عدد رقم 6 لسنة 2004
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
السير مع الله  

«وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه» (تك 24:5)

«كان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله.  وسار نوح مع الله» (تك 9:6)

عزيزي القارئ ..

  • هل تريد أن تسير مع الله؟ إنني أيضاً مثلك أريد أن أسير مع الله.  لكن ماذا نفعل –أنت وأنا- لنسير مع الله؟

    أولاً يجب أن نعبر تلك الهوة السحيقة التي تفصلنا عن الله وهي الخطية.  ولا توجد طريقة نعبر بها تلك الهوة سوى دم المسيح الذي يكفِّر عن خطايانا، «وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة!» (عب 22:9).
  • فإن كنا قد عبرنا تلك الهوة، فكيف نسير في أيام غربتنا مع الله؟
  • وما معنى السير مع الله؟

    السير مع الله يعني أن أعيش يومي متمتعاً بحضرته، وأن أبدأ يومي بالشركة الهادئة معه، وألا أُفرِّط في هذه الشركة طوال اليوم.  في بيتي، في عملي، في سيري بالشارع، في قيامي بكل ما وُكِّل إليَّ من أعمال أيّا كان نوعها، في أكلي، في شربي، في حديثي مع أصدقائي وجيراني، في خلوتي، في رفقتي، أستطيع في كل ذلك أن أتحدث إليه وأسمعه يتحدث معي، ولا أفقده أبداً طوال اليوم.
  • وما هي نتائج هذه الشركة والسير مع الله؟
  1. الفرح الغامر  
  2. الأمان والسلام
  3. الاستنارة الروحية 
  4. نقاوة القلب والسيرة
  5. جمال الصفات الأدبية 
  6. التأثير الإيجابي على الآخرين
  7. رضى الله وسروره.

أولاً: الفرح الغامر: أو بمعنى آخر الشبع من السرور والنعم: «تُعرِّفُني سبيل الحياة.  أمامك (أي في حضورك) شبع سرور.  في يمينك نعم إلى الأبد» (مز 11:16).

لا يتكلم هنا فقط عن سروره في يوم قادم، وإنما هو يتكلم عن سرور دائم ومستمر في محضر الله.  ومن أكثر بواعث السرور في قلب الإنسان: الرفقة الحبية والمُخْلِصَة.  فنحن قد اختبرنا ولا شك تلك السعادة التي نجنيها من رفقة الأصدقاء المُحبين هنا على الأرض، ولكن هذه لا تقارن برفقة الرب عندما نتحدث إليه ويتحدث إلينا بصوته الرقيق؛ عندما نستشيره في أمورنا فينصحنا، وعندما نشركه في همومنا فيعزينا، في أفراحنا فيشاركنا، في حيرتنا فيرشدنا، في يأسنا فيشجعنا، عندما نشركه في كل شيء فيغمرنا بالأفراح والتعزيات.

ثانياً:  الأمان والسلام: «جعلت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني فلا أتزعزع» (مز 8:16).

أمان وسلام؟! في الظروف السهلة والمريحة فقط؟ كلا، بل في كل الظروف وكل الأحوال .. هل الظلام مستديرٌ بي؟ هل الأعداء يطرقون بابي؟ هل الشر حولي من كل جانب؟ هل بحر حياتي قد اضطرب؟ هل العش الهادئ قد اهتز بعنف بفعل الريح العاتية؟ اسمع ما يقوله داود: «جعلتُ الربَّ أمامي في كل حينٍ» أي أنني في محضره في كل حين- والنتيجة؟ «لأنه عن يميني فلا أتزعزع».  مهما حدث فلن أتزعزع.  في كل الظروف سأسمع صوته يقول لي: «لا تخف لأني معك.  لا تتلفت لأني إلهك.  قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري» (إش 10:41) وعندئذ سأجيبه أنا: «إن نزل عليَّ جيش لا يخاف قلبي.  إن قامت عليَّ حربٌ ففي ذلك أنا مطمئن.  واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس: أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب، وأتفرَّس في هيكله» (مز 3:27،4).

ثالثاً:  الاستنارة الروحية: أرأيت كيف كانت لأخنوخ استنارة روحية؟! ذلك الرجل عاش قبل مجيء الرب يسوع، في الجسد، بآلاف السنين؟! كيف عرف أخنوخ عن ظهور الرب ومجيئه في ربوات قديسيه؟ أليس من سيره مع الله.  ربما كان الوحيد في يومه الذي كانت له هذه الاستنارة الروحية؛ هل كان لاهوتياً عظيماً حصل على أعلى درجات علم اللاهوت؟ كلا، لقد كان إنساناً بسيطاً تعلَّم في مدرسة الله، وبالشركة المستمرة مع الله عرف ما لم يعرفه أحد.

عزيزي .. عندما تريد أن تعرف أكثر عن الحق الكتابي، لا تسأل العلماء الجهابذة.  بل أدلك على الشخص الذي تسأله: اسأل شخصاً له شركة عميقة ومستمرة مع الله، وهناك ستجد عنده الإجابات الصحيحة لكل تساؤلاتك.

رابعاً:  نقاء القلب والسيرة: كم ستختلف الأمور عندي عندما أكون في محضر الله.  كم من كلمات سأمتنع عن التفوه بها.  كم من أفكار رديئة سأستبعدها تماماً، كم من أعمال سأرفض القيام بها.  كم من مشاعر سأحكم عليها في محضر الله.  بالإجماع فإن كل ما يختص بي، في محضر الله، سيكون نقياً طاهراً متناسباً مع حضرته القدسية.  «مَنْ يصعد إلى جبل الرب ومَنْ يقوم في موضع قدسه؟ الطاهر اليدين والنقي القلب».

خامساً:  الجمال الأدبي: إن جمال الصفات الأدبية هو النتيجة الحتمية لوجودي في محضر الله، وهو التغيير الذي يحدث في كياني دون أي مجهود مني.  فنحن عادة نأخذ شكل وصفات مَنْ نعاشرهم، وهذا هو ذات ما حدث مع موسى فوق الجبل «كان هناك عند الرب أربعين نهاراً وأربعين ليلة .. وكان لما نزل موسى .. أن جلد وجه صار يلمع في كلامه معه» (خر 28:34،29).  وهذا امتياز يمنحه الله لنا، وجمالاً يُضفيه علينا، وروعة يُكللنا بها، فيراه فينا الآخرون ويمجدوا الله بسببنا.

سادساً:  التأثير الإيجابي على الآخرين: مهما قدَّم العلم من خدمات للبشرية فإن التأثير الإيجابي الذي يحدثه شخصٌ في الآخرين لا يأتي عن طريق العلم والتكنولوجيا، وإنما عن قوة مؤثرة من أولئك الأشخاص الذين تعودوا المكوث في حضرة الله.  حقاً إنهم يمتلكون قوة تأثيرية عجيبة، وهو ما شاهدناه وأدركناه بأنفسنا في معاملاتنا مع أولئك الأشخاص.  إن أشخاصاً أمثال أخنوخ ونوح أثروا إيجابياً على النفوس بمقدار يفوق ما قدمه العلم والعلماء، للبشرية.  وهكذا -أنت وأنا- إن مكثنا طويلاً في محضر الله، فبدون كلام أو وعظ، وبدون منابر أو خطب، نستطيع أن نؤثر تأثيراً أدبياً إيجابياً لو تمتعنا طويلاً بمحضر الله.  هكذا كان تأثير أليشع على الشونمية عندما قالت عنه: «علمت أنه رجل الله، مقدَّسٌ الذي يمر علينا دائماً» ذلك لأنه اعتاد الوقوف أمام الرب.

سابعاً:  رضى الله وسروره: هذا هو قمة النتائج وأفضلها إطلاقاً.  إننا بالشركة مع الله نُرضيه ونُشبع قلبه.  حقاً إن الله يطلب فينا ثمراً متكاثراً، ولكنه بالأولى يطلب قلباً محباً متعلقاً به.  هذا هو سروره.  وهل هناك ما هو أعظم من أن أعمل سروره وأُشبع قلبه.

ليتنا نتمتع بالشركة المستمرة مع الله فنتمتع بالتالي بجميع هذه النتائج المجيدة: الفرح الغامر، والأمان والسلام، والاستنارة الروحية، ونقاوة القلب والسيرة، والجمال الأدبي، والتأثير الإيجابي على الآخرين وأيضاً رضى الله وسروره.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com