عدد رقم 5 لسنة 2002
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
كيف أجد شريك الحياة؟ أساسيات للزواج المسيحي   من سلسلة: الأسره المسيحيه..

لأن الله هو الذي أسس الزواج من بداية تاريخ الإنسان، فقد أرسى القواعد التي يقوم عليها هذا النظام وحدد بوضوح العوامل اللازمة لنجاحه.وهذه المبادئ الإلهية التي وضعت منذ أكثر من 6000 عام إن أُهملت أو اُستبدلت بمبادئ بشرية لن ينتج عن هذا سوى التشويش والاضطراب في العلاقات الزوجية.

في تكوين 18:2 - 25 نجد الزواج الأول في تاريخ البشرية، والذي قام به الرب نفسه، ومنه نستخلص المبادئ التالية:

أولاً: الغرض الأساسي للزواج هو الشركة والرفقة:

«وقال الرب الإله: ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع معيناً نظيره».  لقد رأى الرب آدم في وحدته وشعر بما في نفسه من وحشة فأشفق عليه ومنحه زوجة ترافقه في رحلته وتؤنس غربته.

ومن ملاخي 14:2 نفهم أن الزوجة هي رفيقة زوجها مدى الحياة وأن اقترانهما معاً تم بموجب عهد قطع قدام الرب.  «لأن الرب هو الشاهد بينك وبين امرأة شبابك ..  وهي قرينتك (شريكتك ورفيقتك) وامرأة عهدك» (ملا 14:2).

هذا أمر جوهري لنجاح الحياة الزوجية لأنه من الممكن أن يعيش زوجان معاً تحت سقف واحد دون أن يكون بينهما شركة فعلية.  فلا تبادل للأفكار، ولا تشارك للاختبارات، ولا اتحاد في الأهداف، بل فجوة فكرية وعاطفية تفصل الواحد عن الآخر.  هل هذه هي الحياة الزوجية بحسب فكر الله؟!! إن الشركة بين الزوجين هي أجمل ما في الحياة الزوجية.  «اثنان خير من واحد، لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة.  لأنه إن وقع أحدهما يقيمه رفيقه.  وويل لمن هو وحده إن وقع، إذ ليس ثان ليقيمه.  أيضاً إن اضطجع اثنان يكون لهما دفء، أما الواحد فكيف يدفأ؟ وإن غلب أحد على الواحد يقف مقابله الاثنان، والخيط المثلوث لا ينقطع سريعاً» (جا 9:4 - 12).

ثانياً: دور شريكة الحياة هو المعين:

«فأصنع له معيناً نظيره».  ما أسمى الدور الذي أوجد الله المرأة لتقوم به.  فهي معين مشابه للرجل تماماً ومكمل له.  وما أجمل كلمة «معين».  إنها تعني: شخص يؤازر آخر ويساعده للقيام بمسئوليته على أكمل وجه.

كانت حواء هي المكمِّل لآدم والشريك الذي يناسبه طبيعياً وذهنياً وعاطفياً وروحياً والتي بدونها يكون ناقصاً.  والكتاب يعلمنا بوضوح «لأن الرجل لم يُخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل» (1كو 9:11) أي هي خُلقت لتقوم بدورها كمعينة له.  كم هو هام لكل زوجة مخلصة أن تسأل نفسها هل أنا معينة لزوجي حقاً؟ هل أشاركه في تحمل المسئوليات؟ هل أخفف من أعبائه وأحماله؟ هل أشجعه وأدفعه للأمام فيكون أكثر نمواً وتقدماً وأكثر نفعاً لمجد الله؟

ومن الجانب الآخر أقول لكل زوج: هل تنظر لزوجتك كالشريك الذي لا يمكنك الاستغناء عنه؟ هل تشكر الرب لأجلها؟ هل تطلب معونة من الرب لها في كل صلاة؟ هل تقدرها وتكرمها؟

قال أحدهم: "إن كان الزوج هو الرأس فإن الزوجة هي القلب، وكلاهما الرأس والقلب لازمان. لكي يكون الشخص كاملاً".

ثالثا: المرأة قريبة من قلب الرجل:

«فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً».  لماذا من أضلاعه؟ ألم يكن أسهل أن تؤخذ من مكان آخر؟ قال أغسطينوس:  "لو قصد الله أن تسيطر المرأة على الرجل لأخذها من رأسه، ولو قصد أن يسيطر الرجل عليها ويتحكم فيها لأخذها من أحد أصابع قدميه، لكنه خلقها من جنبه لتكون معيناً مساوياُ له".

نعم بالقرب من قلب الرجل حتى يحبها ويحميها.  يحنو عليها ويصونها.  تُرى إلى أي مدى ينعكس هذا على معاملة الرجل لزوجته؟ إن الرب يريد من كل زوج أن يقدر زوجته ويكرمها ويراعي مشاعرها، في طريقة كلامه وأسلوب تصرفه.  كم هو محزن أن ترى بعض الأزواج في غاية اللطف والرقة خارج المنزل، وفي منتهى القسوة والحدة داخل المنزل.  هل يصلح هذا؟!

إن الدائرة الأولى التي تظهر فيها أحشاء الرأفات واللطف والتواضع والوداعة وطول الأناة (كو 12:3) هي المنزل، وما لم ننجح في الدائرة الداخلية لن يكون لنا شهادة فعالة في الدائرة الخارجية.

رابعاً: المرأة مُعطاة من الله:

«وأحضرها إلى آدم».  الرب بنفسه أحضرها إليه، فهو لم يكلف ملاكاً بهذا الأمر، بل ليبين اهتمامه الخاص بآدم.  قام بإحضارها له بنفسه.  وكأنه يقول له: هذه عطية لك".

كم هو هام للحياة الزوجية أن يدرك كل طرف أن شريك الحياة قد أعده له الله وأن يقبله كعطية من الله له وطالما أن الزواج قد تم «في الرب» (1كو 39:7) فإن شريكة الحياة هي «المعيَّنة من الله» (تك 24).

يظن البعض أن شريك الحياة المرتب من الله ينبغي أن يكون صورة طبق الأصل من الآخر، وهذا ليس صحيحاً.  فقد توجد اختلافات في الشخصية والطباع والأمزجة، وهذه الاختلافات ليست مدعاة للخلافات بل لمزيد من التقارب والتفاهم بل والنضوج.  وطالما اقتنع الاثنان بأن كلاً منهما عطية من الله للآخر، سيبذلا كل الجهد لتحقيق قصد الله من اتحادهما معاً ولا يوجد أمر يوحِّد الزوجين معاً مثل اقترابهما معاً قدام الرب واهتمامها معاً بخدمة الرب.

أما بالنسبة للمقبلين على الزواج فعليهم أن يثقوا في الرب أنه مجهز الشريك المناسب وأنه في الوقت المعين سيظهره.  كثيراً ما ينشغل الشاب: تُرى كيف أعرف أن هذه الشابة هي الزوجة المناسبة لي؟ إن كنت قد سلمت للرب طريقك وطلبت منه الإرشاد، فتأكد أن الرب سيحضر إليك الفتاة المعينة التي تكملك وتتكامل مع شخصيتك.  سيضعها في طريقك، وسيرتب لك التعرف بها، وسيهيئ كل الظروف لارتباطك بها.  فقط ثق فيه، وانتظره.

ماذا كان شعور آدم عندما أفاق من سباته ووجد حواء بجواره؟ لقد هتف بفرح: «هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي.  هي تدعى امرأة لأنها من امرءٍ أُخذت».  إنها أول أنشودة في تاريخ البشر عبّر بها آدم عن فرحه وسروره.  وكأنه يقول: "هذه هي التي أحتاج إليها، إنها أنسب شخص لي، إنها جزء لا يتجزأ مني".

ما أروع ما رتبه الله لحياتنا، كم هو حسن بل وحسن جداً، فقط علينا أن نقبل الخطة السماوية ونخضع للمشيئة الإلهية، عندئذ سنهتف من قلوبنا: «ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت».  "وللحديث بقية بمشيئة الرب"

 (يُتبع)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com