عدد رقم 4 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
بعـد أن أجـد شريك الحياة الزوجة ودورها في الأسرة المسيحية   من سلسلة: الأسره المسيحيه..

قصد الله أن يكون الرجل والمـرأة في تكامل عجيب أحدهما مع الآخر.  فالرجـل هو الـرأس، هو القائـد، هو المدبر.  والمـــرأة هي المـعين، هي الشـريك،  وهـي مصـدر التعضيد.  ألم يقل الله أن قصده أن «يصير الاثنان جسداً واحداً»؟ هذا هو الأساس الذي تُبنى عليه المسئوليات في الحياة الزوجية.

لاحظ أن الرجل وامرأته: ليسا مجلس إدارة فيه الرئيس والعضو،
                                  وليسا كتيبة عسكرية فيها القائد والجندي،
                                      وليسا صفــاً دراسيـــاً فيه المعلـــم والتلميذ.

كلا، إنهما: «جسدٌ واحدٌ»، أي كيان واحد ذو فكر واحد، وحس واحد، وهدف واحد، واهتمامات واحدة.  تصور معي هذا الكيان حيث الرأس يوجه ويقود ويعتني ويستشعر الأحاسيس، بينما الجسد يتجاوب ويتعاون ويتمم التوجيهات، بل وأيضاً يوصل المشاعر والأحاسيس إلى الرأس.  بلا شك سيكون هذا الكيان صحيحاً ونامياً وقوياً ومتجنباً للمضار والأخطار.  ولكي يتم هذا حدد الخالق الحكيم الأدوار: فالرجل يقوم بدور القيادة، والمرأة تأخذ مكان الخضوع.

الخضوع

لنقرأ وصايا الرب للزوجة كما جاءت في رسالة أفسس 22:5-33:

«أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد.  ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء .. وأما أنتم .. فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه، وأما المرأة فلتهب رجلها».

من دراسة العهد الجديد نجد أن الوصية المقدمة من الرب للمرأة هي الخضوع.  وقد تكررت مراراً دليلاً على أهميتها.  (انظر أف 22:5،24،33؛ كو 18:3؛ تي 5:2؛ 1بط 1:3،5).

  • ترى ما الذي يقصده الكتاب بكلمة الخضوع؟

كلمة الخضوع تعني أن شخصاً يقبل اختيارياً أن يخضع لسلطان آخر وقيادته،وفي سبيل ذلك فهو يتخلى طواعية عن حقوقه الشخصية.  معنى ذلك أن الزوجة تقبل رئاسة الرجل وهي بذلك تعينه على القيام بدوره في قيادة الأسرة وتشاركه في حمل المسئولية.

والرسول بولس في حديثه عن الواجبات المسيحية في البيت استخدم كلمة «خضوع» مع الزوجات واستخدم كلمة «طاعة» مع الأولاد.  وهما كلمتان مختلفتان في الأصل اليوناني: «خضوع» (hupotasso) تعني أن الزوجة تضع نفسها واختيارها في مكان التبعية لقيادة رجلها من منطلق فهمها واقتناعها أن هذا هو الترتيب الإلهي لها.  أما كلمة «طاعة» (hupakouo) فتعني أن الأولاد عليهم أن يصغوا لتعليمات الآباء ويقبلوها وينفذوها كما هي سواء اقتنعوا بذلك أم لا.

إذاً فخضوع الزوجة ليس تنفيذ أوامر دون بحث ومناقشة، لكنه ناتج من تفاهم مشترك وتبادل وجهات النظر بين الزوجين، والزوجة الخاضعة تقبل بسرور رأي زوجها.  وهذا القبول مبني على اقتناع بأن هذا هو ما يريده الله منها.  ومتى كان القرار يبدو غير صائب فإن الزوجة تسلّم الأمر بالتمام للرب مستودعة النتائج بين يديه بالتمام.

ولا يتضمن الخضوع معنى النقص أبداً.  فالرب يسوع كان خاضعاً لله الآب، لكن ذلك لا يعني أبداً أنه أقل قدراً منه.  هكذا المرأة ليست أقل شأناً من الرجل.  ففي بعض الأحيان قد تكون متفوقة على الرجل في التكريس أو في العطف والاجتهاد والصبر أو في البصيرة والفهم أو في الذكاء والإنجازات، لكنها تخضع له «كما للرب».  أي بخضوعها لسلطان زوجها كأنها تخضع لسلطة الرب وتطيع وصاياه .. ويا له من باعث عظيم!  لكن بعض الزوجات يشعرن بمشقة وبثقل عند الحديث عن الخضوع.  إلا أن الكتاب في كل مرة تحدث عن هذا الموضوع ربطه بأسباب هامة تشجع كل زوجة مسيحية على هذا الأمر.

دوافع الخضوع:

  • أسمى دافع لخضوع الزوجة هو أنها في علاقتها بزوجها تمثِّل علاقة الكنيسة بالمسيح.

    «لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد.  ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء» (أف 23:5،24).  لذا فالمرأة في خضوعها تقدم صورة عملية لخضوع الكنيسة للمسيح.  ولا يوجد شيء يرفع شأن دور الزوجة مثل تشبيهه بدور الكنيسة عروس المسيح.  فخضوع الكنيسة هو المثال الذي يجب أن تتبعه الزوجة.

    لكن ما معنى أن الزوجة يجب أن «تخضع في كل شيء»؟ أعتقد أنها تخضع في كل ما يتوافق مع مشيئة الله.  أما إذا وُجد ما يتعارض مع ولائها للرب فهي في هذه الحالة فقط تمتنع عن الخضوع.  لكن من الجانب الآخر ينبغي أن تطيع زوجها في كل أمور الحياة الطبيعية الأخرى حتى ولو كان زوجها غير مؤمن.
  •  دافع آخر هو أن خضوع المرأة المسيحية يتفق وربوبية المسيح على حياتها.
    «أيتها النساء أخضعن لرجالكن كما يليق في الرب» (كو 18:3).  إن الأخت التي تعترف بالمسيح رباً على حياتها مدعوة أن تُظهر هذا في بيتها بخضوعها لزوجها.  فالحياة المسيحية تُعاش أولاً في البيت ووصايا الرب تُطاع أولاً في العلاقات الأسرية.

    وكلمة «الرب» تتكرر في رسالة كولوسي (18:3-1:4) سبع مرات (باعتبار أن كلمة سيد في 1:4 هي نفسها كلمة رب).  والتنبير هنا على أهمية إظهار ربوبية المسيح.  وهنا يتفق واتجاه الرسالة حيث نرى أن المسيح هو الكل في الكل (11:3) وأن المؤمنين مدعوون للخضوع له في كل شيء.

    ويا له من فكر هام للزوجة التي تريد أن تكرم الرب وتخدمه وتطيعه.  فهي تعبّر عن ذلك، لا فقط بالعبادة في الكنيسة أو المشاركة في الخدمة، لكن أولاً بالخضوع لزوجها.  ربما لا تجد الزوجة ترحيباً من الناس (وأخشى أن أقول، ومن بعض المؤمنين) لمبدأ الخضوع، باعتباره لا يتفق والعصر الذي نعيشه - لكن يكفي أن يتفق ومشيئة الرب «كما يليق في الرب».

    إن شعار الزوجة التقية يجب أن يكون: سأمارس في البيت ما أعترف به في الكنيسة أن «يسوع المسيح هو رب»
  • الزوجة تخضع لزوجها حرصاً على الشهادة المسيحية أمام العالم.
    «الحَدَثَات أن يكن مُحبات لرجالهن ويحببن أولادهن .. خاضعات لرجالهن، لكي لا يُجدَّف على كلمة الله» (تي 4:2،5).  لا يوجد ما يعطي لكلمة الله قيمتها وتأثيرها في قلوب الناس مثل حياة تُعاش بأمانة وفي توافق مع تعليم الكلمة، إن مثل هذه الحياة «تزين تعليم مخلصنا الله» (ع 10) وتُسكت كل افتراء من إبليس وأتباعه (ع 8).  وفي النهاية لن يجد أحد مجالاً ليتكلم بالسوء على كلمة الله (ع 5).

    آه لو أدركت الأخوات أن أعين الناس تراقب لا المنابر فقط حيث الوعاظ بل المساكن أيضاً حيث الزوجات!
  • لكن هناك مشجع آخر وهو أن الخضوع وسيلة فعّالة لربح النفوس.
    «كذلكن أيتها النساء، كن خاضعات لرجالكن، حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة، يُربحون بسيرة النساء بدون كلمة، ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف» (1بط 1:3،2).  الرسول بطرس هنا  يخاطب أساساً الزوجة التي اختبرت الخلاص بعد الزواج (لئلا يتصور أحد أن هذا تصريح للزواج بغير المؤمنين) ويوضح أنها ملزمة بالخضوع لزوجها رغم أنه غير مؤمن، لكنه يشجعها مؤكداً أن هذا سيؤدي لخلاصه.  إن خضوعها له سيكون شهادة مؤثرة له عن إيمانها بالمسيح، وهو إن كان يقاوم الكلمة رافضاً الإيمان، لكنه لن يقوى على مقاومة أسلوبها الراقي كزوجة مُطيعة ومُحبِّة ووفية.

    والزوجة لا يلزمها أن تكرز لزوجها باستمرار.  وربما تسببت بعض الزوجات في نفور الأزواج بسبب الإلحاح الشديد لحضور الاجتماعات أو التوبيخ المستمر لعدم قراءة الكتاب، لكن عليها أن تكون صادقة في محبتها وتضحيتها واحترامها له، وأن تقرن هذا بالصلاة، والرب سيأتي به للإيمان.
  • باعث آخر للخضوع يتمثل في أن الخضوع يضفي على الزوجة جمالاً أدبياً فائقاً وزينة حقيقية تتزين بها قدام الله والناس.

    «ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية، من ضفر الشعر والتحلِّي بالذهب ولبس الثياب، بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد، زينة الروح الوديع الهادئ، الذي هو قدام الله كثير الثمن.  فإنه هكذا كانت قديماً النساء القديسات أيضاً المتوكلات على الله، يُزيِّن أنفسهم خاضعات لرجالهن» (1بط 3:3-5).

    العالم يركز على الشكليات السطحية والمظاهر الخارجية، أما الرب فإنه يريد زينة حقيقية دائمة وباقية.  هذه الزينة هي الروح التي تميز الزوجة المسيحية في أسرتها، روح الهدوء والوداعة والخضوع لزوجها.  والله يعتبر هذه السمات عظيمة القيمة «كثيرة الثمن».  لماذا؟ لأنها ذات صفات يسوع المسيح، الذي دعانا أن نتعلم منه لأنه «وديع ومتواضع القلب» وما أجمل أن يصاحب الخضوع الاتكال على الله والاستناد الدائم عليه.

    أما عن النقاط العملية لكيفية الخضوع ففي العدد القادم بمشيئة الرب.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com