عدد رقم 2 لسنة 2002
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الصداقة والزمالة ..إيضاح لا بد منه  

وسط دوائر المعاملات والعلاقات الإنسانية والروحية المختلفة سواء مع إخوة مؤمنين أو أقارب أو زملاء أو معارف أو جيران، تحتل الصداقة مكانة متميزة.  فهي علاقة وثيقة جداً.  فليس كل تعامل صداقة، وليس كل زميل هو صديق.  فالصداقة علاقة خاصة، علاقة قرب شديد وتآلف ومحبة، فيها يتوافق الصديقان في مبادئ الحياة والأفكار والأهداف والرغبات الروحية والإنسانية.  «هل يسير اثنان معاً إن لم يتواعدا؟» (عا3:3).

والصداقة لها مكان في كيان الشخص لا يصلح أن يحتله كثيرون.  لأن «المُكثِر الأصحاب يُخْرِب نفسه» (أم 24:18).  بينما مجال الزمالة مفتوح ومتسع للكثيرين.

والصداقة هي إحدى العلاقات القريبة التي يسر الرب بأن يُدخلنا معه فيها.  فهكذا قال عن إبراهيم بكل إعزاز: «إبراهيم خليلي» (إش 8:41).

الصديق معه تحلو العشرة  وتود أن تقضي معه أطول وقت دون شعور بالملل.  «صديقي، الذي معه كانت تحلو لنا العشرة» (مز 13:55، 14).  هي المجال الذي يحلو فيه الحديث.  كما يحلو أيضاً تبادل الرسائل والهدايا وإظهار مشاعر المودة والمحبة الأخوية.

 الصديق هو الذي يسند صديقه في وقت الشدة «يوجد مُحب ألزق من الأخ» (أم 24:18).

الصديق هو الذي تفضي له بمتاعبك وتستأمنه على أسرارك وأفكارك الخاصة.  هكذا فعل الرب مع التلاميذ عندما قال لهم: «سميتكم أحباء (أصدقاء) لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي» (يو 15:15).

وبناء على ذلك المفهوم الكتابي للصداقة التي تتضمن عمق وخصوصية هذه العلاقة، كما رأينا، يصبح من غير المعقول والمقبول حدوثها بين شاب وفتاة قبل الزواج.  لأن وجودها يستلزم أن يصاحبها بالضرورة علاقة حب خاصة.  «هذا حبيبي (أولاً)، وهذا خليلي» (نش16:5).  بل دعونا نقول إن الزواج نفسه يحقق الاحتياج إلى هذا الصديق ويتضمن أرقى وأعمق أنواع الصداقة.  وهذا ليس موضوعنا هنا.

وبينما نضع المحاذير للصداقة بين شاب وفتاة قبل الزواج.  فإن هذا يختلف تماماً عن التعامل مع الزملاء والأقارب والمعارف فهذه علاقات ضرورية تفرضها الظروف ويفرضها المكان.  وهي علاقة تعامل طبيعية تنتهي تلقائياً بانتهاء وقت العمل أو الموقف الخاص الذي تفرضه طبيعة العلاقة أو الظروف مثل الدراسة أو العمل أو الخدمة الروحية.  ولا غبار على ذلك.

ولكن أيضاً التعامل بين الشاب والفتاة في هذه الدوائر تحكمه بعض المبادئ الضرورية على سبيل المثال:

  1.  المبادئ الاجتماعية: فما هو مناسب لمجتمع قد يكون غير مناسب لمجتمع آخر. والمؤمن حفاظاً على شهادته ينبغي أن يلاحظ المبادئ السائدة في مجتمعه، ولا يجعل عثرة في شيء لئلا تُلام الشهادة أو الخدمة.
  2.   المبادئ الروحية: أهمها السلوك في النور، والسلوك علناً أمام الجميع وليس في الخفاء وبالتساوي مع الجميع من الجنس الآخر.  وليس فيه تخصيص.  ولا يوجد ما يخشاه الشخص أن يظهر أمام الآخرين (خفايا الخزي).
  3. نوع الشخصية: فهناك الشخصيات الانبساطية التي تتعامل بلا تعقيد أو خجل وهذا الأمر لا يشكل مشكلة بالنسبة لهم، وينتهي الأمر ذهنياً بانتهاء التعامل مباشرة.  وهناك شخصيات أخرى عكس ذلك فهم يشعرون بشدة بالخجل والحذر عند التعامل مع الجنس الآخر وهذا يمثل ثقلاً على ضمائرهم وإرباكاً لأذهانهم.  فهؤلاء يفضل أن يكون تعاملهم في الحد الأدنى.  وسواء هذا أو ذاك فحسب تكوينه النفسي ونوع شخصيته فليسلك بحسب ذلك.  ولن يؤثر هذا على نضوجه النفسي أو الروحي.  ولن يؤثر هذا على اختيار شريكة الحياة فهو يعتمد على الرب في هذا الأمر.  ولن يؤثر على خدمته لأن الرب هو الذي سيفتح لكل واحد مجال الخدمة كما خلقه وشكل

شذرة
  سار أخنوخ مع الله في علاقة الصداقة والألفة والقرب 300 سنة، مر خلالها بأيام حلوة وأيام صعبة، في صحو وغيم، في صحة ومرض، في رحب وضيق.  ولم يجد رفيقاً يحكي معه ويستريح له سوى الله وأخيراً لم يوجد لأن الله أخذه ليستمتع بحديث أروع وأطول مع الله في السماء:
إذ تواليني الحديث في الطريق    مثلما يحكي الصديق للصديق

       إذ معي تسير أنت لي رفيقي     كل درب العمر في رحب وضيق

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com