عدد رقم 1 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
نحميا  

خادمٌ غيورٌ: 

3- غيوراً  أن  يصلي : (نح5:1-10)

تأثرت جدا عندما قرأت عن غيرة "ديفيد بارنارد" في الصلاة لأجل الهنود الحمر، فرغم أنه كان مريضاً بالسل ومات وعمره 39 سنة،  كتب قائلا: "لقد منحني الله قوة علي الصراع في الصلاة فأخذت أجاهد وأنا أسكب له قلبي حتى سال العرق غزيراً من جسمي بالرغم من وجودي في مكان ظليل به ثلوج وبالرغم من هبوب الريح الباردة الأمر الذي جعل مفاصلي تنحل وجسمي كله يبتل بالعرق.  لقد كتب "تشالز كلارك" في كتاب "رواد النهضة" عن غيرة الخادم في الصلاة: إن التثقل يأتي للرجال الغيورين الذين يحزنهم الانحطاط الأدبي الذي يشاهدونه حولهم مع شعورهم بالعجز عن معالجته، إنهم يجدون أن خدمتهم لا تستطيع أن تحرر هؤلاء وأن الطريقة الوحيدة لإراحتهم من حملهم هي الصلاة فهم يذهبون إلي الإله الحي ويصرخون مع إشعياء «ألا تعود فتحيينا فيفرح بك شعبك».

 إن الرجال المنكسرين كيعقوب الذي صار أمير الله بعد خلع حق فخذه هم الذين ينتصرون في صراعهم مع الله.  «العُرج نهبوا نهبا» (إش23:33).

 و نرى ذلك في حالة جون وسلي الذي عند رجوعه إلي إنجلترا بعد فشله المهين في جورجيا حتى قال في مذكراته: ذهبت أجدد الهنود الحمر، وأنا تري من يجددني؟ لقد كان من رجال الدين الغيورين ولكن الممتلئين من الكبرياء ولم يستطع الله أن يستخدمه إلا بعد أن كسر كل ذات فيه. 

ولن يستجيب الله الصلاة معطيا النهضة إلا بعد أن تتم خطوة الانكسار هذه.  وصلاة نحميا (نح5:1-10)، واحدة من 12 صلاة صلاها في هذا السفر(4:2؛ 4:4، 9؛ 19:5؛ 9:6؛ 14؛ 5:9؛ 14:13،22،29،31).  وهذه الصلاة نموذجية، ولقد استغرقت حوالي4 أشهر (من شهر كسلو/ نصف نوفمبر- إلي شهر نيسان/ نصف مارس)، ونجد غيرته في الصلاة فهو:

  1. مجّد الله في صفاته (ع5): «أيها الرب إله السماء، الإله العظيم المخوف، الحافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه».
  2. اعترف بالخطية (ع6-8): إذ قال: «فإني أنا وبيت أبي قد أخطأنا».  لم يبرر نفسه بل أدان نفسه وبرر الله. 
  3.  تقدم بحجج الاستجابة: «إن رجعتم إليَّ وحفظتم وصاياي وعملتموها، إن كان المنفيون منكم في أقصاء السماوات، فمن هناك أجمعهم وآتي بهم إلى المكان الذي اخترت لإسكان اسمي فيه.  فهم عبيدك وشعبك الذي افتديت بقوتك العظيمة ويدك الشديدة.  يا سيد، لتكن أذنك مصغية إلى صلاة عبدك وصلاة عبيدك الذين يريدون مخافة اسمك.  وأعطِ النجاح اليوم لعبدك وامنحه رحمة أمام هذا الرجل.  لأني كنت ساقياً للملك» (ع 9-11).
  4. الوعد الإلهي: «اذكر الكلام الذي أمرت به موسى» (ع 8، 9 - قارن تث63:28-67؛ 1:30-10).
  5. أدرك غلاوة شعب الرب: «فهم عبيدك وشعبك» (ع 10).
  6. يذكّر الرب بفدائه: «الذي افتديت بقوتك العظيمة ويدك الشديدة» (ع 10)
  7. يرى في الشعب مخافة اسمه:  «عبيدك الذين يريدون مخافة اسمك» (ع 11)

4- غيوراً  أن  يتطوع (11:1)

نرى التطوع واضحاً في صلاة نحميا: «وأعط النجاح اليوم لعبدك وامنحه رحمة أمام هذا الرجل.  لأني كنت ساقياً للملك».  وهذا التطوع يؤكد صدق غيرة نحميا.  لم يكلفه أحد بهذه المهمة، بل نبعت من داخله بشكل اختياري.  إذا قرأت حياة جون وبتي ستام  تجد فيها نغمة النصرة تتكرر في الكتاب كله، تلك النغمة التي عبّر عنها الرسول بولس بقوله: «كذلك الآن، يتعظّم المسيح في جسدي، سواء كان  بحياة أم بموت» (في 20:1).

 وتجد هذه النغمة نفسها في كتابات جيم إليوت شهيد الإكوادور الذي كتب في مذكراته يقول: "يا أبي السماوي اجعلني ضعيفاً بحيث لا أستطيع أن أُمسك بيدي أي شيء زمني واجعلني يا رب غير متمسّك بحياتي ولا بصيتي ولا بممتلكاتي، يا أبي اجعلني أفقد حبي لكل عزيز محبوب سواك.  فكم مرة أرخيت قبضة يدي عن شيء لأربح شيئاً أثمن منه تحقيقاً لرغبة حسبتها بريئة.  ومد يا رب يدي عوضاً عن ذلك لأقبل حكم الصلب، حتى إذا تركت الجميع أستطيع أن أتحرر من كل ما يربكني ويقيدني.  أتحرر كذلك من كل ما هو ثمين، مرخياً قبضتي عن كل ما أتمسك به، فليس غبياً من يعطي ما لا يستطيع أن يحتفظ به ليربح ما لا يستطيع أن يفقده".

وكان في يوم من الأيام يتأمل العبارة: «الصانع ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نارٍ» (عب7:1) فكتب في مذكراته يقول:  "هل أنا ملتهب؟ نجني يا إلهي من أن أكون فتيلة لا تشتعل، امنحني أن أتشبع وأمتلئ بزيت الروح القدس حتى أستطيع أن أكون ملتهباً.

والارتباط بين الغيرة في الصلاة والغيرة في التطوع لأجل ما نصلي لأجله واضح جدا في قول الرب في لوقا 10 فبعدما قال لهم: «إن الحصاد كثير، ولكن الفعلة قليلون.  فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده» (لو2:10) أردف قائلا: «اذهبوا! ها أنا أُرسلكم مثل حُملان بين ذئاب» (لوقا3:10).

 فعندما تصلي لأجل عمل الرب توقع أن يسألك الرب قائلاً: هل أنت جاد وغيور في صلاتك هذه؟ هل تذهب؟ هذا ما حدث مع إشعياء: «ثم سمعت صوت السيد قائلاً: مَنْ أُرسل؟ ومَنْ يذهب من أجلنا؟ فقلت: هأنذا أرسلني فقال: «اذهب» (إش 9:6و9).   فهل أنت غيور لتتطوع؟

 (وللحديث بقية)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com