عدد رقم 1 لسنة 2003
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
كيف أجد شريك الحياة؟ تنسيق الأدوار في الزواج المسيحي   من سلسلة: الأسره المسيحيه..

تحدثنا سابقاً عن الأساسيات التي وضعها الله للزواج ورتبها لخير الإنسان وسعادته، ونتناول بعد ذلك المسئوليات التي أوصى بها الله الزوجين ووضعها في كلمته.  وعلينا أن نتذكر دائماً أن الحياة الزوجية هي من أعظم النعم التي أنعم الرب على الإنسان بها.  لكنها من الجانب الآخر من أخطر المسئوليات التي كُلف بالقيام بها.

وعلينا أن ندرك أن تعاليم الكتاب المقدس هي الأساس لنجاح الحياة الزوجية.  فبدون معرفة الوصايا الإلهية وفهمها وطاعتها يتعرض الزواج للفشل. 

إن كلمة الله تعد بمثابة "كتيب التشغيل" لهذا الجهاز الحساس الذي يحتاج لقدر كبير من الدراية والفطنة، أعني به الحياة الزوجية.  ولا يمكن تشغيله تشغيلاً صحيحاً وتحقيق الفائدة المرجوة منه دون الرجوع باستمرار لهذا الكتيب (الكتالوج).

 وقبل الحديث عن مسئوليات كل من الزوج والزوجة، سنحاول أن نوضح ما تعلِّمه كلمة الله عن:

الرئاسة والخضوع

«ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأما رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله» (1كو 3:11).  (هذه العبارة ترينا التصميم الإلهي للخالق حيث نرى مركز كل من الرجل والمرأة في خليقة الله والدور الذي يقوم به كل منهما بحسب الترتيب الإلهي). 

ومما لا شك فيه أنه يستحيل أن يوجد مجتمع منظم أو يقوم مجتمع فعال دون أن يرتكز على عمودين رئيسيين هما: الرئاسة والخضوع.

وهذا الترتيب أوجده الخالق الحكيم حتى يحقق أفضل نظام بين البشر.  ولعل ما يؤكد ذلك أنه في الحياة العملية قد يوجد أحد الموظفين أكثر ذكاءً وكفاءة من رئيسه، لكنه لا بد له أن يخضع لرئاسته وإلا فلن يستقيم حال العمل، بل وقد تنهار هذه المؤسسة كلية.


دعونا إذاً نفهم جيداً معاني هذه العبارات:

  • «رأس كل رجل هو المسيح».  هذه العبارة تحدد مركز المسيح بالارتباط بالخليقة.  فكل رجل بطبيعة تكوينه يستشعر الاحتياج لرأس، وبلا شك هذا في محله وهو يعبر عن هذا الاحتياج في تطلعه الدائم لرجال أقدر منه لهم إمكانيات أعظم منه.  لكن هذا الاحتياج لا يشبعه سوى العلاقة بالمسيح.  لذا فمن يتمتعون بسلطان المسيح عليهم هم المؤمنون فقط.
  • «رأس المرأة هو الرجل».  لقد رتب الله أن يكون للرجل السلطة في علاقته بالمرأة.  وأن يكون للمرأة الخضوع للرجل.  وهذا لا يعني إطلاقاً أن الرجل أسمى من المرأة أو أن له تفوقاً عليها، ولا أن المرأة أقل شأناً من الرجل أو أنها أدنى منه.  كلا.  فبعض النساء يتفوقن على الرجال في مجالات شتى في الذكاء والنضوج والقدرات والإنجازات، وفي الإدراك الروحي أيضاً.  لكن الكتاب يحدثنا عن الترتيب الإلهي في الخليقة والدور الذي ينبغي على المرأة أن تقوم به سواء في الكنيسة أو البيت.  والخالق الحكيم كوّن المرأة تكويناً خاصاً به تتلائم مع الدور الذي يريده لها.  وكون الرجل هو الرأس فهذا يتضمن أنه يشعر بآلام الجسد ويفكر ويدبر احتياجات الجسد ويقود حركات الجسد.د
  • «رأس المسيح هو الله».  هنا يحدثنا عن المسيح كإنسان على الأرض عندما أخذ باختياره مركز الخضوع للآب وكان في كل حين يتمم إرادته ويعمل مشيئته.  وقد عبّر المسيح عن هذا مراراً (يو 34:4؛ 30:5؛ 38:6).  إلا أنه من المعروف أن المسيح في جوهره كأقنوم في اللاهوت لم يكن أبداً في مرتبة أدنى من الآب سواء كان قبل التجسد أو خلال التجسد أو بعد ذلك.  ألم يقل: «أنا والآب واحد» (يو 30:10)؟ لكنه عند التجسد خضع للآب بمطلق إرادته حتى يتمم مقاصده.
    وحيث أن الابن ليس أقل من الآب، هكذا المرأة ليست أدنى من الرجل، لكنها أُعطيت مركز الخضوع للرجل حتى يمكنها أن تقوم بالدور المرتب لها من الله.
    إذاً يمكننا أن نلخص ما سبق بالنسبة لعلاقة الرجل بالمرأة وعلاقة المسيح بالرجل وعلاقة الله بالمسيح في هذا الترتيب التصاعدي:  المرأة - الرجل -  المسيح -  الله.

    ولنلاحظ أن هذه العلاقات الثلاث التي تبين حقيقة الرئاسة والخضوع مرتبطة ارتباطاً وثيقاً.  فكما أن المسيح، كإنسان، كان خاضعاً للآب هكذا على الرجل أن يكون خاضعاً للمسيح.  والمرأة أن تكون خاضعة للرجل.  وعلى افتراض أن أحداً رفض مبدأ خضوع المرأة للرجل فعليه أيضاً أن يرفض الأمرين الآخرين.  هل يعيب الرجل أن يكون المسيح هو رأسه؟ كلا. وهل يعيب المسيح كإنسان أن يكون الله هو رأسه؟ كلا.  على ذات القياس لا يعيب المرأة أن يكون الرجل هو رأسها.

    لكن دعونا لا ننسى أن الرئاسة والخضوع المذكورة هنا مؤسسة على المحبة لا القمع والإكراه.  فالمسيح خضع للآب من منطلق محبته له لا مجبراً ولا مرغماً.  والمسيح أحب الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها وهو له السلطان عليها الآن بالمحبة ونتيجة لذلك فالكنيسة تخضع للمسيح بالمحبة. 

    هكذا على الرجل أن يمارس سلطانه بالمحبة لا بالإرغام مدركاً أن هذا لا يرجع لتفوقه عن امرأته أو أفضليته عنها، بل إتماماً لترتيب الله الحكيم وإرادته الصالحة.  والنساء كذلك أن يتجاوبن مع فكر الله فيخضعن للرجال بدافع المحبة.


(يتبع)

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com