عدد رقم 3 لسنة 2002
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أولاد الله   من سلسلة: فضة مصفاة

إنه أول وأعز لقب تخلعه كلمة الله على الإنسان الخاطئ عندما يقبل بالإيمان بقلبه الرب يسوع المسيح مخلصاً شخصياً له، ويعترف به بفمه رباً، أي يُقرّ بسيادته على حياته.

«وأما كل الذين قبلوه (المسيح) فأعطاهم (الله) سلطاناً (أي منحهم الحق) أن يصيروا أولاد الله (أي يتبوأوا مكانتهم كأولاد الله)، أي المؤمنـون باسمـه» (يوحنا 12:1).

ولقب أولاد الله يُعبِّر عن المحبة والحنان والمودة التي في قلب الله من نحو المؤمنين، الذين ارتبطوا به في علاقة خاصة، وهو يُنسَب إلى الثلاثة أقانيم:

  • الآب:  كما عبَّر يوحنا قائلاً: «انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعَى أولاد الله» (1يو 3: 1).
  • الرب يسوع المسيح:  خاطب تلاميذه في العلية قائلاً: «يا أولادي أنا معكم زماناً قليلاً بعد» (يوحنا 13: 33)، أي "يا أحبائي".  وهي ذات الكلمة التي قالها للتلاميذ على بحر طبرية بعد القيامة: «يا غلمان» (يو 5:21)، وتعني أيضاً "يا أحبائي".
  • الروح القدس:  «الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله» (رو 8: 16).

في هذا المقال نتكلم بمعونة الرب عن ثلاثة أمور خاصة بالولادة من الله:

  1. أساس ومصدر الولادة
  2. حتمية الولادة
  3.  كيفية الولادة

وفي المقال التالي سنتكلم عن ثلاثة أمور أخرى وهي:

  1. احتياجات أولاد الله. 
  2. امتيازات أولاد الله  
  3. مسئوليات أولاد الله

أولاً:  أساس ومصدر الولادة

  1. مشيئة الله: «شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه» (يع 1: 18)، وأيضاً يوحنا 1: 12، أي مشيئة الله، وليست مشيئتنا أو مشيئة غيرنا.  إنه قصد الله الأزلي من جهتنا.
  2.  رحمة الله: «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي» (1بط 1: 3)؛ أي ليس استحقاقنا بل احتياجنا.  إنها الرحمة الكثيرة التي واجهت حالتنا التعيسة في الخطية حيث كنا أمواتاً وبلا رجاء.
  3.  محبة الله: «انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله!»(1يو 3: 1)؛ أي محبته لنا وليس محبتنا له.  لقد سُرّ بأن يُغدق علينا عواطف أبوته. 
    وفي حديث الرب مع نيقوديموس، الوارد في الأصحاح الثالث من إنجيل يوحنا، نجد الأمرين الثاني والثالث.

ثانياً: حتمية الولادة من الله:

قال الرب لنيقوديموس: «الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يُولَد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله»، وأيضاً «ينبغي أن تولَدوا من فوق» (يو 3: 3، 7).  بالنسبة لهذا الأمر يتفق جميع المسيحيين بأن هناك ضرورة حتمية لأي إنسان أن يُولَد من الله لكي يصبح من أولاد الله.  فالإنسان الطبيعي له طبيعة فاسدة موروثة من آدم بعد السقوط بالتسلسل الطبيعي.  وهذه الطبيعة لا تتحسن.  ولهذا ينبغي أن يولد ولادة جديدة من الله ليحصل على طبيعة جديدة وحياة جديدة مصدرها الله.

ثالثاً: كيفية الولادة من الله:

«إن كان أحد لا يولَد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله» (يو 3: 5).  عن هذا الأمر انقسم المسيحيون في تفسيره إلى فريقين:

  • الفريق الأول: يظن أن الماء الذي تكلم عنه الرب في هذا العدد هو ماء المعمودية فيقولون إن الروح القدس يعمل عملاً سرياً في الإنسان (الطفل) الخاطي أثناء معموديته في الماء فيولَد من الله؛ أي أنه يعتمد حتى يولَد ثانية.
    وبالنسبة لهذا الفريق نقول:
  • إن الرب يسوع قد تكلم عن المعمودية المسيحية بعد موته وقيامته، إذ قال: «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (مت 28: 19)، وأيضاً «اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.  مَنْ آمن واعتمد خلص، ومَنْ لم يؤمن يُدَنْ» (مر 16: 15، 16).

وواضح من هذين الشاهدين أن كلام الرب عن المعمودية جاء بعد قيامته من  بين الأموات، وأن المعمودية هي باسم الآب والابن والروح القدس، وأنها لكل الأمم أو للعالم أجمع يهوداً كانوا أم أمماً عندما يؤمنون إيماناً قلبياً بالمسيح أو يصيرون تلاميذاً  للمسيح فيعتمدون أي يتخصصون له.

  • المعمودية الوارد ذكرها في يوحنا 4: 1 «فلما عَلِمَ الرب أن الفريسيين سمعوا أن يسوع يصيّر ويعمِّد تلاميذ أكثر من يوحنا» هي كمعمودية يوحنا المعمدان لليهود التائبين فقط ليكونوا مستعدين لاستقبال المسيّا الملك.  وعن يوحنا المعمدان نقرأ «حينئذ خرج إليه أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن، واعتمدوا منه في الأردن، معترفين بخطاياهم» (مت 3: 5، 6).  ويوحنا نفسه قال للذين أتوا إليه ليعتمدوا منه: «اِصنعوا أثماراً تليق بالتوبة ... أنا أعمدكم بماء للتوبة» (مت 3: 8، 11).  وهذه ليست المعمودية المسيحية.
  • المعمودية في العهد الجديد رمز للموت وليس للولادة.  فهناك فرق بين الولادة التي كان الرب يتحدث عنها إلى نيقوديموس والتي تعني بدء الحياة الجديدة على الأرض، وبين الموت والدفن الذي ترمز إليه المعمودية والذي يعني نهاية الحياة القديمة على الأرض.

  يقول الكتاب:

«كل مَنْ اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته .. فدفنا معه بالمعمودية للموت .. إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته (أي المعمودية) نصير أيضاً بقيامته» (رو 3:6-5).

  • أما الفريق الثاني: الفريق الذي يفسِّر الماء بأنه رمز لكلمة الله، فالأدلة الكتابية لهذا التفسير هي كالتالي:
  • «يهطل كالمطر تعليمي ويقطر كالندى كلامي» (تث 2:32).
  • «مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة» (أف 26:5).
  • «وأرش عليكم ماء طاهراً فتطهرون من كل نجاساتكم .. وأعطيكم قلباً جديداً .. » (حز 25:36 - 27).
  • يقول الله للخطاة: «أميلوا أذانكم وهلموا إليَّ، اسمعوا (كلامي) فتحيا أنفسكم .. لأنه كما ينزل المطر والثلج (الماء) من السماء ولا يرجعان إلى هناك، بل يرويان الأرض ويجعلونها تلد وتنبت.. هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي» (إش 55: 3، 10، 11).
  • يقول يعقوب عن الله: «شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه» (يع 1: 18).
  • ويقول الرسول بولس للمؤمنين الذين بشرهم بالإنجيل في كورنثوس: «لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل (كلمة الله)» (1كو 4: 15).
  • ويقول الرسول بطرس عن المؤمنين: «مولودين ثانية، لا من زرع يفنى (رزع البشر)، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد» (1بط 1: 23).
    من هذه الشواهد الكتابية نرى أن الماء رمز للكلمة، وأن الولادة الجديدة تتم بواسطة الروح القدس والكلمة.

 (يُتبَع)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com