«أقيم لأجل تبريرنا»
(رو 25:4)
(5) القيامة وارتباطها بإحياء الأجساد المائتة
«وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم»
(رو 11:8)
تُعَلِّمنا كلمة الله بوضوح ما يلي:
أولاً: أن لقيامة المسيح وجهين:
-
أن الابن، بسلطانه الإلهي وقوته، أقام نفسه (يو 18:2-21، 17:10، 18؛ رو 4:1).
-
أن الآب، بقوة الروح القدس، أقام المسيح (عب 20:13؛ رو 11:8؛ أع 24:2؛ 1بط 18:3).
ثانياً: أن الفداء، وهو خلاص وعتق الإنسان من حالته، إنما هو بمقتضى قوة الروح القدس:
هي قوة تُعطي المؤمن إمكانية القداسة في حياته (رو 13:8،14؛ غلا 16:5،17) وتمتد حتى تشمل تغيير جسده أو إقامته من بين الأموات، وهذا هو كمال الفداء بالنسبة للمؤمن (رو 23:8؛ أف 30:4؛ 1كو 51:15-57؛ 1تس 13:4-18؛ في 21:3).
ثالثاً: أن الروح القدس يسكن في كل مؤمن:
«أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله ..؟» (1كو 19:6). «ولكن إن كان أحدٌ ليس له روح المسيح. فذلك (الإنسان) ليس له (ليس للمسيح)». أي أنه ليس مؤمناً مسيحياً على الإطلاق (رو 9:8).
رابعاً: إن حقيقة كون الروح القدس يسكن في أجسادنا هي الضمان بأنه كما أن الله أقام المسيح الأموات، سيُحيي أجسادنا المائتة بروحه الساكن فينا:
«وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم» (رو 11:8).
والأجساد المائتة هي الأجساد المادية التي في طريقها إلى الموت. ففي كورنثوس الأولى 15 نقرأ «هوذا سرٌ أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كُلنا نتغيَّر، في لحظة في طرفة عين، عند البوق الأخير. فإنه سيُبوَّق، فيُقام الأموات عديمي فسادٍ، ونحن نتغيَّر. لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موتٍ» (1كو 51:15-53).
الجسد الفاسد هو جسد الذين رقدوا، أي الجسد الذي دخل القبر وفسد بالموت. لكن الجسد المائت هو جسد الأحياء الآن على الأرض، أي الجسد الحي القابل للموت. وعند مجيء الرب لأجل قديسيه، فإن الفاسد يقوم من بين الأموات ويلبس عدم فساد، أما المائت، أي الذي لم يمت فعلاً ولكن عوامل الموت تعمل فيه، فيلبس عدم موت.
«وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم» (رو 11:8) أي أن المؤمنين الحقيقيين، الذين يسكن في أجسادهم المائتة الروح القدس، والذين يبقون أحياء إلى مجيء الرب، سيلبسون مسكنهم الجديد الذي من السماء فوق أجسادهم المائتة، وبذلك «يُبتلَع المائت من الحياة» (2كو 1:5-4). أي أن الحياة الأبدية تبلع الموت الموجود في هذا الجسد المائت فيَلْبَس عدم موتٍ، وعندئذ تتمتع أجسادنا بملء وغمر الحياة الأبدية، وهذا يكون آخر عمل مُتمِّم لفدائنا، عندما تتمجَّد أجسادنا وتُصبح على صورة الجسد المجيد للرب يسوع المسيح (أف 30:4).
***
أيها الأحباء .. إن الرب يسوع المسيح -له كل المجد- قد أكمل عمل الفداء بلا شك على الصليب. ولكن الذي امتلكه المؤمنون منه حتى الآن هو افتداء أرواحهم من الهلاك الأبدي، فإذا انطلقت الروح من الجسد فإنها تنطلق إلى السماء، أما افتداء الأجساد من الموت والقبر ومَشَاق الحياة الحاضرة فهذا يتم في مجيء الرب، لأنه تعيَّن علينا أن نقضي بقية من العمر في عالم يخضع لقوانين معينة، ويلزم أن نبقى في أجسادنا هذه التي تتلاءم مع هذه القوانين إلى أن تكمل خدمتنا وشهادتنا، لذلك يُقال: «نحن الذين لنا باكورة الروح، نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا، مُتوقِّعين التبنِّي فداءَ أجسادنا» (رو 23:8) ولا يكون هذا إلا عند مجيء الرب لاختطافنا بتغيير أجسادنا، «سيغيِّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كلَّ شيءٍ» (في 21:3)
«آمين تعال أيها الرب يسوع»