عدد رقم 6 لسنة 2006
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مَحَبَّةِ الْمَال - 3  

«لأنَّ مَحَبَّة الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ ...  و َأمَّا أنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا»  (1تي6: 11،10)

تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة يوميًا عن حوادث رهيبة يلعب فيها المال دورًا رئيسيًا؛ فكم من جرائم قتل، وعمليات تزوير ورشاوي، وأيضَا حروب وخصومات تحدث بسبب محبة المال، وكم فرَّق بين الأهل والأحباب وأوقع بين الخِلاَّن والأصحاب، وهذا كله بسبب هذا السيد المتحكِّم الذي اسمه المال، والذي يسود الآن على البشرية جمعاء، ولا سيما في هذه الأيام التي اتصف فيها الناس بمحبة المال، وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على أننا في الأيام الأخيرة، كما أنبأ الكتاب المقدس بالقول: «في الأيام الأخيرة .. الناس يكونون .. مُحبِّين للمال» (2تي3: 2،1).

سيادة المال

وقد يكون المال سبب نكبة لصاحبه، فبسبب محبته له يستطيع أن يسبي قلبه فيكرِّس له الوقت والجهد لجمعه، ويقيس الآخرين بمقدار غناهم، بل ويربط السعادة بما يملكون من مال.

ومكمن الخطر في هذا أن يتحول المال إلى سيد، فبدلاً من أن يَخْدِم المال مالكه يُخْدَم هو من مالكه، بل ويستعبده، ويُبعِده عن الله.  وفي هذا الأمر يحذرنا الرب بالقول: «لا يقدر أحد أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال» (مت24:6)، هنا نرى مدى تأثير المال على الشخص الذي يحبه، فإنه ممكن أن يبغض الله، بل أيضًا يتركه ويحتقره ويلازم المال ويحبه.

ما هو هدف حياتك؟

ولنحترس ألا يكون المال هدف حياتنا، كى نقتنيه أو نختزنه. إنه فقط وسيلة لتسديد أعوازنا واحتياجاتنا.  فقد قال الجامعة: «كل إنسان أعطاه الله غنىً ومالاً وسلّطه عليه حتى يأكل منه، ويأخذ نصيبه، ويفرح بتعبه، فهذا هو عطية الله» (جا19:5)، ويحذرنا سليمان بالقول: «لاَ تتعب لكي تصير غنيًا» (أم4:23).  فإذا كانت غايتنا أن نكون أغنياء بأية طريقة، فهذا سيقودنا الى السقوط في فخ إبليس. «وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء، فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة، تغرق الناس في العطب والهلاك» (1تي9:6)، فيجعلنا نلجأ إلى وسائل وطرق شريرة للحصول على المال.  لكن إن أراد الرب أن يُغني أحدًا فإنه لايُعدَم وسيلة لتتميم قصده، لأن «الرب يُفقِر ويُغني» (1صم7:2).  وكما قال الرب لسليمان: «أعطيك غنىً وأموالاً وكرامة» (2أخ12:1).  وهذا ما فعله الرب مع حزقيا «لأن الله أعطاه أموالا كثيرة جدًا» (2أي29:32).  وفي أي الأحوال يجب أن نشكر الرب على ما بين أيدينا.
كيف نتصرف فيما بين أيدينا من مال؟

  1. يجب أن نكون وكلاء أمناء عليه (لو11:16).  فالرب سيقول لكل منا: «أعط حساب وكالتك».
  2. نُكرم الرب به «أكرم الرب من مالك» (أم9:3)، وذلك في الأعمال الصالحة والعطاء (1تي18:6)، وفعل الخير والتوزيع (عب16:13)، أى نستثمره لمجد الله، كما فعلت النسوة مع الرب إذ «كن يخدمنه من أموالهن» (لو3:8).
  3. لا نُبذِّره بعيشٍ مُسرف (لو14:15).

دوافع محبة المال

  1. التظاهر والإفتخار وأخذ مكانة بين المجتمع «هكذا قال الرب: .. لا يفتخر الغني بغناه» (إر23:9).
  2. الإطمئنان لضمان المستقبل خوفًا من الغد، يقول الرب: «لا تهتموا للغد» (مت34:6).
  3. حب الإقتناء «لتكن سيرتكم خالية من محبة المال» (عب5:13).
  4. غيرة من الأغنياء الآخرين، مثل آساف (مز3:73).
  5. السعى لكسب رضا الناس وتقديرهم لأن «محبو الغني كثيرين» (أم2:14)، وأيضًا «الغني يُكثر الأصحاب» (أم4:19).

تأثير محبة المال

  1. الافتخار والكبرياء: يوجد أناس «بكثرة غناهم يفتخرون» (مز6:49)، مثلما «عدَّد .. هامان عظمة غناه» (أس11:5)، ويقول بولس لتيموثاوس: «أوص الأغنياء أن لا يستكبروا» (1تي17:6).
  2. احتقار الآخرين والقسوة عليهم: لأن «الغني يجاوب بخشونة» (أم23:18).
  3. التسلُّط: «أ ليس الأغنياء يتسلطون عليكم؟» (يع6:2؛ أم7:18).
  4. الإتكال على المال دون الله: ويحذِّر الله الأغنياء أن لا يتكلوا على غير يقينية الغنى بل على الله الحي (1تي 17:6).
  5. يقود إلى فعل الشر: مثل الكذب (من حنانيا وسفيرة أع 5)، الغدر والخيانة (من يهوذا)، نُكران الجميل (من نابال)، تشويه الخدمة (من جيحزي)، ... وشرور أخرى كثيرة.
  6. يضل عن الإيمان: مثل: الشاب الغني (لو23:18)، وقد قال الرب «ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله» (مر23:10).  كما أنه يخنق الكلمة فتصير بلا ثمر (مت 22:13).
  7. يسبي القلب والفكر: «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا» (مت21:6).
  8. يفقد الشهادة والتلمذة: (مثل جيحزي)، وقد قال الرب: «كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله (أى يخصص ما يعطيه الرب له لمجده)، لا يقدر أن يكون لي تلميذا» (لو33:14).
  9. يعوج القضاء: مثل ابني صموئيل عندما «أخذا رشوة وعوجا القضاء» (1صم3:8).

ما الذي يقينا من السقوط في هذه الخطية؟

  1. الشركة والعلاقة مع الرب: كما قال دانيال لبيلشاصر: «لتكن عطاياك لنفسك وهب هباتك لغيري» (دا17:5).
  2. الشبع بالرب والإكتفاء به: لهذا السبب رفض إبراهيم عطايا ملك سدوم: (تك14: 23،22)، وأيضًا أعطى زكا نصف أمواله للمساكين (لو8:19).
  3. الاكتفاء بما عندنا: كما يقول الكتاب: «كونوا مكتفين بما عندكم» (عب5:13).  عندما نعرف أننا غرباء وأن الرحلة قصيرة.
  4. إكرام الرب من مالنا: فيرخص المال في أعيننا، مثل المرأة التي أعطت الفلسين وهو «كل ما عندها» (مر41:12)، وكذلك كنائس مكدونية أعطوا فوق الطاقة (2كو8: 1-3).
  5. عندما ندرك أننا وكلاء أمام الله على المال الذي معنا وسنعطي عنه حسابًا.

عزيزي ... اسأل نفسك، لمن أنت تعيش؟ وما هو غرض حياتك؟ إننا يجب أن نعيش للرب ونشهد له، لا لكي نكنز ونغنى.  ويوصينا الكتاب بالقول «لتكن سيرتكم خالية من محبة المال» (عب5:13).  وهذا ما تميزت به الكنيسة الأولى «ولم يكن أحد يقول إن شيئًا من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركًا» (أع32:4).

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com