عدد رقم 3 لسنة 2002
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أحزان المسيح وأفراحه  

«إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً ... من تعب نفسه يرى ويشبع»
 (إش 10:53، 11)

على جبل الزيتون في لوقا 41:19 نرى مشهداً مؤثراً نرى حزناً عميقاً يكسر القلب - حزناً نبع من محبة لم تُقابَل بمثلها.  ونحن نختبر أحياناً مثل ذلك عندما لا نجد رداً للمحبة، مع هذا الفارق أن محبة المخلِّص تعلو وتطمو فوق كل محبة أخرى.  وعندما احتُقرِت هذه المحبة فإن شعوره بالحزن وانكسار القلب كان عميقاً جداً بقدر محبته الفائقة التي رُفضت.  ولذلك نقرأ القول «وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها».  لقد وضعوا عليه شراً بدل خير وبغضاً بدل حبه.  وبسبب محبته صاروا له خصوماً وأبغضوه بلا سبب.

لقد جاء ليشفي المنكسري القلوب.  فماذا كان رد فعل هؤلاء الذين كانوا يسمعونه في مجمع الناصرة؟ لقد امتلأوا غضباً وقاموا وأخرجوه خارجاً وجاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم موضوعة عليه حتى يطرحوه إلى أسفل (لوقا 4).  وعندما غفر الخطايا اتهموه بالتجديف (لوقا 5).  وعندما شفى الرجل ذا اليد اليابسة امتلأوا حمقاً (لوقا 6).  وعندما قَبِل خطـاة مساكين وأكل معهم قالوا: «هوذا إنسان أكول وشرّيب خمر» (لوقا 7).  وعندما أخرج الروح الشرير من الإنسان قالوا: «ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين» (لوقا 11).  ومع كل ما أظهره الإنسان من عداوة، فإن المسيح لم يبد أي تعبير للسخط أو المرارة أو الانتقام.  الذي إذ شُتِم لم يكن يشتم عوضاً. وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلِّم لمن يقضي بعدل.  إن قساوة قلوبنا قد أحزنته ولم تجد تعبيراتً سوى الدموع.

وفي النهاية هل رأيتم ما فعله يهوذا به؟ إنه «لم يذكر أن يصنع رحمة، بل طرد إنساناً مسكيناً وفقيراً ومنسحق القلب ليميته» (مز 16:109).  ونسمعه يقول في النبوة «فإني فقير ومسكين أنا، وقلبي مجروح في داخلي».  وحتى رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب كانوا يطلبون أن يقتلوه.  ومراراً كثيرة تشاوروا عليه لكي يقتلوه.  أي منظر هذا!

ففي خارج المدينة نرى المخلِّص ذا القلب المنكسر يبكي على الخطاة مشفقاً عليهم من القضاء المروع المزمع أن يأتي على يد تيطس الروماني.  وفي داخل المدينة نرى الخطاة الأشرار يطلبون أن يقتلوا المخلص ويسفكوا دمه ذاك الذي سكب دموعه عليهم.

ولكن بعد قليل جداً سنرى الإجابة المجيدة لتلك الدموع فإنه سيحتاط به جمهور عظيم من خطاة منكسرين خلصوا بالنعمة وقديسين رُدَّت نفوسهم بالنعمة في مشهد رائع بديع حيث «يمسح الله كل دمعة من عيونهم» وسوف لا يكون موت فيما بعد ولا حزن ولا وجع فيما بعد.  إنه عندئذ «من تعب نفسه يرى ويشبع».

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com