عدد رقم 4 لسنة 2004
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ما هو فكر الله من جهة المال؟  

وهل المال بركة أم لعنة؟

لأن كلمة الله تكلمت عن كل ما هو نافع ومفيد للحياة، لم تغفل أن تذكر لنا الخطوط الأساسية للمال باعتباره يمثِّل ركناً هاماً في الحياة والتعامل بين الناس.  ولأن المال رغم كونه عطية من عطايا الله الصالحة، إلا أنه قد يكون سر البلاء والشقاء.  لذلك رأينا أن نتجول معاً في كلمة الله لنرى ما هو فكره من جهة المال الذي بين أيدينا في النقاط الآتية:

  1. المال هو منحة من الله: مهما تكن لنا المهارات والقدرات لاكتسابه، لا يجب أن نغفل أن الله هو الذي أعطانا هذه القدرة لاكتسابه مثلما قال للشعب قديماً (تث 17:8،18) فكل الوزنات الطبيعية التي نستخدمها في الفهم والعمل مصدرها الله؛ لذلك جدير بنا ونحن  نتمتع بعطايا الله أن نهتف مع بولس عن الله:«الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع» (1تي 17:6).
  2. ليست حياتنا من أموالنا: قال الرب يسوع بفمه المبارك لشخص عرض عليه مشكلة كان سببها الطمع: «انظروا وتحفَّظُوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله» (لو 15:12).  أي أن المال رغم أنه وسيلة جيدة للتعامل إلا أن هناك أموراً لا تُشترَى بالمال مثل الحياة.  فقد يكون هناك شخص يمتلك المال يستطيع أن يشتري به سريراً لكنه لن يمنحه النوم، أو يشتري به دواءً لكنه لن يمنحه الشفاء، أو يشتري به طعاماً لكنه لن يمنحه الشهية.  وأعتقد أن الرب من وراء هذا القول كان يقصد أكثر من هذا، فأراد أن يُعلِّمنا أن حياتنا تستمد وجودها من الله نفسه (أع 27:17).
  3. المال لا يمنح السعادة: «لقمة يابسة ومعها سلامة، خيرٌ من بيت ملآن ذبائح مع خصام» (أم 1:17).  فالسعادة سببها الرئيسي هو العلاقة الصحيحة مع الله، فقد نوجد في ظروف ما أمرَّها، لكننا نختبر فرح الرب في تلك الظروف.  ولنتذكَّر بولس وهو مُقيَّد وفي مشهد المحاكمة وهو يقول: «إني أحسب نفسي سعيداً» (أع 2:26).  فالمال لا يعطي السعادة وإذا أعطى تكون دائماً سعادة مزيفة تُخْفِي وراءها الكثير من التوتر والقلق والخوف وعدم الراحة.
  4. المال غير يقيني: «أوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغِنَى بل على الله الحي» (1تي 17:6).  نرى بأعيننا ولا نحتاج إلى تأكيد أن كل شيء في الحياة على الأرض متغير وغير يقيني والمال من ضمن هذه الأشياء.  فهو يأتي ويذهب، وقد يكون شخص عنده الكثير ومن الممكن أن يفقد كل ما عنده لسبب أو لآخر.  قيل عن الذهب والفضة، باعتبارهم من أقدم العملات المادية في الكثير من الأماكن، إن الذهب سُمي ذهب لأنه سريعاً ما يذهب والفضة لأنها سريعاً ما تفض.
  5. المال نذخر  به أساساً حسناً للمستقبل:  يوصي الكتاب الأغنياء أن يصنعوا صلاحاً وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة وأن يكونوا أسخياء في العطاء كُرماء في التوزيع، مُدخرين لأنفسهم أساساً حسناً للمستقبل، لكي يُمْسِكُوا بالحياة الأبدية (1تي 18:6،19).  فالمال عندما يُسْتَثْمَر لمجد الله وذلك بإنفاقه في مجالات الخدمة المختلفة، فإننا نُحوِّله إلى أمور أبدية وباقية لا يمكن أن نفقدها.
  6. نحن وكلاء عليه ولسنا مُلاك له:  في مَثَل وكيل الظلم (لو 1:16-15) وضَّح الرب لنا أن هذا المال الذي نملكه هو للغير، وقال إذا كنتم غير أُمناء فيما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم.  والغير هنا هو الرب فالمال ماله ونحن ما إلا وكلاء عليه.  فما أجمل داود عندما كان يُعطي وهو يقول: «من يدك وأعطيناك» (1أخ 14:29) وبناء على هذا يجب أن نعتبر ونحن ننفق من مال الرب أن العشور ليست فقط هي مال الرب بل الكل (في عهد النعمة لم يطلب الرب العشور فقط بل قال أعطوا بسخاء فلم يضع حدوداً للعطاء؛ بمعنى أنه طالما أنتم قريبون من قلب الله المتدفق بالعطاء المستمر لكم، يجب أن تتعلَّموا العطاء بلا حدود).  ومرة سُئل واحدٌ: كم تُعطي من مالك للرب؟ فرد: بل كم آخذ من مال الرب لإنفاقه في احتياجاتي؟ فلهذا يجب علينا، إن كنا نُجنِّب جزءاً من المال لإنفاقه في عمل الرب، أن نكون حريصين في التصرف في الباقي.  فسيأتي يوم فيه نُعْطِي حساب وكالتنا ليس فقط عن الجزء الذي خُصِّص للرب بل عن الكل.
  7. لا يجب أن نتكل عليه: قال الرب مرة: «ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله» (مر 24:10) وقال أيوب مرة: «إن كنت قد جعلت الذهب عمدتي أو قلت للإبريز أنت مُتكلي .. أكون قد جحدت الله من فوق» (أي 24:31،28).  المشكلة تكمن في اعتبار المال اعتماد الحياة وركيزة المستقبل.  لذلك يجب أن نُفرِّق بوضوح بين الادخار والاتكال.  فالادخار هو تجنيب الفائض لصرفه مُستقبلاً كما يقودنا الرب، واثقين أن سندنا الوحيد هو الرب نفسه وليس المال.  أما الاتكال عليه فهو الاطمئنان والأمان لوجوده وهذا له تحذير من الرب: «مَنْ يتكل على غناه يسقط» (أم 11:28).
  8. خطورة اشتهائه:  «لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة» (1تي 10:6) لسبب محبة المال سقط الكثيرون في جرائم وخطايا بلا عدد.  حقاً إنه أساس كل الشرور والبلاء والشقاء.
  9. المال قد يصبح سيداً لا عبداً:  من كلمة الله الصادقة نفهم أن كل أمور العالم بما فيها المال، وسيلة لا غاية، نستعمله لما فيه تحقيق قصد الله في حياتنا.  «والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه لأن هيئة هذا العالم تزول» (1كو 31:7)، لكن المال من الممكن أن يتحوَّل إلى سيد فلنتذكر قول الرب: «لا يقدر أحد أن يخدم سيدين .. لا تقدروا أن تخدموا الله والمال» (مت 24:6) فالخطورة هنا، ليست فقط في أنه وُضع في موضع المنافسة مع الله، بل كلمة «يخدم» التي جاءت عن المال تعني: "عبادة".
  10. المال وتدبير طريقة إنفاقه: مع إيماننا العظيم بأن الله يهتم بالغد والذي يهتم بالعصافير يهتم بنا نحن الذين أفضل منها، فهذا لا ينفي أن المؤمن يجب أن يُنظِّم حياته وأوجه إنفاقه سواء ما يخصه أو ما يخص الرب.  «سعيد هو الرجل الذي يترأف ويقرض يدبر أموره بالحق» (مز 5:112).
  11. اكتفاء لا اكتناز: يجب أن يكون واضحاً في سعينا أننا نريد تحقيق اكتفائنا منه أو ما يُسدِّد حاجتنا.  فلا نركض في الحصول عليه بغرض الاكتناز أو لتحقيق ثروة، بل كما يقول الرسول: «إن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما» (1تي 8:6).

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com