأة هذه الوليمة الفاخرة؛ هل أتمتع بها في وقت الوسع فقط؟ أو عندما تكون أموري كلها على ما يرام وكل شيءٍ في حياتي يسير على نحو ما أتمنى وأرجو؟ كلا.  إنها بالأحرى تُجهَّز وتُرتَّب لي في وقت الضيق والمضايقين، فأمدّ يدي لأتناول منها ما يشجعني، ما يعزيني، ما يقوي إيماني الضعيف وما يملأني بالفرح، وأمدّ يدي أيضاً فأتناول وأمسك بالوعود الصادقة الأمينة فيفيض قلبي فرحاً وسروراً.
كثيراً ما يراودني هذا الفكر: لولا مضايقيَّ لتمتعت بكل هذه البركات.  هذا الفكر معكوسٌ تماماً، فالحقيقة هي أنني بسبب الضيق والمضايقين فإنني أتمتع بكل هذه الامتيازات.
وليس هذا فقط، وإنما «الرب راعيَّ» يمسح بالدهن رأسي، فلا يعوز رأسي الدهن، فأقدم سجوداً لائقاً وأتمتع بأفراح الوجود في محضره.  وما هي النتيجة؟ النتيجة هي أن كأسي صار رياً وأفراحي فاضت وغطت، بل إنني امتلأت أفراحاً يعجز اللسان عن وصفها أو التعبير عنها.  فشكراً لك يا راعيَّ .. شكراً وحمداً ومجداً لك يا راعيَّ العزيز.
كراعٍ يحمل القطعان حملاً
ويربضها المراعي الخُضر أيضاً
فمثلك ذلك الإحسان ربي
لقد جاوزت بالإحسان فكري
  فلا خَوَرٌ يصيب ولا عياء
ويوردها فلا تشكو الظماء
فليس له حدودٌ وانتهاء
فماذا أرد والأيدي خلاء

- القصة تمثل أحداثاً فعلية قالها الرب يسوع، وسجلها الروح القدس في الكتاب -كلمة الله الصادقة- لذلك ما ورد في هذا الجزء لا يُعتبر مثلاً.  دارت حوادث الجزء الأول منها في دائرة العالم المنظور، والجزء الثاني في دائرة العالم غير المنظور.
2- المفارقة ليست بين إنسان غني وإنسان فقير، ولكن بين إنسان لم يضع الله في اعتباره،

وعاش لنفسه، وآخر مسكين مجرَّب من الله، محتمل التجربة بصبر.

- لم يُذكَر اسم الغني كما هو مكتوب «لا أذكر أسماءهم بشفتي» (مز 4:16)، بينما ذُكر اسم المسكين: «لعازر».  وقد قال الرب: «افرحوا بالحري أن أسماءكم كُتبت في السماوات» (لو 20:10).
4- الغني لم يذهب إلى الهاوية بسبب غناه، والفقير لم يذهب إلى الفردوس بسبب فقره؛ فلم يُذكر شيء عن شر الغني، أو صلاح لعازر.
5- كان الغني يلبس أبهى وأفخر الحلل «البز والأرجوان» ليتباهى، وبعد أن انتهت قصة حياته اكتشف عريه وخزيه.
6- كان يتنعم كل يوم مترفهاً،  ينعم بالمأكولات الفاخرة، والليالي الماجنة، لم تكن فيه محبة الله بل محبة المال.  فبينما كان الغني يعيش حياة الثراء والترف، كان الفقير يعيش حياة الشقاء والبؤس.
7- كان لعازر مطروحاً عند باب الغني مضروباً بالقروح، وكان يشتهي أن يأكل من الفتات الساقط من مائدة الغني.
8- لم نسمع أن هذا الفقير كان يشكو من محنته ويتذمر، بل كان صابراً وهادئاً وشعاره «إليك يٌسلِّم المسكين أمره» (مز 14:10).
9- لقي لعازر معاناة من الكلاب التي كانت تأتي وتلحس قروحه لأن لسان الكلب خشن، وربما أيضاً كانت تقاسمه فتات المائدة.
10- مات المسكين، ومات الغني، ماتا كلاهما معاً.  يموت القديس فتنتهي أحزانه ويدخل الراحة الأبدية، ويموت الخاطئ فتبدأ أحزانه ويدخل الشقاء الأبدي.
11- الاثنان ماتا (الغني والمسكين)، ودفنا - لكن الروح والنفس لكل منهما لم تكونا في مكان واحد- إذن هناك مكان لعذاب أرواح الأشرار وهو الهاوية، ومكان آخر لراحة أرواح الأبرار وهو الفردوس.
والقصة تثبت أنه فور الموت لا بد أن يذهب كل شخص إلى أحد مكانين، إما إلى السماء مع القديسين، أو إلى الهاوية مع الأشرار، ولا مكان ثالث، ولا يمكن التنقل بين المكانين حيث توجد هوة عظيمة بينهما.
12- عندما مات المسكين حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم.  لقد حظي المسكين بتكريم أعظم بما لا يقاس من جنازة الغني الفاخرة.  إن الملائكة أرواح مرسلة للخدمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 14:1) ليس فقط في حياتهم، بل أيضاً حين يموتون.
13- حُمل لعازر الفقير إلى حضن إبراهيم، مع أن إبراهيم كان رجلاً غنياً.  ففي السماء لا فرق بين غني وفقير.
14- عندما رفع الغني عينيه في الجحيم وهو في العذاب أدرك عمق تعاسته وهو منفصل عن الله، لكن بعد فوات الأوان.  والذي زاد من بؤسه وتعاسته أنه رأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه.
15- نادى الغني إبراهيم من على بعد،  وقال: «ارحمني»، [الالتماس الأول]، فالذي لم يرحم لعازر لم يحصل على الرحمة مع أنه طلبها بتوسّل، لكن بعد فوات الأوان.
16- يمكن لأي شخص أن يطلب الرحمة وهو على قيد الحياة نظير العشّار الذي قال: «اللهم ارحمني أنا الخاطئ»، لذا «نزل إلى بيته مبرراً» (لو 13:18،14)، لكن يستحيل طلبها بعد موته كما أن التوسل إلى الله أن يرحمه أو يفتح له أبواب السماء أثناء تشييع جنازته أمر لا أساس له من الصحة في كلمة الله.
17- طلب الغني من لعازر نقطة ماء [الالتماس الثاني]، ولكن يستحيل تقديم أي مساعدة في مكان العذاب، كما أن شفاعة القديسين أيضاً لا تنفع.
18- «ويبرد لساني لأني مُعذَّب في هذا اللهيب».  اللسان هو أحد أعضاء جسم الإنسان الحسية، وعذابه هناك لا بد أن ذكَّره بتلك الكلمات الصعبة والألفاظ النابية التي نطق بها في حياته، لقد تذوق بلسانه كل شيء، وأشبع رغباته الجسدية، وجاء الوقت الذي فيه يتذوق لهيب الهاوية الشديد.
19- كان إبراهيم يدعوه يا ابني، فقد كان من نسل إبراهيم الجسدي وليس الروحي، قائلاً: «يا ابني اذكر».  لقد ذكّره بحالته التي كان عليها وهو على الأرض، وكذلك بحالة لعازر في حياته.  إن ما يزيد عذاب الخاطئ أنه في مكان العذاب سيتذكر كل شيء ويتحسّر.
20- «أنك استوفيت خيراتك في حياتك، وكذلك لعازر البلايا».  لقد استوفى الغني كل الخير، كم كان الله محسناً كريماً، وكذلك لعازر البلايا، لقد أخذ نصيباً وفيراً من المحن والضيقات التي اجتاز فيها وهو على الأرض.
21- «والآن هو يتعزى وأنت تتعذب».  السماء مكان التعزية والراحة والفرح، والجحيم مكان العذاب والتعب والشقاء.
22- أرسل لعازر «إلى بيت أبي [الالتماس الثالث]، لأن لي خمسة إخوة»؛ دعه يحذرهم ويشهد لهم، ويُعرفهم الحالة التي أنا عليها الآن، لقد وقعت في خطأ أرجو ألا يقعوا هم فيه ويأتوا إلى موضع العذاب هذا.  كانت بادرة طيبة، أراد أن يمنع هلاكهم.  لكن خاب رجاؤه، ورُفض التماسه للمرة الثالثة.  لقد تركهم إبراهيم لشهادة موسى والأنبياء.
23- «عندهم موسى والأنبياء».  أي كلمة الله، فهي الطريق الوحيد لمعرفة الحقائق الإلهية التي تقود الإنسان إلى الإيمان وقبول المخلص الرب يسوع المسيح.
24- كان رد الغني: «لا يا أبي إبراهيم».  وكأنه يقول اعتاد إخوتي على حضور الاجتماعات وسماع عظات كثيرة، إنهم متدينون، حريصون على الطقوس والفرائض، يمارسونها في مواعيدها وبكل دقة، ومع ذلك هم مثلي تماماً، أقدِّم التماسي الأخير: «أرسل لعازر لهم» فإذا مضى إليهم سيكون دليلاً مقنعاً لتوبتهم ورجوعهم للرب.
25- قام لعازر شقيق مريم ومرثا من الأموات، ولم يصدقه اليهود، ولم يكن سبباً لإيمانهم بل أثار حقدهم وكراهيتهم حتى أن رؤساء الكهنة تشاوروا ليقتلوه.  فالإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله وليس بالمعجزات.
26- الموت ليس نهاية الإنسان بل بداية أبدية لا تنتهي، فالإنسان له أبدية، وخلود، وفكرة فناء الإنسان بعد الموت فكرة خاطئة كما أن التعليم الخاص برقاد النفس وتكون في حالة اللاوعي بين الموت والقيامة تعليم خاطئ.
27- الفرصة الآن متاحة لتقرير مصيرك وتحديد مسارك إلى أي المكانين أنت ذاهب وربما تنتهي الفرصة في أي وقت.  تُرى أين ستكون في الأبدية؟
ليتك بقلبٍ نادم تأتي إلى الرب يسوع معترفاً له بخطاياك ليخلصك من الخطية ونتائجها المريرة «وليس بأحد غيره الخلاص» (أع 12:4). 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com